استكمالا لما قلته في الحلقة السابقة عرفت "الجماعة السلفية المحتسبة" التي تأسست أصلا في عام 1965م تقريبا بعد حادثة تكسير الصور في المدينة المنورة وتسببت بسحب جنسية عبد الرحمن عبد الخالق السعودية. عرفت "الجماعة السلفية" في الكويت بشكل تفصيلي نوعا ما عن طريق "أبو هزاع عبد اللطيف الدرباس" وصورها للسامعين في المدينة المنورة على أنها جماعة غير جادة في طلب العلم وأن سلفيتهم سلفية هشة وشكلية. وعبد اللطيف الدرباس سلفي كويتي منفلت تنظيميا وكان يمارس السلفية بجلافة لم يستطع بسببها أن يتأقلم مع سلفيي الكويت ووجد ملاذه بين سلفيي المدينة لتشابه المشربين والطباع. أنا أذكر أنه سكن المدينة المنورة في الحرة الشرقية تقريبا في أوائل عام 1977م قبل الاعتقال الأول بمدة يسيرة وكانت سيارته وانيت جمس أو شفر أبيض اللون غمارتين وكان يعلي من شأن الجلافة والتخشن بشكل استعراضي، وكان يتردد بين المدينة المنورة والكويت بشكل غير شرعي لأنه كان يرى أن الصور حرام كموقف باقي الجماعة السلفية المحتسبة من الصور وعليه فقد أحرق جواز سفره وقتها، هذا التردد أوجد عنده خبرة في الطرق البرية غير النظامية بين الكويت والمملكة العربية السعودية وقد سلكها في عام 1978م تقريبا لتهريب رسائل جهيمان المطبوعة في الكويت ولإدخال جهيمان ومحمد عبد الله القحطاني للكويت كملاذ غير متوقع في بادية الكويت أحيانا، وكان الاثنان قد أقاما في خيمة بمعرفة عبد اللطيف الدرباس وجابر الجلاهمة. وكما نعلم أن عبد اللطيف الدرباس قد ألقي القبض عليه تقريبا في رمضان عام 1979م وكان بصحبته عبد الله النفيسي ومجموعة ومنذ ذلك التاريخ لم تطبع أي رسالة لجهيمان حتى دخولهم الحرم في نفس العام فرسالة "دعوة الإخوان كيف بدأت وإلى أين تسير" وهي التي ضبطت مع عبد اللطيف الدرباس حينما تم القبض عليه مع عبد الله النفيسي وكانت الجزء الأكبر من الرسائل المضبوطة والمصادرة؛ لهذا ما وزع منها بعد ذلك كان كمية محدودة، بل إن كثيرا من الجماعة السلفية المحتسبة لم يتعرفوا على هذه الرسالة القصيرة جدا بل تكاد تكون مقالة أكثر منها كتيب صغير. المراسلات يذكر الأستاذ جاسم العون أنه كان هناك بين الجماعة السلفية في الكويت والجماعة السلفية المحتسبة في المملكة العربية السعودية مراسلات. وأنا أقول إنه لم يكن هناك أي مراسلات ولا تنسيقات بل إن الجماعة السلفية المحتسبة كانت تعتبر الجماعة السلفية في الكويت جماعة سلفية غير جادة وهشة، كما أن الرد عليهم أي الجماعة السلفية المحتسبة من الجماعة السلفية في الكويت لم يكن مواكبا لحراكهم الدعوي المتطرف بل جاء كرد فعل وتسجيل مواقف بعد حادثة الحرم النكراء، بل رصدت رد صريح لعبد الله السبت منشور في جريدة القبس بتاريخ 8/1/1400 هجري تحت عنوان ((مقتحمو المسجد الحرام منحرفون لا سلفيون)) وبنفس التاريخ والمعنى مقالة للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في جريدة الوطن أي بعد صدور فتوى علماء المملكة العربية السعودية في الرد على الجماعة السلفية المحتسبة. ما أريد قوله إنه لم يكن هناك خطاب مواكب لما قبل أحداث الحرم ويا ليت يطلعنا الأستاذ جاسم العون على الردود التي ذكرها ونشرت في جريدة الوطن في الصفحات التي كان يعدها الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق علما أني أرجح أن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق كان على علم مبكرا بتطرف جهيمان منذ أيام حادثة تكسير الصور في المدينة المنورة لأن جهيمان كان ممن كسر الصور واستعمل العنف في التغيير وقتها، ذكر ذلك عمر الأشقر تصريحا في لقاء صحفي وذكر أن جهيمان كان يخبئ العصا تحت بشته وأخرجها وكسر بها وضرب بها من قاوم التكسير. نعم هناك رسالة كتبها الشيخ أحمد حسن المعلم وكان وقتها في الكويت ردا على فكرة المهدي ودخول جهيمان للحرم بالسلاح وكانت شديدة وواضحة وكانت موجهة لجهيمان وفيها مفاصلة وتبرأ من الإقدام على جريمة دخول الحرم وكانت معبرة .هذه الرسالة أرسلت من الكويت إلى جهيمان قبل دخول الحرم وبالرغم من أن الرسالة كانت محكمة الحجة والسبك إلا أنها لم تردعهم من خطأ دخول الحرم إلا أنه كان لها دور في منع آخرين في الكويت من الانجراف وراء هذه الفكرة النكراء وتأييدها.
مشاركة :