لم يعد دخول الرجال إلى مراكز التجميل لتحسين منظرهم العام أمراً منافياً للعرف، أو خارجاً عن التقليد، كما كانت عليه الحال قبل بضعة عقود، فقد أصبح من المألوف توجّههم إلى هذه الأماكن لزراعة الشعر، أو شفط الدهون، أو تصويب ملمح ما كان يسبب لهم إزعاجاً كبيراً. لكن الأمر لم يتوقف عند حدود هذه الرغبة، التي يرى كثيرون أنها منسجمة مع متطلبات «عصر السيلفي» - حيث الصورة تأتي أولاً وقبل كل شيء - بل تجاوزها كثيراً، متخطياً حدود المقبول اجتماعياً، بعدما دفع «الهوس» بالمظهر الخارجي رجالاً ونساءً للمبالغة في مطالباتهم التجميلية. ووفقاً لمختصين في هذا المجال، تجاوزت عمليات التجميل نفخ الشفاه، ورسم الحواجب، إلى «استنساخ» شخصيات من المشاهير، عبر محاكاة مظهرهم الخارجي، الأمر الذي ينافي العادات العربية المتوارثة، ويمثل خروجاً على القيم والتقاليد الإماراتية. وعزا مختصون هذا السلوك إلى غياب الثقافة، والرغبة في تقليد شخصيات من ثقافات أخرى، في الوقت الذي لا توجد فيه قوانين محلية تحدّ من هذه الممارسات، مشيرين إلى ضرورة سن قوانين تحظر على مراكز التجميل إجراء عمليات من هذا النوع. وقال رئيس شعبة التجميل في جمعية الإمارات الطبية، وأستاذ الطب في جامعة الإمارات، الدكتور زهير الفردان، إن «قانون الدولة لا يمنع أطباء التجميل من مزاولة مهنتهم في حدود ما هو مقبول أو مسموح به اجتماعياً، إذ يمكنهم تلبية كل ما يطلب منهم من العمليات التجميلية. إلا أن الفترة الأخيرة شهدت إقبال رجال على إجراء عمليات غير مألوفة داخل المجتمع، مثل نفخ الشفاه، أو حقن الثدي والأرداف. وذهب البعض إلى وشم الحواجب، الأمر الذي يرفضه المجتمع، لأنه ينافي القيم والمبادئ العامة لأفراده». ورأى الفردان أنه «في ظل عدم وجود قانون يضبط ويحكم جراحات التجميل، فإن أخلاقيات المهنة هي الضابط الوحيد لها بالدولة»، مؤكداً أن «الطابع الربحي والتجاري هو المسيطر على هذا النوع من الجراحات، خصوصاً في القطاع الخاص، الذي فقد بعض العاملين فيه صدقية العمل الطبي». من جهته، قال أستاذ واستشاري الأمراض الجلدية في جامعة الإمارات، الدكتور إبراهيم كلداري، إن الفترة الأخيرة شهدت نقاشاً كبيراً بين ما هو مقبول في عمليات التجميل وبين الأمور المستحدثة التي تعارض العادات والتقاليد المجتمعية. واعتبر أن «السبب في مثل هذه الحالات هو تدنّي الجانب الثقافي والديني لدى المراجعين، ووجود حالات من الجشع لدى بعض أطباء ومراكز التجميل». وشرح كلداري أن «تجميل الرجال كان قاصراً على أمور مثل زراعة الشعر وشفط الدهون، والتخلص من أية أشياء تسبب مشكلات في الجسم بشكل عام، إلا أن ما حدث أخيراً من مبالغة في عمليات التجميل لا يعدّ أمراً مقبولاً ويستلزم تدخّل الجهات المعنية». وأشار إلى أن «عمليات شفط الدهون شهدت إقبالاً من الرجال يعادل إقبال النساء عليها تقريباً، فيما تعتبر عمليات زراعة الشعر التجميلية الأكثر طلباً من الرجال في الإمارات، ثم عمليات الشد بعد إزالة الدهون، وأخيراً الليزر». وحول ما أُثير أخيراً عن إعلان مركز تجميل عن خدمات تجميلية للرجال، مستخدماً صبياً، قدّمه بشكل غير لائق، طالب كلداري بفرض عقوبات قاسية على هذه المراكز «التي تروّج لممارسات مخالفة لعادات وتقاليد المجتمع الإماراتي». من جانبه، قال استشاري جراحة التجميل في دبي، الدكتور قاسم أهلي، إن «إقبال الرجال على التجميل تجاوز تحديد اللحى، وزراعة الشعر، إلى حقن النضارة، والبوتكس، وإزالة التجاعيد، وذهب البعض إلى إجراء عمليات غريبة غير مقبولة، مثل نفخ الشفاه والتشبه بمشاهير أو نساء في بعض الحالات». هوس التجميل أكد الدكتور زهير الفردان أن اختلاف ثقافات كثير من أفراد المجتمع، وأطباء التجميل العاملين في الدولة، وراء كثير من المظاهر الاجتماعية غير المألوفة. وأضاف أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دوراً سلبياً، من خلال نقل هذه المظاهر من مختلف أنحاء العالم إلى ساحة مجتمعنا. واعتبر الفردان أن «هوس العمليات التجميلية يذهب ببعض مراجعي عيادات التجميل بالدولة إلى طلب تغيير وجوههم بالكامل، إذ تستقبل العيادات رجالاً ونساءً يحملون صوراً لشخصية ما من المشاهير، مطالبين الطبيب بأن يحولهم إلى نسخة منها، وبإجراء التدخلات الجراحية كافة، حتى إن لزم الأمر أن تشمل الجسم بالكامل، للحصول على الصورة المطلوبة».ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :