كل المؤشرات تدل على أننا (كعرب) نعيش بداية شتاء ساخن جداً، وأننا سنشهد صعوداً خطيراً في درجة حرارة الشتاء الحالي.. وأن هذا الخليج المحسود من جيرانه، والمحتار في كيفية التخطيط لمستقبل أبنائه، هو في واقع الأمر واحة استقرار وأمان وسط صحراء القلق والقتل والتدمير المحيطة به من كل جانب، ولذا يستهدفه الحاقدون من مختلف التطلعات.. ولولا كفاءة الأجهزة الأمنية السعودية، متمثلة بوزارة الداخلية، وحكمة القيادة لنجحت المؤامرة الإرهابية التي كانت تسعى لإطلاق شرارة تدمير البنية الأمنية السعودية بقتل مجموعة من المواطنين في قرية (الدالوة) بالأحساء سعياً لإثارة ردود أفعال طائشة لتلك الجريمة. ما حدث كان جزءًا من مؤامرة ضد الوطن هدفه إثارة الفتنة الطائفية وإشعال حريق يمتد إلى مختلف أنحاء البلاد.. وحسب تصريح المتحدث الأمني بوزارة الداخلية اللواء منصور التركي فإن من تم إيقافهم، أكان لثبوت تورطهم بجريمة الأحساء أو الاشتباه بهم، هم (حتى الأحد الماضي) من مدن شملت الأحساء، الخبر، الدمام، الرياض، شقراء، بريدة، البدائع، حائل، عرعر، الجوف.. أي ما معناه أن المتآمرين كانوا منتشرين على رقعة واسعة من الوطن ومستعدين لتنفيذ مؤامرة إرهابية كبرى تنتشر في مختلف أنحاء البلاد. هذه المؤامرة الإرهابية ليست سوى جزء مما يجري في عالمنا العربي.. ولن تتوقف المؤامرات عندنا ولا عند غيرنا.. ولا أعتقد أن هناك من يملك جواباً كافياً عمن عساه يقف وراء هذه المؤامرات ويؤجج نارها، وإن كان المشتبهون الرئيسيون هما أمريكا وإيران.. ثم يبقى مشتبهون آخرون أقل أهمية ولكن تأثيرهم كبير، ولا توجد دولة إقليمية لوحدها قادرة على وقف سلسلة الأحداث المتتالية التي يقتل فيها مئات آلاف العرب ويشرد بسببها الملايين. بل يبدو أن أمريكا هي الوحيدة التي تستطيع تجميع تكتل دولي ووضع إستراتيجية فعالة لوقف كل هذا، متى أرادت فعل ذلك، وهي كما هو واضح، غير راغبة في ذلك في الوقت الحاضر على الأقل، لذا نجد أن المقولة التي قيلت في أحد المسلسلات السورية عن (قبضاي الحارة): "كل من أيده أله" تسري الآن على مجريات الأمور في المنطقة وتنطلق أجهزة المخابرات من كل حدب وصوب للمشاركة بدور ما فيما يدور على أرضنا، خاصة وأن (داعش) حصلت على متطوعين من عشرات الدول، من الصين حتى الأرجنتين. وخارج الخليج كان من الظواهر غير المنطقية التحالف الذي قام بين عدوين لدودين في اليمن، حيث تحالف الحوثيون مع الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، لمد سيطرتهم على مساحة واسعة من اليمن، بالرغم عن الدماء التي سالت في حروب قامت بينهما، عندما كان رئيساً للجمهورية. ويبدو أن كل منهما أعتقد أنه يستغل الآخر. وهو أمر سيؤدي إلى أن يصل الجميع الى نقطة يقف كل منهما مطالباً الآخر بحصته من (الغنيمة).. ودخلت أخيراً على الخط حكومة الرئيس هادي، التي فضلت السكوت طويلاً بينما كان العدوان الحليفان يستوليان على صنعاء وغيرها ويستخدما أسلحة الدولة لتحقيق ذلك.. وقرر قادة جنوبيون العودة أخيراً إلى عدن للالتحاق بالاعتصام الذي أعلنه المواطنون الجنوبيون.. كل هذه عوامل لا تبشر سوى بمزيد من التعقيد لقضية يمنية كانت شديدة التعقيد أصلاً. ونشاهد (داعش) في العراق وسوريا تواصل حرباً ضد أبناء هذين البلدين، بينما سعت أمريكا، التي جيّشت جيوشاً طائرة كثيرة، تختصر القتال في (كوباني - عين العرب) بسوريا والمنطقة الكردية بالعراق. وتواصل القوى الدولية النأي بنفسها عن التدخل في ليبيا لإنقاذ البلاد من الحركات الإرهابية المتقاتلة، متناسية أنها قامت عبر الناتو إدخال ليبيا في هذا النفق الدموي.. ولكن من يحاسب، فأمريكا، عبر تحالف سابق، سلمت العراق لإيران والشيعة الموالين لها بعد أن قامت عام 2003 بتحريره من سنة العراق، وصدام حسين. الحل لكل ما نشاهده، وما يمكن أن نشاهده، هو سياسي. فالمذهبية العمياء التي يمارس طقوسها بعض السنة والشيعة أداة من الأدوات التي يستخدمها المتآمرون ضدنا (كعرب)، ثم أنه لن يتم أي حل لخلاف استمر مئات السنين بين السنة والشيعة، بل لابد لكل منهما أن يتقبل الآخر. لكن الحلول السياسية قد تكون ممكنة، أكان مع إيران أو مع أمريكا أو كليهما. adnanksalah@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (5) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :