أطلقت محادثات المسؤولين الروس مع المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، المرحلة الأخيرة في التحضيرات الحالية لعقد القمة الروسية - التركية - الإيرانية المقررة في إسطنبول، الأربعاء، التي وصفتها مصادر في موسكو بأنها ستكون حاسمة وتضع «بداية النهاية» للوضع في سوريا.ورغم أن التركيز انصب، كما ظهر خلال المؤتمر، لدي ميستورا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مساء الخميس على التطورات الميدانية، خصوصاً مستجدات الوضع في الغوطة الشرقية وآفاق إطلاق جولة جديدة من المفاوضات في جنيف، فإن مصدراً مطلعاً في موسكو أبلغ «الشرق الأوسط» بأن الاهتمام الروسي يتركز حالياً على تهيئة الأجواء لإطلاق «عملية جادة لتنفيذ القرار (2254) تأخذ في الاعتبار نتيجة مؤتمر سوتشي»، وأن هذه العملية سيتم حسمها نهائيا خلال القمة الروسية - التركية – الإيرانية.ولفت المصدر إلى أن موسكو تواجِه أكثر من استحقاق في إطار التحضيرات الحالية، بينها بروز تباينات مهمة مع الحكومة السورية حول الخطوات العملية في مرحلة ما بعد الغوطة. وأشار إلى أن دمشق «لم تكن راضية عن المفاوضات التي خاضتها موسكو مع جيش الإسلام في دوما، وهي تفضل الإبقاء على وجود المسلحين في المنطقة في إطار اتفاق تهدئة». وزاد أن التباينات في جزء منها ليست جديدة، لكنها عادت تطل برأسها بعد استحقاق الغوطة، مشيراً إلى أن الخلاف برز فور انتهاء أعمال مؤتمر سوتشي، وأن دمشق لم تكن راضية على البيان الختامي الذي تم تسليمه من جانب موسكو إلى الأمم المتحدة، خصوصاً ما يتعلق بالفقرة الختامية التي تتحدث عن إشراف الأمم المتحدة على عمل اللجنة الدستورية وعن إشراك وفدي المعارضة والنظام في عملها. وزاد أن النظام أبلغ الجانب الروسي أنه يريد نسبة الثلثين في اللجنة، وأن هذا الموضوع ما زال محور بحث، وهذا يفسر حديث الوزير لافروف عن خلافات أعاقت حتى الآن تشكيل اللجنة.والنقطة الثانية في هذا الشأن تتعلق بأن النظام يسعى إلى عرقلة تقدم الحل السياسي انطلاقاً من فكرة القدرة على تحقيق حسم عسكري، بينما تقول موسكو إن إطلاق حل سياسي مطلوب بإلحاح من أجل تثبيت الانتصارات الميدانية التي تحققت.ولفت المصدر إلى نقطة ثانية تضعها موسكو في الاعتبار، وهي تستعد للقمة الثلاثية؛ أن روسيا مع حليفيها التركي والإيراني باتت قادرة على فرض تنفيذ القرار 2254 بشكل منفرد، وأن الأطراف التي لن تستجيب يمكن أن تبقى خارج مسار التسوية، وفي هذا إشارة إلى أطراف في النظام أو في المعارضة وأيضاً إشارة إلى الأطراف الإقليمية.وزاد أن التطورات الأخيرة الميدانية وتلك المرتبطة بإعلان واشنطن قرب انسحابها وبعض ملامح التغيرات التي برزت في مواقف أطراف سوريا وإقليمية تزيد من إقدام موسكو مع شريكيها على اتخاذ خطوات حاسمة خلال القمة المقبلة.وتجنب المصدر الإشارة إلى مواعيد محتملة لعقد جولة جديدة في جنيف، لكنه أشار إلى أن الأطراف المختلفة بما فيها الأمم المتحدة باتت تدرك أن «الوقت حان فعلاً» لإطلاق مسار جدِّي. وهي العبارة التي استخدمها دي ميستورا خلال محادثاته مع لافروف. ولفت إلى أن الأنظار سوف تتجه إلى القمة الثلاثية التي ستتضح بعدها ملامح التحرك اللاحق في سوريا.وكان لافروف قال في مؤتمر صحافي مع دي ميستورا مساء الخميس، أن روسيا تولي أهمية كبرى لدور الأمم المتحدة في المرحلة المقبلة، وزاد أنه من الضروري التركيز على إطلاق العملية السياسية على أساس القرار 2254 والمبادئ الـ12 التي قدمها دي ميستورا وبدء التنفيذ العملي لقرارات مؤتمر سوتشي، بما في ذلك على صعيد إطلاق العملية الدستورية.وقال لافروف بعد المحادثات مساء أول من أمس، إن الوضع في الغوطة وخصوصا في البعد الإنساني كان مطروحا للبحث، وبرر العملية العسكرية الواسعة بأنه لم يكن من الممكن السكوت أكثر على تزايد النشاط الإرهابي للمسلحين الذين انتهكوا الاتفاقات السابقة حول وقف التصعيد، وتم تعريض مدينة دمشق لفترة طويلة لعمليات قصف طالت أيضا البعثة الدبلوماسية الروسية في سوريا. وأوضح أن روسيا أقامت ممرات إنسانية سهلت خروج المسلحين والمدنيين و«تم تطهير الغوطة من الإرهابيين في شكل كامل تقريبا»، مضيفا أن نحو 90 في المائة من الغوطة باتت تحت سيطرة الحكومة السورية. وهاجم بقوة ما وصفها بأنها «ادعاءات كاذبة باستخدام القوة بشكل مفرط»، ولفت إلى الحديث عن الجوع ومعاناة المدنيين، والإشارة بعد ذلك إلى اعتقالات واسعة جرت ضد من غادروا. وقال إن «هذه المعطيات التي تفبركها وتروج لها بريطانيا ومنظمة الخوذ البيضاء لا أساس لها وتم دحضها من خلال عمليات الإجلاء التي أشرف عليها العسكريون الروس».
مشاركة :