موسكو – أشعلت عملية تسميم العميل الروسي المزدوج السابق سيرغي سكريبال على الأراضي البريطانية حربا دبلوماسية بين موسكو والغرب فيما يرجح أن تكون عملية التسميم مجرد واجهة لمواجهة أوسع بين روسيا والدول الغربية. وقالت روسيا الجمعة إنها ليست المسؤولة عن هذه الحرب الدبلوماسية محملة دولا غربية المسؤولية، فيما دشنت موسكو اوسع عملية طرد دبلوماسيين أجانب على قاعدة المعاملة بالمثل. وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) الجمعة، إنّ الولايات المتحدة أجبرت روسيا على اتخاذ إجراءات انتقامية للرد على طرد دبلوماسييها من الأراضي الأميركية. وأضاف في بيان نشرته وكالة الأنباء الروسية تاس "روسيا لم تبدأ أي حرب دبلوماسية ولم تبدأ بتبادل العقوبات وطرد الدبلوماسيين بل أجبرتنا واشنطن على اتخاذ إجراءات انتقامية ردا على طرد دبلوماسيينا وإغلاق القنصلية الروسية". ووصف بيسكوف قرار واشنطن بأنه "فعل غير ودي وغير دستوي وغير قانوني". وفي الشأن ذاته، شدد بيسكوف على سعي روسيا الدائم نحو بناء علاقات جيدة وطبيعية مع الولايات المتحدة، مضيفا "نتمنى الحصول على علاقة على هذا النحو". وطالبت موسكو الخميس 60 دبلوماسيا أمريكيا بمغادرة الأراضي الروسية قبل الخامس من أبريل/نيسان وإغلاق القنصلية الأميركية في مدينة سان بطرسبورغ وإخلاء مبناها للأسباب ذاتها. وسبق أن أقدمت 29 دولة على طرد 146 دبلوماسيا روسيا من أراضيها خلال الأيام الثلاثة الماضية تضامنا مع بريطانيا في قضية تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال، فيما أعلنت دول أخرى تعليق المباحثات الثنائية. وطردت الولايات المتحدة وحدها 60 دبلوماسيا روسيا، 48 منهم يعملون في السفارة الروسية والبقية ضمن بعثة روسيا لدى الأمم المتحدة (مقرها نيويورك). وفي 4 مارس/آذار اتهمت بريطانيا روسيا بمحاولة قتل العميل سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) على أراضيها باستخدام غاز الأعصاب وهو ما تنفيه موسكو. وفي سياق الرد الروسي، أمهلت موسكو لندن شهرا لخفض عدد دبلوماسييها في الأراضي الروسية ليصبح مساويا لعدد الدبلوماسيين الروس الموجودين في بريطانيا في تدبير جديد اتخذته روسيا ردا على الإجراءات المفروضة عليها على خلفية قضية تسميم الجاسوس السابق سكريبال. وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "على الطرف البريطاني بحلول شهر ومن خلال الحد بالشكل المناسب من موظفيه، أن يخفض العدد الإجمالي لموظفيه في السفارة البريطانية في موسكو والقنصليات البريطانية في روسيا ليصبح مساويا تماما لعدد الدبلوماسيين والفنيين والإداريين الروس في المملكة المتحدة". وطردت روسيا الجمعة دبلوماسيين هولنديين في اطار رد بالمثل على دول الاتحاد الأوروبي بعد حملة منسقة من بريطانيا وحلفائها اثر تسميم الجاسوس الروسي السابق بغاز الأعصاب. وفي وقت سابق دعت روسيا عدة سفراء دول بينها بريطانيا وفرنسا والمانيا وكندا لإبلاغهم باتخاذ حزمة من التدابير. وقالت الوزارة في بيان "سيسلم السفراء رسالة احتجاج وسيبلغون بتدابير الرد التي اتخذتها موسكو". ولم تكشف الوزارة ماهية هذه الخطوات لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال الخميس إن موسكو سترد "بالمثل". وأعلنت الخارجية الألمانية الجمعة أن روسيا ستطرد اربعة دبلوماسيين المان ردا على قرار برلين طرد أربعة أفراد من البعثة الروسية في ألمانيا. وقال وزير الخارجية الالماني هيكو ماس في بيان إن "قرار موسكو ليس مفاجئا". وأضاف الوزير الاشتراكي الديمقراطي "لم نتخذ قرارنا بطرد دبلوماسيين روس بالصدفة"، موضحا أنه "اشارة سياسية ضرورية وفي محلها" تضامنا مع لندن وبسبب عدم تعاون موسكو في توضيح قضية تسميم سكريبال. وقالت السفيرة الهولندية رينيه جونز بوس إنها أبلغت بطرد دبلوماسيين اثنين، إلا أن هولندا لن تطرد دبلوماسيين روس. ونقلت وكالة تاس عنها قولها "سيغادر اثنان من زملائي موسكو، لكننا سنبقى نحن هنا (السفارة)". وفي الاجمال طرد أكثر من 150 دبلوماسيا روسيا من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي ودول الحلف الأطلسي ودول أخرى في تحرك منسق ضد موسكو بعد اتهامها بأنها وراء تسميم الجاسوس السابق وابنته في هجوم بغاز الأعصاب في مدينة سالزبري البريطانية. وكانت الخارجية الأميركية قالت الخميس إن الخطوة الروسية غير مبررة وأن والولايات المتحدة "تحتفظ بحق الرد". وقالت المتحدثة هيذر ناورت في تعليق على طرد الدبلوماسيين "من الواضح من القائمة التي تلقيناها بأن اتحاد روسيا غير مهتم بالتحاور في مسائل تهم البلدين". وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز إن طرد روسيا لدبلوماسيين أميركيين يدل على "تدهور أكبر" للعلاقات بين البلدين. والخميس أعلن المستشفى حيث يعالج سكريبال وابنته يوليا أن الأخيرة "تتحسن بسرعة ولم تعد في حال الخطر" في حين أن والدها سيرغي (66 عاما) لا يزال في حالة خطيرة لكن مستقرة. وقالت بريطانيا إن روسيا تقف وراء عملية التسميم باستخدام غاز نوفيشوك للأعصاب الذي طور في الاتحاد السوفييتي لكن روسيا نفت بقوة ذلك. وحذرت موسكو من أن اقتراح أن تجمد واشنطن أصول الدولة الروسية سيفضي إلى "تدهور جدي في علاقاتنا". وحذرت أيضا من أنها قد تتخذ تدابير اضافية في حال مضت واشنطن "في خطواتها التصعيدية" ضد السفارة والقنصليات الروسية. وقال لافروف إن روسيا تدرس اتخاذ خطوات للرد على دول أخرى عمدت إلى طرد دبلوماسييها، مضيفا أن التدابير قد لا تكون مماثلة فقط. وأوضح أن بريطانيا اطلعت موسكو على حالة يوليا سكريبال الصحية الخميس وأن روسيا طلبت مجددا زيارتها كونها مواطنة روسية. وبعد عملية التسميم ردت بريطانيا بإعلانها طرد 23 دبلوماسيا روسيا وتعليق العلاقات الدبلوماسية الرفيعة المستوى مع موسكو وعدم ارسال أفراد من الأسرة الملكية لحضور كأس العام لكرة القدم 2018 الذي تستضيفه روسيا. وردت روسيا بإغلاق القنصلية البريطانية في سان بطرسبورغ والمركز الثقافي البريطاني.
مشاركة :