مثل كل إشاعة، وكل كذبة، تُنشِّط قنوات التواصل انتشارها وترسيخها في الوعي الجمعي، ويمثل الواتس الوسيلة الأسهل والأسرع لانتشار الرسائل، وضخها في أجهزة الهواتف ومنها تتسرب للفيسبوك وتويتر، لأن بعض نشطائه يغذون صفحاتهم بما يصلهم عبر كل الوسائط التي يجيدون استخدامها، لذلك أصبحت وسائط التواصل، وسائل للملل والتكرار وترسيخ الأكاذيب والإشاعات، لأنها تتغذى على بعضها، وتنتشر بسرعة ضغطة « إرسال « وتجد في نفس اللحظة من يقصها وينسخها ويعيد إرسالها حتى دون قراءة النص أو المتن سمِّها كما شئت إلا أن النتيجة واحدة هي الانتشار والتكرار، وكذبة إبريل أو نص قصة الكذبة، وأسبابها، أو تاريخها وجد رواجاً قبل أن يهل علينا إبريل الذي لم يعد كما كان رائجاً فيه المرح بين الأهل والأصدقاء، انطفأ وخبا وهجه ربما نتيجة التحذير من مشابهة الكفار في الاحتفاء بأيامهم وأشهُرِهم الميلادية، أو انشغال الناس بما أهمَّهم من أمر معيشتهم والأحداث الساخنة التي تجري على أرضهم. الرسالة تقول: « سبب كذبة نيسان، عندما جرى ذبح المسلمين وتهجيرهم في الأندلس أخذوا يختبئون في كهوف الجبال ولكن الأسبان الصليبيين أرادوا لهم كميناً كان عاراً لهم على مر التاريخ وهو أنهم « أي الأسبان» صاروا يعلنون أن هناك سفناً مغربية على الشواطىء الجنوبية لأسبانيا جاءت لتحمل المسلمين إلى المغرب فمن يريد النجاة بحياته فليسرع إلى الشاطئ، وهكذا خرج آلاف المسلمين من مخابئهم وأسرعوا إلى الشاطئ المقابل لطنجة عند مضيق جبل طارق ليواجهوا مذبحة من الأسبان قضت على أكثر المسلمين حينذاك، وكان ذلك في « 1 نيسان « ( poisson davril ) إبريل، وسمي ذلك اليوم سمكة إبريل، وهذه الكذبة للأسف لا يفهم المسلمون الآن تاريخها وحتى أنهم يمزحون ويكذبون كذبة نيسان ولا يزال بعض سكان شمال أفريقيا يعلقون خلف من يمزحون معه سمكة ورقية على ظهره رمزاً لكذبة نيسان»، وفي ختام النص هذه العبارة: « فليفهم المسلمون كل مناسبة وكفاهم غفلة». إذا صدقنا القصة السابقة فنحن نطعن في فطنة المسلمين وعقولهم، لأنهم لم يكتشفوا الكذبة وأبيدوا جميعهم لأنهم خرجوا عن بكرة أبيهم دون أن يتحروا الأمر، وقد كانت الرسل والجواسيس التي تجس الأمر أو الوضع قد عرفت قبل ذلك التاريخ عند المسلمين، فكيف خرجوا من مخابئهم دون حيطة وحذر ووقعوا تحت سيوف الأسبان؟ حسب الموسوعة الحرة؛ فلا توجد حقيقة مؤكدة لأصل هذه العادة أو الكذبة، بل هناك ترجيحات لتأصيل هذه العادة وربطها بحدث وهو بطبيعة الحال مرتبط بالتاريخ الأوربي، حيث كان أول إبريل هو مطلع العام، وبنهاية القرن السادس عشر عدل التقويم ليبدأ العام « 1 يناير» ثم جاء البابا غريغوري الثالث عشر وقرر بدء الأعياد من « 25 ديسمبر» وأطلق الناس على من ظلوا يحتفلون حسب التقويم القديم تعليقات ساخرة لأنهم يصدقون « كذبة ابريل»، لكن الكاتب « جيفري شوسر» نقض تلك القصة وأن « كذبة ابريل « تعود للقرن الرابع عشر الميلادي قبل قدوم البابا غريغوري الثالث عشر. يقال أيضا أن ملك رومانيا كان يزور أحد متاحف عاصمة بلاده فسبقه رسام مشهور ورسم على أرضية إحدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة، فلما رآها الملك أمر أحد حراسه بالتقاطها، فاكتشف الخدعة لاحقاً، وفي سنة أخرى رسم الفنان نفسه على أرض ذلك المتحف صوراً لسجائر مشتعلة وجلس يراقب الزائرين وهم يهرعون لالتقاط السجائر قبل أن تشتعل في الأرض الخشبية للمتحف. نشرت إحدى الصحف في رومانيا خبراً عن سقوط سقف إحدى محطات السكة الحديد على مئات المسافرين، فقتل العشرات وأصيب المئات باصابات خطيرة، وقد سبب الخبر فزعاً وذعراً شديداً وطالب المسؤولون بمحاكمة رئيس التحرير، تدارك الموقف بسرعة فأصدر ملحقاً كُذِبَ فيه الخبر وقال في تكذيبه كان يجب على المسؤولين قبل أن يطالبوا بمحاكمتي أن يدققوا في قراءة صدور العدد» أول ابريل». ليس هناك حقيقة تاريخية تؤصِّل لهذه الكذبة، فهي في النهاية خدعة.
مشاركة :