الـ «بيغ بانغ» الجامد «فوجئ» بالحياة على الأرض

  • 4/1/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بعيداً من نقاشات حادة ومديدة، لعل أقربها تلك التي ما زالت متواصلة منذ ظهور كتاب العالم الأميركي روبرت جسترو «الله وعلماء الفلك» God Astronomers (2000)، لا يسهل على العلم الحديث صوغ رؤية متماسكة في شأن ظهور الكون، وكيفية نشوء الحياة في ثناياه. الأرجح أن ظهور حياة ذكيّة في سياق تشكّل الكون بعد الـ «بيغ بانغ»، يشكّل حدثاً يتحدى قوانين علم الاحتمالات. إذ أجرى باحث حساباً عن ذلك الاحتمال فوجده أقل من واحد على تريليون مرفوع إلى قوة تريليون، أي واحد على رقم يتألف من واحد إلى يمينه 144 صفراً! عبّر العالِم جسترو عن الأمر نفسه بالقول: «إن احتمال انبثاق الحياة من الـ «بيغ بانغ» يشبه احتمال أن يربح الشخص نفسه جائزة يانصيب كبرى في ألف سحب متتالٍ مع استخدام الأرقام نفسها في كل سحب! يبدو الأمر مستحيلاً، إلا إذا كان هناك من يهيمن على تلك العملية كلها». ولذا، بدأ كثير من العلماء باستنتاج أن هناك من يهندس ويصمم خلق الكون. دفع الفهم المتجدّد لأعجوبة الحياة البشرية في الكون بجورج غرينشتاين، وهو عالم فلك بريطاني ملحد، للقول بأنه «أمر غير معقول. أننا فجأة، ومن دون تخطيط، وقعنا على البرهان العلمي لوجود مصمّم أعلى». وضمن سجال يحضر بقوة على الـ «سوشال ميديا» (ويمكن مشاهدة شريط تفصيلي عنه على «يوتيوب»)، شرح جسترو حال التردّد لدى العلميين إزاء قبول حقيقة الخالق الأعلى. ولم يتردد ذلك العالِم الذي يجهر بقوة بأن علم الفلك ونظرياته تصلح مدخلاً لإيمان مستند إلى العلم، في القول: «هناك ديانة علمية. إنها ديانة الأشخاص الذين يؤمنون بوجود حال من النظام والتناغم في الكون مستمرة منذ الأزل. لكن الإيمان الديني لدى العلماء اصطدم باكتشاف أن للكون بداية حدثت في شروط لا تنطبق عليها قوانين الفيزياء المعروفة، وهي نتيجة لقوى أقوى من أن نستطيع تخيّلها».   إرباك لم يتجاوزه هوكينغ في المقابل، يبدو أمراً مفهوماً أن يبحث علماء عن تفسيرات أخرى لا ترجع الهندسة الدقيقة للكون إلى خالق أعلى. ولعل الأكثر شهرة بين هؤلاء هو الراحل ستيفن هوكينغ الذي ذهب إلى افتراض إمكان وجود أكوان أخرى غير مرئيّة وغير خاضعة للبرهان العلمي، مع احتمال أن تكون مثل كوننا قابلة لنشوء الحياة عليها. من ناحية أخرى، أقر هوكينغ بصعوبة إخضاع تلك الفرضيّة للتمحيص بالطرق العلميّة، ما يجعلها أقرب إلى الميتافيزيقا. ولأن الأمر يتعلّق بوصف غير علمي بتاتاً، رفض حتى عالِم الفيزياء الفلكيّة البريطاني الملحد بول دافيس، فكرة هوكينغ، بل اعتبرها مبالغة في الخيال. ووفق السير فريد هويل، حاول هوكينغ كثيراً البحث عن شروحات علمية حول أصل الكون لا تكون متصلة بوجود صانع أعلى له، فيما أقر علماء آخرون بحتمية وجود خالق. وعلى رغم أن العالم الشهير آلبرت آينشتاين لم يكن مؤمناً، فإنّه وصف العبقرية التي ترعى الكون بأنها «ذكاء أسطوري التفوّق، لا يشكل تفكير البشر وإنجازهم سوى انعكاس ضئيل يكاد يكون بلا معنى، بالمقارنة مع الذكاء الأعلى». وأمضى العالِم الملحد كريستوفر هيتشينز معظم حياته يكتب ويحاضر ضد «فكرة الله»، لكنه أصيب بإحراج شديد عندما لاحظ أن الحياة برمتها «لم تكن لتوجد لو كانت الأمور اختلفت عما هي عليه بدرجة طفيفة، بل أقل كثيراً من شعرة واحدة»!

مشاركة :