بدأت مرحلة جديدة في حياة السيد العون، حيث انتقل إلى العمل في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ليعمل بوظيفة نائب مدير إدارة الحج، وقد كان في السابق يعمل محققاً جنائياً في وزارة الداخلية. وجد في عمله هذا فرصة لاستكمال مسيرة الخير التي بدأها، فكان العم الفاضل يوسف الحجي يقوم بتكليفه زيارة الدول الإسلامية، لإقامة ومتابعة المشاريع الخيرية، وكانت هذه البداية في العمل الرسمي نواة جديدة في انطلاقته الخيرية. وقام باستخراج ترخيص لجمعية خيرية «جمعية إحياء التراث الإسلامي»، وتسلَّم فيها منصب مدير العلاقات العامة والإعلام والمشاريع، مع الأخ طارق العيسى، وانطلق للعمل في الدول الإسلامية، وكانت البداية في باكستان، وبالتحديد في منطقة بلوشستان، واختار بلوشستان في بداية انطلاقة جمعية إحياء التراث الإسلامي، لأنه قام بأعمال خيرية فيها، بعد أن تعرف إلى أحد شيوخ هذه المنطقة، وهو الشيخ سالم البلوشي رحمه الله، وكان يقيم في المدينة المنورة، واستطاع العون وإخوانه القيام بالعديد من المشاريع الخيرية، التي تحتاجها هذه المنطقة، ويذكر أن من رافقه في هذه الأعمال العم أبوحمد عبدالله الربيعة رحمه الله، وهو من كبار المحسنين في تلك الفترة، وكان مرافقاً للعون وإخوانه في رحلاتهم إلى العالم الإسلامي، ويقوم ببناء مشاريع خيرية متعددة من مدارس ومساجد ومستشفيات ودور للأيتام. وفي عام 1980 بدأت مرحلة أخرى في حياة العون، عندما ترشح لعضوية مجلس الأمة الكويتي، وفوزه بمقعد نيابي، وأضاف عمله الجديد بُعداً آخر الى عمله الخيري، فمن خلال زياراته البرلمانية للدول الإسلامية، كان يقوم بزيارة المراكز الإسلامية فيها، ليتلمس احتياجاتهم عن قرب، ويسهم في تنفيذ مشاريعهم الخيرية التي يحتاجونها، واستمر على هذه الحال حتى عام 1990 الموافق للاحتلال الغاشم للقوات العراقية لدولة الكويت. لقد كانت فترة الاحتلال الغاشم منعطفا جديدا في حياة العون، إذا بقي فترة الاحتلال في الكويت يعمل في كل ما فيه الخير لأهله وأبناء وطنه، ومد يد العون باختلاف أنواعه إليهم. بعد انتهاء فترة الاحتلال وعودة الحق لأصحابه بفضل الله وعونه، أُجريت انتخابات برلمانية مرة أخرى، وفاز هو مجموعة من إخوانه فيها، حتى عام 1992 حيث أصبح وزيراً لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. وأثناء توليه منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، يتذكر موقفاً مؤثراً وطريفاً في الوقت نفسه مع أخيه فقيد العمل الإسلامي وسفير القارة السمراء أبي صهيب د. عبدالرحمن السميط رحمه الله، الذي جاءه الى مكتبه في الوزارة، طالباً استصدار تصريح إنشاء جمعية خيرية، وكان هناك قرار قد صدر قبلها من مجلس الوزراء الموقر بوقف إصدار التصاريح لإنشاء جمعيات خيرية جديدة، أو جمعيات نفع عام، وذهب العون إلى مكتب الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح رحمه الله، رئيس مجلس الوزراء آنذاك، لأخذ موافقته على إنشاء هذه الجمعية الخيرية، التي طالب بها السميط رحمه الله، موضحاً لسموه أن السميط لا يُرد لمثله طلب، فهو يُعد أحد أهم سفراء الإنسانية والعمل الخيري لدولة الكويت، وبعد النقاش تمت موافقة الشيخ سعد رحمه الله على طلبه، وبالتالي إصدار أول ترخيص جديد بعد وقف إصدارها. وقد سُميت الجمعية الجديدة باسم «العون المباشر»، وقد سبب هذا الاسم انتقاداً من قبل أحد رؤساء تحرير إحدى الصحف المحلية الكويتية، الذي كان قد سبق أن تقدم إلى الوزير العون بطلب شخصي مخالفٍ للوائح والأنظمة، فلاقى رفضاً قاطعاً من السيد العون على طلبه، فادعى رئيس التحرير في افتتاحية صحيفته بأن السيد العون قام بإصدار ترخيص لعائلته، لإنشاء جمعية خيرية، في الوقت الذي رفض فيه إصدار مثل هذا الترخيص لغيره، ولم ينتبه أن اسم الجمعية مختلف الدلالة عن اسم العائلة. وفي عام 2015 قام بإنشاء جمعية خيرية جديدة، ينطلق من خلالها إلى استكمال مسيرة الخير والعطاء، سميت «جمعية السلام للأعمال الإنسانية والخيرية»، وأصبح لها شأن كبير في أوساط جمعيات النفع العام والجمعيات الخيرية، وآخر أعمالها ــ عند إعداد هذا المقال ــ كان تسيير قافلة تضم أربعين شاحنة محملة بالمواد الإغاثية للإخوة في اليمن وفي سوريا. د. عبد المحسن الجارالله الخرافي ajalkharafy@gmail.comwww.ajkharafi.com
مشاركة :