بدأ البرلمان التونسي أمس، جلسة عامة للمصادقة على قرار التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة في ظل خلافات حادة بين الكتل بلغت حد الاشتباك بين النواب، في حين وافق صندوق النقد الدولي على دفع 257 مليون دولار ضمن إطار برنامج دعم لتونس مقابل إصلاحات مدته 4 سنوات. وشهدت الجلسة العامة المخصصة للتصديق على قرار التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة (هيئة العدالة الانتقالية في تونس) تلاسناً وتبادلاً للاتهامات واشتباكاً بالأيدي بين بعض النواب، وذلك بعد رفض برلمانيين بدء أعمال الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، ما دفع رئيس البرلمان محمد الناصر إلى رفع الجلسة للتشاور مع رؤساء الكتل. وكانت «هيئة الحقيقة والكرامة» أعلنت قبل أسبوع التمديد لنفسها سنةً إضافية وفق ما ينص عليه قانون العدالة الانتقالية، لكن نواباً غالبيتهم من حزب «نداء تونس» (حزب رئيس الجمهورية) رفضوا هذا التمديد باعتبار أن البرلمان هو الجهة الوحيدة المخولة لإقرار التمديد بصفتها الجهة التي منحت الشرعية وانتخبت الهيئة لولاية من 5 سنوات. ويخفي هذا الخلاف القانوني خلافاً سياسياً حول عمل هيئة الحقيقة والكرامة ورئيستها الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين والتي تُعدّ من المعادين لحزب «نداء تونس» ورئيسه الباجي قائد السبسي وكل المنظومة التي حكمت تونس قبل الثورة، في حين تحظى الهيئة بدعم من المعارضة وحركة «النهضة» الإسلامية (الحزب الأكبر في البرلمان) المشارك في التحالف الحكومي. في هذا السياق، اعتبرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن «السلطات التونسية لم تقم بشيء يُذكر لمحاسبة المتورطين في ارتكاب انتهاكات خطيرة في الماضي»، محذرةً من أن «التصويت ضد التمديد لعمل هيئة الحقيقة والكرامة يعني تخريب العدالة الانتقالية وضرب حقوق الضحايا». وثمّن المنسق المقيم لمنظمة الأمم المتحدة في تونس دياغو زوريل التقدم المحرز في مسار العدالة الانتقالية منذ العام 2014، متعهداً «بمواصلة العمل مع تونس على تنفيذ التوصيات المنبثقة عن مسار العدالة الانتقالية نظراً إلى أهميتها بالنسبة الى الانتقال الديموقراطي وتعزيز دولة القانون، ويضمن الاعتراف بحقوق الضحايا ويضع الأسس اللازمة لتحقيق المصالحة الوطنية». في غضون ذلك، ذكر المصرف المركزي التونسي أن «صندوق النقد الدولي وافق على دفع 257 مليون دولار من قرض لتونس مدته 4 سنوات»، وذلك ضمن إطار برنامج قيمته 2.8 بليون دولار (نحو 5 بلايين دينار تونسي) مرتبط بتنفيذ تونس لإصلاحات اقتصادية تهدف إلى تخفيف العجز وتقليص كتلة الأجور. تزامن ذلك مع كلمة لرئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد، قال فيها إن «الإصلاحات الاقتصادية الكبرى يجب أن تمضي قدماً وبسرعة بخاصة في ما يتعلق بالمؤسسات العامة التي سيكون بيعها لسد عجز الموازنة»، مشدداً على أنه سيمضي في هذه الإصلاحات حتى لو كلفه ذلك منصبه.
مشاركة :