{ النظام العربي اليوم أوصل نفسه بقلة حكمته إلى (زاوية قلة الحيلة)! ولم يعد فاعلا أو مؤثرا في الأحدث الجارية بالشكل المطلوب ولم يعد مهمًّا أن تقوى دولة عربية واحدة هنا أو هناك! فالذي يحدث منذ سنوات، بل منذ عقود، (كان يحتاج إلى قراءة عربية واضحة و«جمعية» وإلى مشروع عربي واضح أيضا للمواجهة، وإلى إرادة عربية حرة تعرف كيف تحرك الامكانيات والقدرات العربية، نحو الاتجاه الذي يجب أن تتحرك فيه تلك الامكانيات والقدرات والثروات)، ولأن ذلك لم يحدث رغم الكوارث الكبرى التي ألمّت بالعديد من الأوطان، وزحفها ككوارث لا يتوقف، ليصيب ما تبقى من دولنا! استهانت القوى (إقليمية ودولية كبرى) بالعرب، فتهاوشت وتناوشت على بلداننا وشعوبنا واحدة بعد الأخرى، ومن كل صوب وحدب! حتى أصبحنا كالساحة المفتوحة (المستلبة) لمن يريد أن يلعب لعبته، ويحقق مطامعه ومشاريعه! فالنظام العربي يبدو أنه لا يزال بعيدا عن تعلم دروس ذلك ودروس التاريخ، وقراءة المؤشرات والوقائع السابقة، فما بالنا بالوقائع والأحدث القادمة! { لم يؤمن هذا (النظام العربي) بعد، بأن الأعداء ينظرون إلى تعدد بلدانه (كمنطقة واحدة)، وأن مصيره مرتبط بمصير كامل الأوطان والشعوب العربية، وأن الاستهداف هو بالجملة لا بالتجزئة! وذلك يستدعي مواجهة بالجملة أيضا لا بالتجزئة! ولم يدرك هذا النظام العربي أيضا أن تخاذله عما يحدث في بعض الأوطان العربية منسحب عليه في النهاية! وأن سياساته التي نراها اليوم لن تُبقي (بضم التاء) عليه أو على بعضه كما يأمل! وأن استعداده للمهادنة وللتنصل من المسؤولية التاريخية وخاصة في ظل الفرقة والتشرذم الراهن، وتهميش القضايا المصيرية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وما لحقها من قضايا دول عربية أخرى ونكبات، هذا التهميش (غير العاقل) للقضايا العربية سيجعله في النهاية هو نفسه كنظام عربي أو كدول عربية منفردة أو مجتمعة وكأوطان وشعوب، واقعا في (قاع التهميش) من القوى الإقليمية والكبرى أيضا، وهذا ما يحدث اليوم! { لا يتعامل النظام العربي مع نفسه ومع شعوبه وأوطانه وقضاياه، تعامل (من يحكم ويملك القرار ويرسم المصير العربي ويتحمل المسؤولية بإجماع عربي)، فهمّش تأثيره وفاعليته في فلسطين بداية ثم في لبنان ثم في العراق ثم في سوريا ثم في ليبيا، حتى جر الحبل المسحوب إلى الهاوية بقية البلدان إليها! واعتقد النظام العربي أن (اللا تأثير واللا فاعلية هي زاوية الأمان والحماية)! وأضاف إليها أن تكون (قطع النرد المسماة أنظمة عربية) متحالفة مع أعدائها، فمن جهة دول تتحالف مع (العدو الإيراني)، ودول تتعاون مع (العدو الصهيوني) أو داعميه من القوى الكبرى! ثم تأمل أن تخرج من الأعاصير المحيطة بها من تلك القوى بأمان! وتبني المستقبل العربي! { نظام عربي يتناحر بعضه مع بعضه حتى اللحظة، ويفكر إلى اليوم بشكل تقليدي مع بعض (الرتوش التحديثية) ويتحالف مع أعدائه! فتتفاقم حالات (الشلل العربي) وجراء هذا (الشلل الناجم من عدم الرؤية والقراءة الصحيحة لمجرى الأحداث ومآلاتها) تتفاقم مع السنوات استهدافات القوى الخارجية للأوطان العربية أكثر فأكثر، لأن النظام العربي (أعطاهم مجال ملء الفراغ العربي في الدول المصابة بالدمار الأكبر) فصاروا يجتمعون (بدون وجود عربي) ليقرروا مصير هذا البلد العربي أو ذاك، ونموذج ذلك هو (اجتماع أنقرة) مؤخرا بين روسيا وتركيا وإيران، لتحديد مصير سوريا العربية، ولا صوت سوري أو عربي في هذا الاجتماع. { غياب الحكمة وعدم وضوح الرؤية وانعدام وجود استراتيجية عربية، وعدم تفعيل الارادة السياسية العربية، وعدم تفعيل القدرات العربية في اتجاهها الصحيح، وعدم التعلم من دروس التاريخ وما فعلته (القوى الكبرى) ذاتها بالمنطقة العربية، من استعمارات سابقة وراهنة، واستنزاف للثروات العربية، وعدم السماح للأصوات العربية (المخلصة)، كل ذلك وغيره، مما لا يتسع له هذا المقام، أدى إلى الكوارث المتلاحقة التي تحيط بالمنطقة العربية! فيما الأنظمة العربية مشغول بعضها بالصراعات الهامشية بينها وبين بعضها! أو مشغول بعضها الآخر بلملمة ولعق الجراح! أو الآخر مشغول بالارتماء أكثر فأكثر في أحضان (العدو الإيراني) وربما (العدو الصهيوني)! في محيط من الضعف لم يصل إليه العرب قط! حتى أصبحت «القضية الفلسطينية» كمثال، وهي (بإدارة العدو الصهيوني)، سبب كل النكبات المتلاحقة بعد ذلك على العرب لأنهم لم يعالجوها العلاج الجذري منذ البداية! نقول أصبحت هذه القضية (الأصل) لما لحق بها بسبب (قلة التدبير العربي) مدعاة اليوم للتهميش أكثر فأكثر، وبضياعها ضياع العرب جميعا! فهل من يتعلم الدرس؟!
مشاركة :