استمتعوا بطفرة الأسواق الناشئة مهما طال أمدها

  • 3/18/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

جوناثان ويتلي* مؤشرات التوجس من الانكماش القريب ليست واضحة حتى الآن. فعلى سبيل المثال، ارتفعت الأسهم في مؤشر مورجان ستينلي للأسواق الناشئة بنسبة 9.5% منذ بداية السنة حتى الآن، وبنسبة تصل إلى 85% من أدنى مستوياتها مطلع 2016.انطلاقة قوية ومغرية شهدتها الأسواق الناشئة مطلع هذا العام سواء لجهة تدفقات المحافظ الاستثمارية التي بلغت أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات، أو لجهة عوائد المستثمرين وهي من بين الأفضل الذي تحقق على مستوى العالم، وهناك مؤشرات قوية على احتمال استمرار الاتجاه الصعودي خلال عام 2018.لكن ذلك يحدث في عالم تكثر فيه احتمالات جري الرياح بما لا تشتهي سفن تلك الاقتصادات الناشئة. فدورة ارتفاع أسعار السلع الرئيسية تعبر ذاكرة العالم بسرعة مع غياب أي محرك نمو جديد ينعش تلك الاقتصادات بدلاً عن عوائد التصدير، وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة آخذة في الارتفاع حيث أن التسهيل الكمي يفسح المجال للتشديد الكمي. وتشن إدارة ترامب هجوماً متعدد الجوانب على النظام التجاري الدولي، حيث سيكون مصدرو السلع الاستراتيجية من الاقتصادات الناشئة أكبر الخاسرين.كل تلك المعطيات توحي بأن دورة الازدهار الحالية في الأسواق الناشئة ليست أكثر من عابرة. لكن السؤال المهم هو إلى متى يمكن أن تستمر.الحقيقة أن مؤشرات التوجس من الانكماش القريب ليست واضحة حتى الآن. فعلى سبيل المثال، ارتفعت الأسهم في مؤشر«مورجان ستينلي للأسواق الناشئة» بنسبة 9.5 في المئة منذ بداية السنة حتى الآن، وبنسبة تصل إلى حوالي 85 في المئة من أدنى مستوياتها في يناير/ كانون الثاني 2016. ومع ذلك، فإنها تتعافى من ركود عنيد دام لمدة خمس سنوات، ولا تزال التقييمات أسيرة التشاؤم. وارتفعت تداولات المؤشر إلى ما يعادل 1.9 مرة من قيمته الدفترية، لكنه لا يزال أدنى ثلاث مرات من الذروة التي بلغها قبل الأزمة المالية العالمية. وفي الوقت الذي يتم تداول أسهم مؤشر «إس أند بي 500» عند ثلاثة أضعاف ونصف قيمته الدفترية، قد يشعر المستثمرون بأن أسهم الأسواق الناشئة لا تزال أمامها فرصة لكسب المزيد.وربما تشهد عملات الأسواق الناشئة مزيداً من الارتفاع. ويقول ديفيد هونر، خبير استراتيجيات الأصول في «بانك أوف أمريكا ميريل لينش»، إن آخر مرة شعر فيها المستثمرون بالقلق من السياسة النقدية الأمريكية كان عام 2013 عندما ارتفعت تقييمات عملات الأسواق الناشئة فوق 10 في المئة. أما اليوم فهي تقيم بأقل من قيمتها بنسبة 5%. وهذه التقييمات تتيح مجالاً للارتفاع قبل أن تتعرض العملات للضغوط.وهناك من الأسباب ما يكفي للشعور بالتفاؤل. فمن حيث شروط الاقتصاد الكلي، تبدو العديد من الاقتصادات الناشئة في وضع أفضل من أي وقت مضى. والعجز الخطير في الحساب الجاري قد تراجع. وحلت الديون بالعملات المحلية محل قروض خارجية بالقطع الأجنبي ما قلص احتمالات تعرض العديد من الحكومات لتقلبات مفاجئة في أسواق الصرف الأجنبي. وتبدو العديد من الاقتصادات الناشئة أكثر صحة بكثير فيما يخص الدين الحكومي، من نظرائهم في العالم المتقدم.وقد تبنت مختلف حكومات تلك الدول بدءاً من الأرجنتين وصولاً إلى الهند، الإصلاحات الداعمة للنمو التي عارضتها لفترة طويلة. وحتى وقت قريب، كانت الاقتصادات الكبيرة في البرازيل وروسيا ونيجيريا في حالة ركود. أما هذا العام فقد أصبح النمو ظاهرة شاملة تقريباً في دول العالم الناشئ.ما الذي يمكن أن يخل بهذه النظرة الوردية؟ الحمائية طبعاً، لسبب واحد. فالمكسيك هي الأكثر عرضة بين الاقتصادات الناشئة للتأثر سلباً في حال تغيير التفكير الخاص بقضايا التجارة الحرة في واشنطن.حتى وإن طغى التهويل على الفعل في خطاب ترامب، فإن الحمائية الزاحفة لا تزال في تصاعد، وكذلك سياسة دعم الصادرات الذي يهدد ربحية مصدري الأسواق الناشئة.وتشكل السياسة مصدر خطر آخر حيث تنتظر دول أمريكا اللاتينية سلسلة من الانتخابات الوطنية هذا العام. وتدل تجارب التاريخ الحديث على أن الانتخابات تفجر المفاجآت. ففي البرازيل، على سبيل المثال، يبدو المستثمرون مقتنعين بأن الحكومة المنتخبة في أكتوبر ستستمر في السير على نهج الحكومة السابقة على الرغم من أن الرئيس الحالي هو الأقل شعبية في تاريخ البلاد. ومن هنا فإن الاستمرارية أقل من مضمونة.وينبغي أيضاً عدم تجاهل أسعار الفائدة الأمريكية. فالمستثمرون واثقون من أن دورة تشديد سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد تم تسعيرها في الأسواق. وعلى الرغم من استبعاد خطر تصاعد النمو في اقتصاد الولايات المتحدة، فإن مزيجاً من التخفيضات الضريبية وزيادة الاستثمار الرأسمالي ربما يضعف تقييمات الدولار.ويبقى التهديد الأهم للأداء المستدام في الاقتصادات الناشئة هو نفسه الذي يهدد بقية مناطق العالم حيث يتعين التخلص من المشاكل الهيكلية التي أدت إلى الأزمة المالية العالمية قبل عقد من الزمان. أما مستويات الدين المرتفعة في العالم فتزيد من ضعف قدرة المصارف المركزية على رفع أسعار الفائدة دون إثارة تقلبات في أسعار الأصول.وعلى الرغم من أن معظم المشاركين في أعمال المنتدى الاقتصادي في دافوس مؤخراً تنفسوا الصعداء حول استعادة الاقتصاد العالمي عافيته، لا تزال السياسة النقدية عالقة في فخ انخفاض طال أمده. وهذا يعني في المرحلة الحالية على الأقل أن أسعار الأصول في الاقتصادات الناشئة معرضة لمزيد من الارتفاع وربما لفترة أطول. *فاينانشل تايمز

مشاركة :