دمشق - وكالات - بعد عملية تهجير الآلاف من حرستا، بدأت أمس عملية تهجير آلاف آخرين، من مقاتلين ومدنيين، من المدن الجنوبية في الغوطة الشرقية لدمشق، بناء على اتفاق بين فصيل «فيلق الرحمن» وروسيا، وسط استمرار المفاوضات بشأن حل مشابه لمدينة دوما، في خطوة من شأنها أن تعزز سيطرة قوات النظام على المنطقة بشكل شبه كامل.وبخروجها من الغوطة الشرقية التي غادرها حتى أمس نحو 105 آلاف شخص، وفقاً لموسكو، ستتعرض الفصائل المعارضة لضربة موجعة، مع خسارتها أحد آخر أبرز معاقلها قرب دمشق، بعدما كانت قد احتفظت بوجودها فيه منذ العام 2012، رغم الحصار الخانق المفروض عليها منذ العام 2013.وبعد إجلاء مقاتلي مدينة حرستا في اليومين الماضيين، لا يزال مصير مدينة دوما، كبرى مدن المنطقة ومعقل «جيش الاسلام»، غير معروف مع استمرار المفاوضات بشأنها مع الجانب الروسي.وللمرة الأولى منذ أسابيع، شهدت شوارع مدينة عربين، أمس، حركة كثيفة لمدنيين ومقاتلين، في مشهد لم تألفه خلال الاسابيع الاخيرة مع تكثيف قوات النظام عملياتها على المنطقة.وبادر كثير من السكان إلى توضيب حاجياتهم وأغراضهم تمهيداً لاجلائهم، على دفعات، تزامناً مع نقل سيارات إسعاف لعدد من الجرحى من مدنيين وعسكريين الى نقطة تجمع محددة في مدينة زملكا.وكان التلفزيون السوري الرسمي أعلن أول من أمس التوصل الى اتفاق يقضي «بنقل نحو سبعة آلاف شخص من المسلحين وعائلاتهم من زملكا وعربين وعين ترما»، فضلاً عن أجزاء من حي جوبر الدمشقي المحاذي لها.وتم التوصل إلى هذا الاتفاق اثر «مفاوضات مباشرة مع الروس»، وفق ما أعلن «فيلق الرحمن» الذي يسيطر على هذه البلدات، التي يوجد فيه ايضاً تواجد محدود لـ«هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً).وقال أبو خالد (28 عاماً)، أحد المقاتلين في عربين، «حزينون لخروجنا من هنا ولكن ليس باليد حيلة... هُجّرنا من ديارنا ومن أرضنا».وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ الاتفاق عند التاسعة صباحاً لكنه تأخر إلى بعد الظهر بانتظار «استكمال الأمور اللوجستية لخروج المسلحين»، حسب التلفزيون الرسمي السوري الذي أشار إلى فتح ممر جديد من جهة حرستا لإخراجهم عبره.وبدأ تنفيذ الاتفاق بتسليم الفصائل «ثمانية من المخطوفين» لديها الى قوات النظام، كانوا محتجزين في عربين، وفق ما نقل الاعلام الرسمي، الذي ذكر في وقت سابق أن مقاتلي المعارضة المغادرين سيطلقون سراح آلاف الأسرى من المقاتلين الموالين للقوات الحكومية.ومنذ 18 فبراير الماضي، تتعرض الغوطة الشرقية لحملة عسكرية عنيفة سقط فيها آلاف القتلى والجرحى، غالبيتهم من المدنيين، وتمكنت خلالها قوات النظام من تضييق الخناق بشدة وبشكل تدريجي على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بمقاتلي المعارضة الى القبول بالتفاوض.وقبل التوصل إلى اتفاقات الاجلاء، تدفق عشرات الآلاف من المدنيين الى مناطق سيطرة قوات النظام مع تقدمها ميدانياً داخل الغوطة.وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أكثر من 105 آلاف شخص غادروا الغوطة الشرقية، خلال نحو أسبوعين، من بينهم نحو 700 خرجوا أمس.وتم نقل هؤلاء إلى مراكز اقامة موقتة تابعة للحكومة في ريف دمشق، تكتظ بالمدنيين لا سيما النساء والأطفال والمسنين. ووصفت الأمم المتحدة قبل أيام الوضع فيها بـ«المأسوي».وجاءت عمليات الاجلاء الجديدة من المناطق الجنوبية في الغوطة الشرقية، بعد إجلاء أكثر من أربعة آلاف شخص بينهم أكثر من 1400 مقاتل من حركة «أحرار الشام» على دفعتين يومي الخميس والجمعة الماضيين من مدينة حرستا الى مناطق الشمال السوري بناء على اتفاق مع روسيا.