واشنطن - وكالات - أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن إيران لا تشكل تهديداً كبيراً لبلاده رغم وقوفها خلف كل المشكلات على مستوى الشرق الأوسط وأوروبا، محذراً من أن خطط تنظيم «الإخوان» الإرهابي «أخطر من أي أمر شهدناه خلال آخر 100 عام من التاريخ». وقال في مقابلة مع مجلة «تايم» الأميركية بثتها على موقعها مساء أول من أمس، إن تنظيم «الإخوان إذ يعلم أن منطقة الشرق الأوسط تتبع استراتيجية جيدة ضده في السعودية والإمارات ومصر والأردن والعديد من الدول الأخرى، إلا أن هدفه الرئيسي يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة، حيث يأملون بأن تصبح أوروبا قارةً إخوانية بعد 30 عاماً».وأكد مجدداً أن التنظيم هو الأب الشرعي لجميع الحركات والتنظيمات الإرهابية التي انتشرت في العالم، مشيراً إلى أن السعودية لا تنشر أي أيديولوجية متطرفة، وأنها كانت «أكبر ضحية للفكر المُتطرف».وأضاف «لدينا جماعة الإخوان ومن ضمنهم السروريون، وهناك العديد من الأفلام الوثائقية التي شاهدناها حول العالم والتي تصف السروريين بالوهابيين، نحن في الحقيقة نصفهم بالسروريين في السعودية، هؤلاء أعلى بدرجة من الإخوان، حيث أنهم ينظرون إلى الأمور من منظور أكثر تطرفاً في الشرق الأوسط، ولكنهم بموجب قوانيننا مجرمون، وحينما نملك أدلة كافية ضد أي أحد منهم، نقاضيهم في المحاكم».وأشار إلى زعيم تنظيم «القاعدة» الرحل أسامة بن لادن، مؤكداً أنه «كان يتلاعب بالناس في بداية التسعينات، ولقد طالبنا باعتقاله، لقد كان خارج السعودية، وكان ينبغي أن يتم اعتقاله، ولقد ردت صحيفة ذي إندبندنت (البريطانية) علينا في العام 1993 بأن بن لادن يناضل من أجل الحرية وإنه يمارس حرية التعبير، يُمكنك العودة إلى مقالة الصحيفة، وهذا الأمر كان قبل أحداث 11 سبتمبر 2001، قبل 10 سنوات منها، لقد كنا نقول إنه رجلٌ خطير، وإرهابي، وينبغي أن يتم اعتقاله فوراً، لقد تعرضنا لهجمات إرهابية في السعودية، وتعرضت مصر لهجمات إرهابية في التسعينات، لكن تم اتهامنا بأننا نقمع حرية التعبير حتى وقعت أحداث 11 سبتمبر، لذا، فإنه من الواضح جداً أننا نحن الضحايا، ولكن من الواضح أيضاً أننا في الخطوط الأمامية لأنه لم يعد بإمكانهم التجنيد ونشر الأيديولوجية إذ لم يتمكنوا من القيام بذلك في السعودية، إذ وقفنا وخضنا الحرب، ونحن نقوم بذلك اليوم في السعودية».وضرب مثالاً على التشدد، مشيراً إلى أن اليوم الوطني لم يعتد السعوديون أن يحتفلوا به لأن كثيراً من المتطرفين قد أخبروهم بأن الاحتفال به محرم، وأخيراً بدأوا يحتفلون.ولفت إلى أن السعودية نجحت في إخراج النفوذ الإيراني من أفريقيا بنسبة تجاوزت 95 في المئة والأمر ذاته ينطبق على آسيا، واليمن، والعراق، فقد «شاهدنا 70 ألف مشجع يرفعون علم العراق والسعودية معاً في مباراة كرة القدم التي جرت بين المنتخبين». اليمنوعن تدخل التحالف في اليمن، قال محمد بن سلمان، إن «الأزمة الإنسانية اليمنية لم تبدأ في العام 2015، بل بدأت في العام 2014 عندما بدأ الحوثيون بالتحرك، ولكن ماذا لو لم يستجب التحالف ومجلس الأمن لنداء الرئيس اليمني (عبد ربه منصور هادي) والحكومة الشرعية اليمنية؟ سوف ترى اليمن منقسماً بين مجموعتين إرهابيتين، الحوثيين وهم حزب الله الجديد في الشمال، و(تنظيم) القاعدة في الجنوب وهم يحاولون استغلال ما يحدث هناك ويحاولون النمو منذ العام 2015، وهكذا سترون اليمن منقسماً بين هاتين المجموعتين الإرهابيتين»، ولكان الأمر مثل أسوأ مما حدث في العراق، في إشارة إلى ما فعله تنظيم «داعش».وتابع «نحن الان نعمل من خلال معلومات استخباراتية على تقسيم الحوثيين، لذلك نرغب بمنح الفرصة إذا كان هناك أشخاص في الصف الثاني أو الثالث للحوثيين ويرغبون بمستقبل مغاير فسنساعدهم على فصلهم عن قادة الصف الأول الحوثيين الأيديولوجيين».