أربيل: شيرزاد شيخاني يبدو أن التهديدات التي أطلقها حزب العمال الكردستاني بوقف عملية السلام قد آتت ثمارها. فمع الإعلان عن وقف انسحاب مقاتليه من داخل الأراضي التركية سارعت الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان إلى إرسال رئيس جهازه الاستخباري (ميت) إلى جزيرة إيمرالي للقاء زعيم الحزب المعتقل عبد الله أوجلان والتباحث معه حول ضمان سير العملية التي جاءت بمبادرة منه، في وقت سعت فيه حكومته إلى التحضير لإطلاق حزمة من الإصلاحات الديمقراطية التي يفترض أن تعلن في غضون الأيام القادمة خلال مؤتمر صحافي. وهي إصلاحات تهدف إلى أرضاء الحزب الكردستاني وضمان استمراره بالعملية السلمية. فقد نقلت مصادر تركية أن أردوغان أكد خلال كلمة له بافتتاح معرض تجاري بمدينة إسطنبول التركية، أن حكومته تضع اللمسات الأخيرة على حزمة من القرارات التي تسهم بدمقرطة الدولة، ومن المتوقع أن تعلن تلك القرارات الأسبوع القادم في مؤتمر صحافي». وأعرب أردوغان عن أمله بأن يتمكن 76 مليون مواطن تركي من العيش بسلام وأن يحترموا حقوق بعضهم بعضا. من جانبه أكد نائب أردوغان بشير أتالاي أن العملية الديمقراطية ستستمر، وهي عملية واسعة ومهمة ومتشعبة ستسهم بحل معظم القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية ودمقرطتها، و«ننتظر رجوع أردوغان من جولته الخارجية لنبدأ بإصدار حزمة من القرارات التي تسهم بدمقرطة المجتمع التركي». وشكك قيادي بحزب العمال الكردستاني بتلك القرارات وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من مكتبه بجبل قنديل أن أسلوب إصدار تلك القرارات المزعومة بحد ذاته هو أسلوب غير ديمقراطي، لأن الديمقراطية تعني التشاور والتفاهم بين جميع القوى السياسية، وصدور القرارات في ظل الأنظمة الديمقراطية يفترض أن تصدر بالتوافقات السياسية، ولكن القرارات التي تزعم حكومة أردوغان بإصدارها، هي قرارات أحادية الجانب من قبل حزبه، فهم لم يتشاوروا مع أي طرف بشأن تلك القرارات، وعلى الأخص الطرف الكردي الذي هو المعني بتلك القرارات. وقال زاكروس هيوا، عضو قيادة منظومة المجتمع الكردستاني إن «القرارات القادمة مفروغة من كل محتوى ديمقراطي، فليس هناك أي ضمان لإعطاء حق التعلم باللغة الكردية، ورغم أن هذا الحق طبيعي مثل حق الإنسان بالحياة، لكن الدولة التركية تمنع حق التعليم باللغة الأم على الشعب الكردي، كما أن القيود المفروضة على الكرد بالترشح للانتخابات ما زالت سارية، ولن تتطرق القرارات القادمة إلى ذلك، فكيف يمكن الوثوق بقرارات تمنع أهم حقوق المواطن في إطار أي ديمقراطية معتمدة بدول العالم»، وأضاف هيوا: «إن رئيس الوزراء أردوغان وحزبه يريدون تفصيل الديمقراطية على مقاسهم كما فعل محمد مرسي بمصر، وهذا أمر مرفوض سياسيا وشعبيا». وبسؤاله عما إذا كان هذا الموقف يعني بأنهم سيستمرون بمهلتهم الممنوحة لحكومة أردوغان لنهاية الشهر الحالي للإيفاء بالتزاماتها تجاه حل القضية الكردية، أو العودة للمربع الأول بنسف مبادرة أوجلان السلمية قال القيادي الكردستاني: «هم غير مقتنعين بعملية السلام أصلا، وليسوا جادين بخطواتهم، فهم يخافون ويرتعبون حتى من موتانا، فينبشون قبورهم ويستخرجون رفاتهم كما حصل في الفترة الأخيرة، وهم لا يعترفون بحق المواطن بالتكلم والتعلم بلغته الأم، هم يرفضون الترشح للانتخابات وعدم إتاحة فرصة المساواة بين أفراد المجتمع، هذه بمجملها تعكس ذهنية الحكام الترك ومعاداتهم للقضية الكردية، فكيف سنثق بهم وبحزمة من القرارات التي لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الشعبية، ناهيك بحل قضية معقدة بوزن القضية الكردية بتركيا، لذلك فإن مهلتنا ستستمر إلى نهاية الشهر الحالي وعندها سنقرر ما نفعله تجاه عملية السلام برمتها». وحول زيارة رئيس الاستخبارات التركي لزعيم الحزب بسجن إيمرالي قال زاكروس هيوا: «هذه الزيارة بدورها تعكس لا ديمقراطيتهم، فهم من يقررون الأشخاص الذين يزورون أوجلان، والزيارات ممنوعة عنه باستثناء زيارات شهرية، ومع ذلك فلم تصلنا بعد أية أنباء من أوجلان حول مضمون تلك الزيارة وما دار فيها». في غضون ذلك نقلت تقارير إخبارية أن عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني هاجمت بالقنابل موقعا قيد التشييد في منطقة عسكرية جنوب شرق تركيا ليلة أمس، وخطفت أربعة عمال واحتجزتهم لفترة قصيرة. وذكرت صحيفة «توداي زمان» التركية الجمعة أن مقاتلي الحزب اقتحموا موقع تشييد وخطفوا أربعة من عمال البناء في منطقة بيرفاري في محافظة سعرت. وأضافت أنه «قبل خطف العمال، زرعت تلك العناصر كثيرا من القنابل حول موقع التشييد ثم قاموا بتفجيرها مما تسبب بحدوث أضرار جسيمة. وقالت الصحيفة إن مسلحي حزب العمال الكردستاني احتجزوا تحت تهديد السلاح العمال واقتادوهم إلى مناطق غابات ثم أطلقوا سراحهم. إلى ذلك يستعد رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني للقيام بزيارة إلى تركيا للقاء قادة الحكومة هناك والتباحث معهم بشأن تطورات المنطقة وعملية السلام بتركيا. ونقلت وسائل الإعلام المحلية عن وكالات تركية قولها إن بارزاني سيلتقي برئيس الدولة عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ومسؤولين آخرين وستتصدر مباحثاتهم تطورات الوضع الإقليمي، والمؤتمر القومي الكردي المزمع انعقاده نهاية العام الحالي بحضور مختلف الأحزاب بأرجاء كردستان الأربعة». يذكر أن تركيا تحولت في الأيام الأخيرة إلى مركز لمباحثات سياسية مع أطراف إقليمية وعراقية على خلفية التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة إلى سوريا، حيث زارها الأسبوع الماضي رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح مسلم للمرة الثالثة، أعقبها زيارة لرئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي.
مشاركة :