الدوحة - الراية : أكد فضيلة د. محمد حسن المريخي أن شكر النعمة قولاً وعملاً علامة التوفيق للعبد، وعنوان على استقامته ونجاته إن شاء الله مشيراً إلى أن العبد لو أحسن إليه إنسان مثله فأخرجه من ضائقة أو قضى له حاجة من الحوائج أو حتى لو عامله بلطف فإنه لا يَعرف كيف يشكره ويرد له جميله بل قد يعتذر إليه بأنه عاجز عن الشكر. وتساءل د. المريخي في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس بمسجد عثمان بن عفان بالخور: كيف يكون إذن شكر الإنسان لربه عز وجل الذي قال لنا (وأتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وقال (وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة). ونقل الخطيب قول ابن القيم رحمه الله (الشكر ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده: ثناءً واعترافاً، وعلى قلبه شهوداً ومحبة، وعلى جوارحه انقياداً وطاعة). وأوضح أنه لا يكون العبد شاكراً لربه حتى تظهر آثار الشكر عليه، من ترديد الحمد والثناء على المولى عز وجل، ودعوة الناس لأن يشكروا ربهم، بتذكيرهم بالنعم وتنبيههم إليها مبيناً أن ثم شكر العبد لمولاه بجوارحه يعني أن يؤدي شكر الله بالعمل بطاعته والمسارعة إلى أداء ما افترض عليه، والتقرب إليه بالنوافل والمستحبات المسنونات. الأمر بالشكر وأضاف: لقد أمر الله تعالى عباده بشكره على نعمه، والاعتراف بفضله ومنته والإقرار بذلك، حيث أمر عباده بهذا كما أمر الأنبياء والمرسلين قبل بقية البشر أجمعين. وقد قال تعالى لموسى عليه السلام (فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين) وقال لنبيه ومصطفاه محمد صلى الله عليه وسلم (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين). ثم أمر عباده بالشكر له سبحانه ووعدهم بالخير وتكثير النعم فقال (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) وقال (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون) ووعد عباده الشاكرين بالجزاء الأوفى والمحبة الربانية كما في قوله (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم). إخلاف الوعد وأشار الخطيب إلى أن المولى عز وجل قد أعاب على أقوام من عباده عاهدوه لئن أعطاهم وأغناهم ليكونن من الشاكرين له، المعترفين بفضله قولاً وعملاً فلما أخلفوا ما عاهدوا الله عليه، عاقبهم عقاباً خسروا به الدنيا والأخرة. وبين د. المريخي أن نعم الله تعالى علينا كبيرة وكثيرة لا تُعد ولا تُحصى وأن الله تعالى يقيدها ويثبتها بين أيدينا بشكره والاعتراف له بالعمل قبل القول وأن زوالها بلية استعاذ رسول الله من زوال النعم فقال (اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك) لأن زوال النعم عسر وضيق ومشقة وأن النعم لا تراها العين ولا تشعر بها النفوس إلا إذا زالت وتبدلت ومن أراد أن يعرف نعمة الله تعالى علينا فلينظر إلى من تواضعت الأرزاق والنعم عندهم. نعمة الأمن والشبع ودعا الخطيب إلى التأمل عند نعمتين فقط من نعم ربنا علينا ونعمه كثيرة لا تعد، وهما النعمتان التي ذكرهما الله تعالى في قوله (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). ولفت خطيب جامع عثمان بن عفان إلى أهمية نعمتي الشبع وسد الجوع والأمان داعياً إلى النظر والتأمل في أحوال من يقتلهم الجوع وقلة الغذاء من الناس في بعض البلدان وكيف أنه يقضي على أمم في ظرف أيام معدودة ومقارنتها بأحوالنا نحن وكيف أن المولى عز وجل أطعمنا وأشبعنا بخيرات لا نعرف أين نضعها. وفيما يتعلق بعمة الأمن والأمان أكد د. المريخي أننا نعيش أمناً وأماناً لا مثيل لهما داعياً إلى المحافظة على هاتين النعمتين فضلاً عن نعمه كلها. وبيّن الخطيب أن شكر النعم أمان من العذاب، وكذلك الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بعد الله ودينه، والعمل بشريعته مستشهداً بقوله تعالى (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون).
مشاركة :