كتبت سيمون دو بوفوار مذكرات تطلعنا فيها على حياتها وعملها في أربعة أجزاء صدرت بين الأعوام 1958 ـــــ 1972، منها «مذكرات شابة رصينة»، حيث ولدت سيمون في باريس عام 1908 ونالت شهادة أستاذ في الفلسفة عام 1929، ومن أشهر رواياتها «المثقفون» و«كل الرجال زائلون» وكتابها الشهير «الجنس الآخر» الذي ظهر عام 1949، وأصبح المرجع للحركة النسوية العالمية يضم الأعمال النظرية لسيمون دو بوفوار، أو المثيرة للجدل. شكلت سيمون مع جان بول سارتر إحدى أشهر ثنائيات القرن العشرين، كان في الرابعة والعشرين وهي في الواحدة والعشرين عندما التقيا على مدرجات جامعة السوربون، حيث نالا شهادة الفلسفة، وظلت علاقتهما أكثر من خمسين سنة، تشاطرا الأفكار بشكل مثمر، وخاضا المعارك نفسها، وسافرا معًا في أرجاء العالم، توفي سارتر عام 1980 وسيمون عام 1986، ودفنا بقرب بعضهما في مقبرة مونبارناس في باريس، وبعد وفاة سارتر أصدرت سيمون «احتفال الوداع»، لكن المفارقة كتابها «الجنس الآخر» في مجلدين يضع سيمون دو بوفوار في مرتبة المحللة النفسية وليست مناصرة للحقوق ونضال المرأة، فتقول «ترددت كثيرًا قبل أن أكتب كتابًا عن المرأة، فالموضوع مثير للسخط، من الجلي إذا افترضنا أن قدرًا فيزيولوجيا ونفسيًا أو اقتصاديًا يثقل على المرأة وكيف نحاول أن نشرح بصورة إيجابية تشكل «الواقع النسوي» ولماذا عرفت المرأة بأنها «الآخر» وماذا كانت انعكاسات ذلك من وجهة نظر الرجال في اللحظة التي يطالبن فيها بالمساهمة في العيش المشترك الإنساني»، فتقوم بمهمة كبيرة في نقد رواد التحليل النفسي كإدلر وفرويد، حيث لاحظ دونالدسون وهو مختص بتاريخ المرأة أن تعاريف «الرجل إنسان مذكر والمرأة إنسان مؤنث»، كانت قد بترت بشكل غير عادل، خصوصًا لدى المحللين النفسيين، يعرف الرجل بأنّه إنسان والمرأة بأنها أنثى، دعت هذه الوقائع الى افتراض الأزمنة البدائية سيطرة حقيقية للنساء، هذه الفرضية اقترحها باشوفن بالهزيمة التاريخية الكبرى للجنس الأنثوي، حيث الأساطير والملكية والأرض في العصور القديمة، ويعتبر القرن التاسع عشر نقطة التحول في مواجهة القيم البرجوازية، حيث وصف وستندال «كل العباقرة الذين يولدون نساء ضعن لسوء حظ الجمهور»، في الحقيقة لا يولد المرء عبقريًا، بل يصبح كذلك، وقد فقد وضع المرأة حتى الآن هذه الإمكانية المستحيلة..! تخوض سيمون دو بوفوار تفسير أساطير حامت حول المرأة، وتقول مهمة علم النفس أن يكتشف لماذا يتعلق شخص بشكل خاص بهذا المظهر أو ذاك، فالأسطورة متعددة الوجوه، لكن هذه الأسطورة مشتركة بين كل العقد والهواجس والذهانات بشكل خاص، كثير من العصابات تنبع من الممنوع، على سبيل المثال عقدة أوديب على المرأة كما على الرجل التخلي عن كل كبرياء وكل إرادة، إن كانت تمثل الحياة للرجل فهو يمثلها أيضًا، فلا أسطورة في التجربة وقليلة هي الخرافات التي خدمت الفئة المسيطرة، فالمرأة تبرر كل امتيازاتها وتسمح لها حتى باستغلالها..! أخيرًا لم يرسخ في قلب الرجل من بين جميع الأساطير أكثر من أسطورة «الغموض الأنثوي»، فالرجل الذي لا يفهم امرأة يسره أن يحل مقاومة موضوعية محل قصور ذاتي، وبدل أن يقر بجهله يقول بوجود غموض يجنب نفسه الكثير من الخيبات. وتختتم سيمون دو بوفوار بالقول: المرأة الحقيقية هي التي تقبل نفسها كآخر. وشكرًا يعقوب عبدالعزيز الصانع ylawfirm@
مشاركة :