مـــا هـــو المقـــابـــل يــا سيــد تــرامـــب؟!

  • 4/10/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تحدثت أمس عن الجدل الدائر في أوساط الإدارة الأمريكية هذه الأيام حول قضية الانسحاب الأمريكي من سوريا التي طرحها الرئيس ترامب, وكيف كشف هذا الجدل في رأي المحللين عن أن ترامب لا يرغب في الدخول في مواجهة حقيقية مع إيران, وكل ما يهتم به هو الحصول على أكبر قدر ممكن من الأموال من دول الخليج العربية. ما الذي يعنيه هذا التطور بالضبط؟ وما هي تبعاته المحتملة؟ بداية, بالنسبة إلى سوريا نفسها, ليس لهذا الموقف الأمريكي من معنى سوى أن الإدارة الأمريكية لا ترى مانعا في أن تفسح المجال لاستمرار السيطرة الإيرانية في سوريا. الإدارة الأمريكية تعلم هذا جيدا, ولا يبدو على ضوء هذا التطور انها تمانع في هذا, أو على الأقل ليست لديها الرغبة في العمل على إنهاء هذه السيطرة الإيرانية. الكلام نفسه يمكن أن ينطبق على العراق, فمن الواضح أن إدارة ترامب قد تتعامل معه بنفس منطق التعامل مع سويا. بالطبع, لسنا بحاجة إلى القول إن السماح لإيران بترسيخ أقدامها في سوريا والعراق على هذا النحو أمر يهدد كل الدول العربية. والسؤال المهم الذي يثيره الموقف الأخير للرئيس ترامب ويجب أن نفكر فيه مليا هو: ما هي الرسالة التي يحملها إلى النظام الإيراني؟ الرسالة في تقديري هنا واضحة وخطيرة جدا.. الرسالة هي أنه رغم كل المواقف العدائية المعلنة من ترامب وأركان إدارته لإيران, ورغم كل التهديدات التي يطلقونها, فإنهم في حقيقة الأمر لا يعتزمون ولا يرغبون في الدخول في أي مواجهة فعلية على أرض الواقع مع إيران. الرسالة بعبارة أخرى هي أن لإيران أن تمضي قدما في مخططاتها سواء في سوريا أو العراق أو غيرهما, وأن ترسخ أقدامها أكثر وأكثر من دون أن تخشى مواجهة أمريكية جادة وحقيقية. الأمر الآخر المهم جدا في هذا التطور وهذه المواقف التي عبر عنها ترامب يتعلق بهذه الأموال العربية الطائلة التي لا يتردد علنا في أي مناسبة في الإفصاح عن أنه يريد أن يستنزفها من دول الخليج العربية. المشكلة هنا أنه يريد هذه الأموال من دون أي مقابل محدد واضح. السؤال المهم هو: كيف يجب أن تتعامل الدول العربية مع هذا التطور ومع هذه المواقف التي عبر عنها ترامب؟ ثلاثة جوانب هنا يهمنا تأكيدها باختصار شديد: 1 – إن الدول العربية يجب أن تتوقف ابتداء عن التهافت على ترامب, وعن التعامل معه كما لو كان هو المنقذ وهو الذي سوف يحل الأزمات ويواجه الأخطار. هذا ببساطة شديدة غير صحيح. 2 – إنه فيما يتعلق بهذه الأموال الطائلة التي يريد ترامب استنزافها, ولا يكف في أي مناسبة عن الحديث عن ذلك, فإن دول الخليج العربية يجب أن تسأل الرئيس الأمريكي سؤالا بسيطا محددا: هذه الأموال التي تريدها في مقابل ماذا بالضبط يا سيد ترامب؟ السؤال لترامب بصياغة أكثر تحديدا يجب أن يكون: هل هذه الأموال فقط في مقابل الكلام والمواقف الإنشائية التي تنتقد إيران وتعبر عن الدعم لدول الخليج العربية, في الوقت الذي تتمدد فيه إيران في المنطقة وتعزز أقدامها ومواقعها من دون ردع أمريكي؟ نريد أن نقول إن هذه الأموال التي يطلبها ترامب يجب أن تكون في إطار استراتيجية متفق عليها مع الإدارة الأمريكية لإنهاء الوجود الإيراني الإرهابي في المنطقة ووضع حد لتهديدها وأخطارها, وضمان أمن استقرار الدول العربية فعلا. 3 – ولن نمل من تكرار القول إنه قبل هذا كله وبعده, وبغضّ النظر عن أي تطورات في المواقف الأمريكية, فإن المهمة الأولى والمطلقة التي يجب أن تكون محل تركيز الدول العربية هي العمل على بناء قوة عربية موحدة وفاعلة هي التي تتولى مهمة الدفاع عن الأمة ومواجهة الأخطار وضمان أمن واستقرار دولنا.

مشاركة :