الحمد لله الذي قيّض لكلّ ثرثارٍ وثرثارة نزيهاً يصطاد: المفسدين بالطعم والسنّارة.. سيّان أكانوا مشياً أو على السيّارة، ويأخذهم أخذ ملقاطٍ ومنقاش، بصمتٍ أو يقتضي الأمر هواش، فلا فارّ منهم حينئذ ولا منحاش، كيفَ ونزاهةٌ لهم بالمرصاد، تحولُ دون انتشار عطالةٍ وكساد، وتقطع دابر كلّ ضُرٍّ وإفساد، ذلك الذي استشرى مِن بعدِها وزاد، وعمّ سُخطه العباد والبلاد، وتأذى منه مَن كان حضرياً أو باد، وأصلي وأسلم على محمدٍ القائل: إنّ أبغضكم إلىّ وأبعدكم منّي يوم القيامة الثرثارون، والقائل: شرار أمتي الثرثارون، وأترضّى عن كلّ نزيهٍ ونزيهة، آثر الصمتَ طمعاً لوجيهٍ أو وجيهة.. ثمّ أما بعد: فيا عباد الله، إنّ أحدكم ليَستهينُ بأمرِ الثّرثرة، وما بدءُ الموتِ إلا انقباض وغرغرة، وينبئك عن جوعٍ صوتُ القرقرة، أو ليست النارُ من مستصغر الشّرر، ونزاهةٌ ذات بُعدٍ ونظر، فكم من ثرثرةٍ أودت لمهالك، وجعلت من المملوك مالك، وعبّدت للفتنِ المسالك، وعكّرت صفو مشبوكٍ وشابك، حتى يقول الأخُ لأخيه: ما بك، فاستعنّا عليه إجابةً بـ: سابك، فما تعثّر لنا مشروع، وما أرجي لنا موضوع، واكتشفنا أن الكيلو هو البوع، وأنّ السنةَ في حسابهم هي الأسبوع، ومن لم يظفر بالجمل صاد الجربوع..! أمّا مَن أبى منكم إلا أنْ يكون ثرثاراً، يُحاكي بذلك شُريطِيّاً وسِمساراً، فما آذتِ المطرقةُ إلا مسماراً، وكيفَ لثرثارٍ أن يعملَ ويُنجِز، وهو يطمرُ من مكتبٍ لآخر ويَنقِز، فتارةً ينمُّ وتارةً يسبّ، وللشّواهي قائماً يعبُّ، ولحصد لسانه يُكبُّ، بطالةٌ مُقنّعة، وطاقةٌ مُنقّعة، لا صوتَ يعلو فوق صوتِ الطّرقعة، هُبّي نزاهة جاء يوم القعقة، دعينا من مواعظٍ وجعجعة، وشعر مالكٍ مع ابن صعصعة، ما عاد يُجدي الهزيل من العَتَب، اليومَ يوم النار والغضب. يا أيُها المثرثر ثرثر بما شئت، فما أنت بمحسنٍ وقد أسأت، ومَن توعّدته نزاهةُ فما أمنِ العقوبة، أكان في قندهار أو في بعقوبة، فلستَ كـالعالمية في صعوبة، كبيرنا معاقبٌ قبل الصغير، فإنّ قليلَ الفساد يُشبه الكثير، وما أفسد كثيره فقليله هو الحرام، قُضي الأمر الذي فيه تستفتون والسلام. اللهم سدّد سهام: نزاهة في نحرِ كلّ ثرثار، حتى يعيش الناس بسلامٍ من كلّ خرّاطٍ ومهذار، ويعمّ الخير في السهول والجبال والقفار.. آمين. نقلا عن مكة
مشاركة :