[كثيرٌ من اليأس وقليلٌ من الأمل !!] algashgari@gmail.com استوقفتني رسالة منقوشة على قطعة رخام مُركّبة على جدار مسجد في أحد أحياء جدّة، وهاكم فحواها: «رسالةُ الحيّ: أن يكون حيُّنا رائداً تسودُه القيم الاجتماعية،، صحّياً بيئياً، مكتمل المرافق، نموذجي الخدمات»!. انتهت الرسالة، وكم أتمنّى تحقيقها، ليس في هذا الحيّ فقط، بل في كلّ حيّ بكلّ مدينة في كلّ مناطقنا الـ ١٣!. لكن دعوني أحلّل الرسالة حسب الواقع لا الخيال، وأبدأ بالقيم الاجتماعية التي لم تعد رائدة ولا سائدة، ولم تعد كما كانت في الزمن الماضي الجميل، وفي كلّ يوم نستفقدها أكثر من سابقه، فالتواصل والتوصية والزيارات بين الجيران تكاد تنعدم، حتّى في العمارة الواحدة التي لا يفصل بين شُققها سوى جدار بعرض سنتيمترات قليلة، والتكافل بينهم مفقود، والمعادلة بين الأغنياء وذوي الدخل المحدود والفقراء تتّسع هُوّةً وتحتاج لوزن جديد وتعديل!. أمّا الصحّة البيئية، فحدِّث عن مظاهرها السلبية ولا حرج، حدِّث عن أهمّها وهو نظافة شوارع الأحياء التي لم ولا ولن تتحقّق في ظلّ ثقافة نأي السُكّان بأنفسهم عن تحمّل مسئولية نظافة شوارعهم، أو على الأقل ما كان واقعاً منها أمام مساكنهم، وتجييرهم الكامل لواجب النظافة الإيماني إلى شركات النظافة التي حتّى لو زدنا عدد عُمّالها أضعافاً مُضاعفة وصرفنا على عقودها مليارات أكثر فلن تَنْظَف الشوارع، لأنّ الشركات تُنظّفها في الصباح وكثيرٌ من السُكّان يُوسّخونها في المساء، فاستحالت النظافة مثلما استحال تبليط البحر!. واكتمال المرافق ونمذجة الخدمات في الأحياء صارا حلماً عصياً، وسراباً بقيعة، فما زال ينقصها الكثير من المرافق الحضارية، وفي كلّ يوم تُحفر الشوارع ثمّ تُردم أيّ كلام لأجل الخدمات، ثمّ بعد هُنيهة تُحفر مرّة أخرى ثمّ تُردم، أيضاً لأجل الخدمات وأيّ كلام، ولا أدري لماذا لا تُحفر مرّة واحدة وتُوفّر كلّ الخدمات دفعةً واحدة وبجودة عالية وكمية كافية، بما يخدمنا لـ ٢٥ أو ٥٠ سنة قادمة كما يحصل في المدن العالمية المتطوّرة، التي تكاد تُلغي مُفردة «الحفر» من قواميسها اللغوية ومعاجمها الخدماتية ومشاهدها اليومية!. لذلك، أرجوكم، لا تنعتوني بالتشاؤم، إن وصفتُ الرسالة بأنّ فيها كثيراً من اليأس وقليلاً من الأمل!.
مشاركة :