وإذ شدد على أن النظام الإيراني هو سبب المشكلات في الشرق الأوسط، حذر محمد بن سلمان من التغاضي عن ممارساته، مؤكداً أن «أي مشكلة في الشرق الأوسط سنجد لإيران يداً فيها، فالتدخل الإيراني ظهر في العراق وفي اليمن وفي سورية وفي لبنان، أما الدول التي شهدت استقراراً نسبياً مثل مصر والسودان والأردن والكويت والبحرين فلم تكن لإيران يد بها». واعتبر أن المشكلة ليست فقط بين إيران والسعودية، بل بين إيران والسعودية والإمارات ومصر والكويت والبحرين واليمن، والعديد من الدول في شتى أنحاء العالم، لذلك فإن «السعودية تطمح إلى ضمانة أنه مهما كانت خطط إيران فهي ستبقى داخل حدودها».النووي الإيرانيوتعرض إلى مسألة السلاح النووي الإيراني، قائلاً: «إننا لن نبدأ بفعل أي شيء قبل أن تعلن إيران عن امتلاكها سلاحاً نووياً، ولا شك في أننا نقوم بتجهيز جيشنا، ونمتلك جيشاً قوياً ومجهزاً على أعلى مستوى، وإذا ما نظرنا إلى الجودة والحجم، فإن السعودية تملك أفضل جيش».وأوضح سبب عدم اعتبار أن طهران تشكل تهديداً للملكة، قائلاً: «ببساطة (إيران) ليست من ضمن الدول الإسلامية الخمس الأكبر في المجال الاقتصادي، كما أن حجم الاقتصاد السعودي يبلغ ضعف نظيره الإيراني، إضافة إلى أن الاقتصاد السعودي ينمو أسرع بمرتين أو ثلاث مرات من الاقتصاد الإيراني، إضافة إلى أن الاقتصاد الإماراتي والمصري والتركي أكبر من الاقتصاد الإيراني، والأمر ذاته ينطبق على الجيش، فهم ليسوا من ضمن الخمسة جيوش الكبرى في الشرق الأوسط، لذا فهم متخلفون بشكل كبير».وشدد على أن السعودية لم تستغل إلا 10 في المئة من قدراتها، موضحاً «نحن نرسم خطتنا بناءً على مكامن القوة لدينا، فلا نريد أن نقلد غيرنا، ولا نريد أن نبني وادي السيلكون»، موضحاً أن المملكة تمتلك جيشاً قوياً ومجهزاً للغاية، جيش يحظى بأعلى معايير الجودة و«إذا ما نظرنا إلى الجودة والحجم فإن السعودية تملك أفضل جيش».إسرائيلوعن علاقة السعودية مع إسرائيل، قال بن سلمان:«لا يمكن أن يكون لنا علاقة مع إسرائيل قبل حل قضية السلام مع الفلسطينيين، لأن كلا منهما لهما الحق في العيش والتعايش، وحتى حدوث ذلك، سنراقب، وسنحاول دعم حل للسلام، وعندما يحدث ذلك، بالطبع في اليوم التالي سيكون لدينا علاقة جيدة وطبيعية مع إسرائيل، وستكون الأفضل للجميع».سوريةوفي ما يتعلق بالملف السوري، قال محمد بن سلمان: «لا أعلم إن كان بعض الأشخاص سيغضبون حينما أجيب عن ذلك السؤال، لكنني لا أكذب، أعتقد أن الكذب على الناس أمرٌ مُخزٍ فعلاً، وخصوصاً في العام 2018، حيث يكاد يكون أمراً مُستحيلاً أن تُخفي شيئاً عن الناس، أعتقد أن (رئيس النظام) بشار (الأسد) باقٍ في الوقت الحالي، وأن سورية تُمثل جزءاً من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لمدة طويلة جداً، ولكنني أعتقد أن مصلحة سورية لا تتمحور في شأن ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون فيها على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سورية أيديولوجيتها، حينها بشار سيكون دُميةً لإيران».وأضاف «لذا، فمن الأفضل لهُ (بشار الأسد) أن يكون نظامه قوياً في سورية، وهذا الأمر أيضاً سيكون إيجابياً بالنسبة لروسيا، أما روسيا، فمن الأفضل لهم أن يكون لهم قوة مباشرة، وأن يُمكنوا بشار، ولديهم نفوذ مباشر في سورية ليس عبر إيران، لذلك فإن هذه المصالح قد تُقلل من النفوذ الإيراني بشكل كبير، ولكننا لا نعرف ما هي النسبة المئوية لذلك، ولكن بشار لن يرحل في الوقت الحالي، لا أعتقد أنه سيرحل من دون حرب، ولا أعتقد أنه يوجد أي أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب، لما ستحدثه من تعارض بين الولايات المتحدة وروسيا، ولا أحد يريد رؤية ذلك».