خفافيش الظلام !

  • 11/15/2014
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

"في المثل: من غربل الناس نخلوه إذن، ويل للناقدين، أو ويل لهم لأن الغربلة ديدنهم، فيا لبؤسهم يوم ينظرون خلال ثقوب غرابيلهم فيرون أنفسهم نخالة مرتعشة في ألوف من المناخل! إذ ذاك يعلمون أي منقلب ينقلبون. فيندمون ولات ساعة مندم" « ميخائيل نعيمة » *** المفهوم المعرفي عن النقد أنه التقويم للعمل لوضعه في مكانه الذي يستحقه وضمن إطار يحدد ذلك الوضع والوسائل التي أوجبته لدى من أراد التقويم ثم فعله وهدفه إلقاء الضوء على العمل لكي ينال حقه الذي كان يعتمل في نفس الناقد ليرى الآخر وجهة نظر أخرى، وتتعدد وجهات النظر.. تختلف وتتطابق في مواقع أخرى ولكن الهدف المشترك التقويم المصحوب بالتوجيه. إلا أن هناك من المفاهيم المغلوطة لتفسير النقد، أو لفهمه لدى بعض ممن يمارسون الكتابة، ومن المطبلين والأشباه، أو ناقصي المعرفة حيث يفهمون النقد بأنه التقويض والهدم باستخدام أسلوب يحمل العداء أو السخرية وربما يدخل في دائرة التشفي، وهذا الأسلوب ربما يجد له من يتقبله من المصابين بالأنيميا الثقافية والذين ابتليت بهم الساحة عبر وسائل التواصل وبعض الصحف المغمورة، ولكن هناك من يرفض ذلك ولا يقبله بفضل الانفتاح الثقافي واتساع رقعة المعرفة لديه مما يبشر بمد تقدمي من شأنه الرقي بمستوى الثقافة في البلاد ومواكبة العصرنة والانفتاح على المختلف من الثقافات والمشاركات في المحافل الثقافية العالمية، والتعامل مع دور النشر والنشرات الثقافية التي يحسن استخدامها من قبل القائمين عليها. مع ذلك لايعدم وجود زعانف وطبول – حسب وصف محمد حسن عواد- تظهر في الحياة للنفاذ بأي طريقة إلى الساحة ووصول الميدان، وهذا الصنف عندما عُدِمَ مكان النشر لانكشاف أمره لم يعدله إلا أن يسرح في الظلام بعد أن وجد وسائل التسلل كما الخفاش يظهر بين وقت وآخر يقول ما يعتقد أنه يقلل من الآخرين، أو يمس منهم، ويظن أنه قادر على التأثير حيث يلجأ إلى من لا اهتمام لهم بأي فن معين فيختار العبارات الكبيرة المنمقة، والمصطلحات التي توهم بأن وراءها من هو مملوء بالمعارف، ويمعن في إضافة الإدعاءات ونفخ الذات مع تعداد المناصب الثقافية والفكرية التي تولاها، ومَنْ قابل، ومن عرف من العلماء والمفكرين في الداخل والخارج. والحقيقة أن المعرفة كانت عن طريق النشرات أو حضور ندوة ومصافحة وسلام أو حديث مع البعض، أو الحصول على كتاب موقع مدفوع القيمة لدار النشر فهولاء هم اصدقاء وزملاء المعرفة والثقافة. هذه صفة نقاد الظلام.. يدَّعون أنهم يعرفون كل شيء عن طريق معرفتهم للناس، وأنهم عرفوا من ذوي المكانات الرفيعة الكثيرين وأنهم يتساوون معهم سواء بسواء، وهذه كارثة، حتى أن هناك من يدعي أنه يقتني كتبا لكبار الكتاب وهو الذي كان قد ابتاعها وذهب بها لأصحابها للتوقيع –كما أسلفت- والدافع إلى ذلك الإحساس بالنقص الشخصي والعطائي مما يولد الحسرة التي جاءت من التوقف في مكان البداية وربما العودة إلى الخلف خطوة خطوة والقطار يسير، وهم في أوهامهم ينتشون بما تمليه عليهم ذواتهم المتشبثة بالمواقع المتوقعة من عندهم. يعقد الجلسات ويكون التنظير وتسمع أحدث وأرقى المصطلحات، وتشيد قصور معارف وتهدم أخر، ويعقد العزم على إقامة مشاريع تصفوية و "تنقوية" للساحة الفكرية، ويحدث ذلك في تلك الجلسات، ثم يذهب كل ذلك هباءً صباح الغد وكأن شيئا لم يكن، وتعود الجلسات مكرورة بمقاساتها ومفاهيمها محملة بالأوهام، والأنوية الزائدة تنز بصديد الحقد والكراهية لكل عمل ناجح ونزيه. لأن الأعمال الجيدة هي بمثابة المبيد الذي يقضي على تلك الحشرات والأوبئة، فالوباء يكمن في محاولة التسلط وترويج الإشاعات بين البعض، والتطبيل والتزوير واستغلال الفرص إن أمكن، ودائما تكون هذه الفرص عن طريق دفع الغير من المغمورين والمستجدين المغرر بهم ليعبروا عن سواهم، وكم من مسكين كان ضحية لهم ولم يستطع أي منهم أن ينقذه أو يقف بجانبه عندما جرت المناقشة والمنازلة، فهم يتحدثون ويثرثرون ولكن دون مواجهة. لأن المواجهة لا يقدر عليها إلا من يثق بمقولته فيترجمها إلى أفعال، وهذا ما لم يقدر عليه أي عيي هش المعرفة رخو الأرضية.. فاقد القاعدة التي يبنى عليها الأساس. مجرد فقاعات لاتقوى على مواجهة نسمة صحية، ولكنها مع الأسف تقوى وتتولد بكثرة في الدخانيب والخرائب، غير أن المبيد المعبأ في مكنونات المعرفة الحقيقية سيقضي عليها حتى لو كانت في مخابئها، وذلك بفضل النماء المعرفي واتساع ساحة المعرفة والبعثات المبشرة بوجه آخر للثقافة هي الكفيلة بمد يد العون للمسير عبر الطريق المستقيم الذي سيوصل إلى الأشياء بوضع لوحة (يصك ممنوع المرور) للزيف والمغالطات أمام خفافيش الظلام. ** لحظة: وإن يؤاخذك نقاد ببادرة فليس يرجم إلا مثمر الشجر

مشاركة :