لم تعد عمليات التجميل حكراً على النساء في وقت بات فيه الاهتمام بالشكل والمظهر ضرورة للبعض، وليس كل ما يصنف تحت إطار «التجميل» هو تجميل بحت، بل إن بعضه بات إجبارياً كونه يعيق الحياة الطبيعية، إلا أن بعض الرجال بات يرى في عمليات التجميل مواكبة للعصر، وصار التقاط الصور أمراً يو تتفاوت وجهات نظر الرجال حول أهمية عمليات التجميل أو حلولها، فبعضهم ما زال متمسكاً بالفكرة التي تقول «الرجل لا يعيبه شكله»، بينما يجد غيرهم أن بعض الحلول التجميلية لا تضر طالما أنها لا تغير من الشكل بل تحسّنه، وحتى هذه اللحظة فإن ما يجرى من عمليات تجميل في الدولة ما زال في حدود تحسين الشكل لا تغييره فيما يخص الرجال.يقول بدر محمد موظف: «لا أرى ضرورة لإجراء أي حلول أو عمليات تجميل إلا تلك التي تضر بالصحة العامة، كجراحات السمنة والترهل ما بعد السمنة، أما حقن الوجه والليزر مثلاً فلا أجد لها ضرورة ولا تعبّر إلا عن رغبة شخصية لا تمت بصلة للضرورة».وينوّه عزيز عبدالحميد موظف بأن البعض من الرجال يرى ضرورة لإجراء بعض التجميل ولا يعتبره أمراً تجميلياً بحتاً؛ حيث يؤثر في صحتهم النفسية وهو ما يدفعهم لذلك، ويضيف: لدي صديق سافر إلى تركيا فقط لزراعة الشعر؛ حيث بدأ بفقدان شعره وهو في عمر الأربعينات، فبدا شكله حسب وجهة نظره في الخمسينات، وهو ما جعله يعتبر زراعة الشعر ضرورة.ويقول أحمد أبو بكر، إن حلول التجميل هي مجرد مستجدات عصرية، والإنسان بطبعه يحب أن يجاري العصر بما فيه من تطورات، ويقول: أصبح التجميل هو الحل السهل والأول لدى الكثيرين، وكوننا في عصر يهتم فيه الناس بالمظهر لدرجة أنه أصبح عنصراً أساسياً في الحصول على فرص العمل، أصبحت الناس بالعموم والرجال بشكل خاص يهتمون بمظهرهم للحصول على فرص كثيرة، مثل الزواج والاندماج في مجموعات خاصة، فالمظهر الحيوي والشاب يفتح الكثير من الفرص للرجل وهو ما يجعله يقبل على التجميل.د. حسين عبدالرازق، اختصاصي الأمراض الجلدية في عيادة كايا للعناية بالبشرة، يقسّم الحلول التجميلية إلى قسمين، الأولى هي تحسين البشرة وتدخل من ضمنها حلول الليزر والتنظيف والتخلص من الجلد الميت وتقع تحت مسميات البولشنج أو السنفرة وتمنح البشرة النظارة، أما الثانية فهي علاجية، وهي للتخلص من آثار جلدية كآثار حب الشباب والتصبغات الجلدية والهالات السوداء، كما هنالك حلول بدأت تأخذ حيزاً من الاهتمام بحسب عبدالرازق وهي حلول تتعلق بتأخير ظهور التجاعيد وتعويض الكولاجين عن طريق الفيلر وكذلك البوتوكس.وعن إقبال الرجال على الحلول التجميلية يقول عبد الرازق: «يشكل الرجال 30% من المقبلين على الحلول التجميلية، وهذه النسبة في ازدياد في السنوات القليلة الماضية بفضل عدة عوامل، من بينها الانفتاح على العالم ومواقع التواصل الاجتماعي والتقاط الصور السيلفي، كما أن وعي المرأة انعكس على الرجل، فباتت الزوجات يحثن أزواجهن على الحلول التجميلية وبالفعل كثير من الرجال يأتون برفقة زوجاتهم للعيادة، فالرجال عموماً ليس لديهم الفكرة عن تلك الحلول التجميلية بل باتوا يكتشفونها».