وعما إذا كان يرغب في رؤية وقف للصراع في سورية لأن النتيجة باتت مؤكدة، قال محمد بن سلمان: «أعتقد أنها اقتربت لتكون كذلك، لدينا الآن أراضٍ يُسيطر عليها بشار، أما الأراضي الأخرى فهي تحت سيطرة الشعب السوري بدعمٍ من الولايات المتحدة، نأمل أن تتوقف الأمور التي تحدث في سورية في أقرب فرصة ممكنة».وفي ما يتعلق ببقاء القوات الأميركية في سورية، اعتبر محمد بن سلمان أن عليها «البقاء على المدى المتوسط على الأقل، إن لم يكن على المدى الطويل، وذلك لأن الولايات المتحدة تحتاج لأن تمتلك أوراقاً للتفاوض وممارسة الضغط»، لافتاً إلى أنه «في حال إخراج تلك القوات فأنت تخسر تلك الأوراق، هذا أولاً، أما ثانياً فتحتاج إلى نقاط تفتيش في الممر بين حزب الله (اللبناني) وإيران، لأنك إن أخرجت هذه القوات من شرق سورية فستخسر نقطة التفتيش تلك، وسيساهم ذلك الممر في تصعيد أمور أخرى في المنطقة».علاقة قوية وعن علاقات الرياض وواشنطن، أكد محمد بن سلمان أن لديه علاقات جيّدة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومع فريقه ومع عائلته، ومع جميع الأشخاص المهمين في إدارته، مضيفاً «لدينا أيضاً علاقة جيدة جداً مع كثير من أعضاء الكونغرس من كلا الحزبين (الديموقراطي والجمهوري) وكثير مع الأشخاص في الولايات المتحدة والجميعُ يؤمن بأهمية البلدين في مواجهة المخاطر التي تواجهنا، وبأهمية الاستمرار في إيجادِ مستقبلٍ أفضل لكلا البلدين».وأشار إلى أن واشنطن اقترفت خطأين في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، أولهما هو التدخل في العراق، واصفاً ذلك بـ«الخطأ الفادح»، ومضيفاً «كذلك، أعتقد أنه كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تتوقف بعد إكمال المهمة في أفغانستان، وأن تركز على كيفية تحويلها من دولة ضعيفة إلى دولة طبيعية». وأوضح أن الخطأ الثاني «فيتمثل في سحب القوات الأميركية من العراق، وتفكيك الجيش العراقي، هذان هما الخطآن الكبيران اللذان تسببا في ظهور مشكلات أخرى في منطقة الشرق الأوسط».نظام الحكموتطرق إلى نظام الحكم في المملكة موضحاً، أن الملك لديه الحق في اختيار ولي العهد وولي ولي العهد، ولا يمكن لأحد أن يصبح ولي العهد أو ولياً لولي العهد من دون إجراء التصويت الذي يتم بين 34 ناخباً يمثلون أبناء الملك عبد العزيز.وأضاف: «أنا حصلت على أعلى نسبة أصوات في تاريخ السعودية، أكثر من أي شخص آخر قبلي، فقد حصلت على 31 من بين 34 صوتاً من مجلس البيعة، لذلك هذه هي الأعلى، وثاني أعلى رقم في المملكة، كان 22 صوتاً. لذا، من الناحية التاريخية، لقد حققت رقماً قياسياً في الأصوات المؤيدة داخل العائلة المالكة، وهم ينتهي دورهم عندما يقومون بالتصويت، وأصبحت رسمياً ولي ولي العهد ثم ولي العهد». «غوغل» لولي العهد السعودي: أهلاً بك واشنطن - وكالات - زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مقر شركة «غوغل» في وادي السيلكون في سان فرانسيسكو.وخلال زيارته للشركة ليل أول من أمس، التقى محمد بن سلمان بمؤسسي «غوغل» سيرجي برين ولاري بايج والمدير التنفيذي ساندر بيتشاي والقيادات العليا في الشركة.وفي لفتة ترحيب بسيطة، بدت شاشة كبيرة في مقر الموقع العالمي تتأهل بولي العهد، من خلال عبارة «أهلاً بك» باللغتين العربية والإنكليزية. وجرى خلال اللقاء بحث سبل التعاون في خدمات الحوسبة السحابية في المملكة، والفرص الواعدة في مبادرة التحول الرقمي في توطين التكنولوجيا وتطوير البيئة الرقمية، وإنشاء مركز بحث وتطوير وتدريب الشباب السعودي، وسبل تعزيز التعاون في مجال الأمن السيبراني.كما اطلع محمد بن سلمان على عرض عن سحابة «غوغل» الإلكترونية، وعرض عن الذكاء الاصطناعي والتعليم الآلي.
مشاركة :