ووصلت صباح أمس الدفعة الثانية إلى قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي، حيث يتم تبديل الحافلات قبل انطلاقها الى ادلب (شمال غرب).ومكّنت عملية الاجلاء هذه قوات النظام من توسيع نطاق سيطرتها لتشمل أكثر من تسعين في المئة من مساحة المنطقة التي كانت تحت سيطرة الفصائل، وفق المرصد السوري.وطوال فترة سيطرتها على الغوطة الشرقية، احتفظت فصائل المعارضة بقدرتها على تهديد أمن دمشق من خلال اطلاق القذائف التي تسببت، أمس، بمقتل طفل واصابة سبعة اخرين بجروح في قاعة رياضية في حي المزرعة، وفق ما أوردت وكالة «سانا».وقال رئيس نادي الجيش السوري لكرة القدم العميد محسن عباس ان المسلحين في الغوطة الشرقية «استهدفوا مدينة الفيحاء الرياضية بقذيفة أودت بحياة طفل وادت الى اصابة سبعة آخرين أثناء حصة تدريبية».وبعد إجلاء مقاتلي «أحرار الشام» و«فيلق الرحمن»، تتوجه الأنظار الى مدينة دوما، آخر معاقل المعارضة، التي تجري مفاوضات بشأنها مع مسؤولين روس، وفق اللجنة المدنية المعنية بالمحادثات التي لم يؤكد فصيل «جيش الإسلام» مشاركته فيها.ويرجح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق يقضي بتحويلها الى منطقة «مصالحة» على أن تعود إليها مؤسسات الدولة، مع بقاء مقاتلي «جيش الإسلام» من دون دخول قوات النظام.وتتواصل منذ أيام عدة حركة نزوح جماعي من مدينة دوما عبر معبر الوافدين شمالاً، أحد المعابر الثلاثة التي حددتها القوات الحكومية للراغبين بالخروج من مناطق سيطرة المعارضة.ويرجح المرصد السوري بقاء أكثر من 30 ألفا من سكان الغوطة الشرقية في منازلهم في بلدات في جنوب الغوطة سيطر عليها الجيش. «الإرهابيون بنوا الملاجئ بمساعدة دولة ما» تركيا: قواتنا ستصل أطراف حلب أنقرة، باريس - وكالات - أعلن رئيس أركان الجيش التركي خلوصي أكار أن قوات بلاده المشاركة في عملية «غصن الزيتون» ستصل حتى أطراف حلب عند بلدتي نبّل والزهراء، لتحكم السيطرة على منطقة عفرين كاملة.وفي كلمة له خلال فعالية أكاديمية في أنقرة، أمس، أكد أكار أن تركيا لا تستهدف على الإطلاق وحدة التراب والسياسة، سواء في سورية أو العراق، وهي تبدي احتراماً كبيراً في هذا الإطار.وقال إن بلاده ستواصل مكافحة الإرهاب في الداخل والخارج حتى القضاء على آخر إرهابي، مشددا على عدم وجود أي فرق بين التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«حزب العمال الكردستاني» المتمرد وفروعه.وأشار أنه «لا يمكن أن يكون الإرهابيون بنوا الملاجئ في عفرين بقدراتهم وحدها، من المستحيل أن تكون أنشئت من دون دعم هندسي وتخطيط وتوجيه من قبل دولة ما».واضاف ان عملية «غصن الزيتون» شملت مساحة ألفي كيلومتر مربع، وأن القوات المشاركة فيها ستصل حتى بلدتي نبل والزهراء بريف حلب الخاضعتين لسيطرة النظام السوري.وأعلن «استشهاد 49 جنديا تركيا خلال العملية العسكرية التي كشفت دعما عسكريا ضخما للإرهابيين، يستحيل نفيه من أي دولة».من جهته، أعلن الجيش التركي، في بيان، سيطرة قوات «غصن الزيتون» على كامل قرى وبلدات منطقة عفرين.وفي باريس، أفاد قصرالاليزيه، في بيان أمس، أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصل هاتفياً بنظيره التركي رجب طيب اردوغان وعبر له عن «قلقه» إزاء الهجوم الذي تشنه تركيا في منطقة عفرين، مشدداً على «ضرورة افساح المجال كاملا امام ادخال المساعدات الانسانية».
مشاركة :