حول أبرز الحلول التي تشهد إقبالاً يحدثنا عبدالرازق: «الخطوط التي تبدو في الوجه باتت من أكثر الأمور المزعجة للرجال، وهي خطوط تظهر ليس فقط مع تقدم العمر، بل بتحرك العضلات بشكل أكبر من غيرها، فمثلاً خطوط الابتسامة هي تلك التي تظهر على طرفي العينين الخارجين عند الابتسام، وخطوط العبوس التي تظهر أعلى الأنف، وتلك يمكن حلها عن طريق حقن البوتوكس، كما هنالك خطوط تظهر في الرقبة، ومن يقبل على هذه الحلول هم الرجال ما بين 35-50 عاماً وأكثر، ويعتمد البوتوكس على التعبئة، كما هنالك عوامل أخرى لظهورها لدى البعض بشكل أبكر من غيرهم، مثل التعرض الكثير للشمس، آثار حب الشباب القديمة والمسامات الواسعة، وأصحاب مهن معينة مثل المدربين والمدرسين ومضيفات الطيران الذين تتحرك عضلات وجههم بشكل أكبر من غيرهم، ويعتبر البوتوكس حلاً مؤقتاً يدوم لأشهر ولكنه آمن».يضيف: «نعتمد بشكل غالب للرجال على ملء المنطقة ما بين العين والخد، وهي المنطقة التي تبدأ بالضمور مع التقدم في العمر، ونعمل على ملئها بالحقن بمادة الهيالورونيك أسيد في ملء المناطق الفاقدة لبعض الكولاجين حلاً تجميلياً، وهي تمثل إعادة ما فقده الشخص مع العمر، وفقدان الكولاجين يختلف نسبياً من شخص لآخر في شدته، ولذلك لكي نضع الراغب بإجرائها على بينة، نقوم بفحص «دي أن أي» وهو ما يمنحنا فكرة عن الخريطة الوراثية له ومدى تسارع فقدانه للكولاجين، بحيث نستطيع أن نعرّفه بمدى حاجته زمنياً للحقن، والبعض بذلك يكونون بحاجة لها بين كل شهرين إلى ثلاثة مثلاً، ولذلك لا يكون من المجدي لهم تكرارها، كما أن هنالك حلاً آخر لملء الكولاجين وهو تقنية «الهايفو»؛ التي تعمل بنظام الموجات فوق الصوتية، وتحفز الجسم على إنتاج الكولاجين في مناطق محددة، ولكنها تستغرق وقتاً لظهور النتائج، إلا أنها عملية طبيعية لأنها تحفز الجسم على إنتاجه طبيعياً ودون أي آلام». د. قاسم أهلي: لا حدود لعدم الرضا النفسي د. قاسم أهلي استشاري جراحة التجميل في هيئة الصحة بدبي، يلفت إلى أننا في عالم مفتوح، ونمتلك اطلاعاً على كل ما حولنا من تطورات، ووسائل التواصل الاجتماعي بات لها دور كبير في الترويج للجمال والتنافس عليه، وتحول لدى البعض لهوس. ويقول: هذا أمر إيجابي للأطباء؛ لكن لا بد من أنوه إلى أنه سلبي للمجتمع؛ حيث إن عدم الرضا النفسي لا حد له، فمن يجري عملية حتى وإن كانت النتيجة جيدة سيسعى لغيرها لبلوغ ما هو أفضل؛ لأن المريض أو المقبل على العملية لم تتغير طريقة تفكيره.التجميل ينحصر على قول د.أهلي في شقين، (جراحي وغير جراحي)، فالأول يتركز في «البوتوكس» و«الفيلرز» وتعديل مناطق معينة في الجسم، التي يتخذها في الغالب الرياضيون ومن بينها «سكس باك»، أما الجراحية فالأكثر إقبالاً عليها هي اشتف الدهون، وأغلبها تتركز في اشتف البطن وأسفل الظهر والخاصرة، أما على المستوى الثاني فيأتي تصغير الثدي؛ حيث هنالك 10-15% من البالغين من الشباب يصيبهم تثدي بسيط وغيرهم ويبلغون 3-5% تثدي أكبر، وهؤلاء يرون من الضرورة أن يزيلوا هذا الثدي؛ كونه يقيد حريتهم في ارتداء ملابس السباحة وحتى الملابس الأخرى وهم ما زالوا في أعمار شابة. ويشير أهلي إلى موضة شبابية في نحت البطن قائلاً: «يميل بعض الشباب لتحديد شكل البطن وخصوصاً من الرياضيين؛ لكن ما زالت دهون البطن تشكل لهم عائقاً للوصول للشكل المثالي، وهو ما يُسمى «سكس باك» للبطن، وهي عضلات محددة تبرز شكلاً رياضياً للجسم، وهذه تتم من خلال اشتف دهون من مناطق محددة للبطن، بينما تبقى البارزة منها ذات شحوم، فتبدو في شكلها وكأنها عضلات، إلا أن أي سمنة مستقبلية ولو بسيطة من الممكن أن تغير شكل البطن؛ لأنها في الأصل هي شحوم وليس عضلات».ويلفت أهلي إلى أن إقبال الشباب على عمليات جراحة السمنة أصبح في تزايد ملحوظ إلا أن تلك الجراحات وبعد نقصان الوزن الكبير تبرز لهم مشكلة الجلد الزائد؛ حيث إنه لم ينكمش بذات النسبة التي انخفض فيها الوزن جرّاء العملية الجراحية، وهو ما يجعلهم يقبلون على عمليات التخلص من الجلد الزائد الناتج عن الترهل، التي تعد وعمليات الشفط من المرتبة الأولى بين عمليات الرجال، تليها عمليات الثدي. جلطات وتعرجات جلدية تقول الدكتورة آمنة حميد بالهول استشاري جراحة التجميل بمستشفى راشد: إن الرجال اليوم باتوا يهتمون بمظهرهم بشكل مختلف عن السابق، ويركزون في التفاصيل الدقيقة التي لم يكونوا يولونها الاهتمام، وقد يكون هذا واحداً من أسباب إقبالهم على طبيبة، حيث إنهم يعلمون مدى دقة المرأة في مسائل تخص التجميل. وتضيف بالهول: «تعتبر منطقتا البطن والصدر من أبرز الأماكن التي يقبل على تجميلها الرجال، تليها عمليات شفط الدهون وشد الجلد في الذراع والأفخاذ، وتعتبر الترهلات الجلدية التي تلي فقدان الوزن من أكثر الأشياء التي تزعجهم، كون بقائها يعيق حياتهم بالمعنى الحقيقي، لذلك بات هنالك ازدياد في الإقبال على التخلص من الجلد المترهل بقدر ما هنالك إقبال على جراحة السمنة، فالجلد المترهل بشدة يمنح الشاب مظهر المسن، وهو الأمر المرفوض بعد التخلص من السمنة، لذلك فإن 90% من الذين يجرون عمليات جراحة السمنة يلجؤون لشد الجلد. كما يعتبر شفط الدهون من أماكن غير مرغوب فيها من الحلول التجميلية التي بات هنالك إقبال عليها، ومن أبرز المناطق الذراعان والأفخاذ ومنطقة ما فوق الركبة، ويتم ذلك بجهاز شفط الدهون من خلال إدخال أنابيب بمقاسات معينة وملائمة لمنطقة الشفط في الجسم، وتتم بعد حقن المنطقة بمادة مركبة سائلة تسهل الشفط وتقلل من النزيف وتخدر المنطقة».وتشير بالهول إلى ضرورة اختيار الطبيب بعناية، ذلك أن هناك من الحلول التجميلية ما يمكن أن يتسبب بنزيف أو جلطات أو تعرجات جلدية.
مشاركة :