ليلاس سويدان | «اللغة وعلاقتها بالهوية» كانت موضوع الندوة التي قدمها مركز حروف في مكتبة صوفيا وتحدث فيها الروائي ناصر الظفيري. هذه الندوة قدمها عبدالعزيز العوضي الذي استشهد من خلال تقديمه بهيدجر الذي قال إن «اللغة هي بيت الإنسان» وتساءل كيف كيف يمكن ربط التصورات الفلسفية بالأدب باعتبار أن الأدب لغة، وتساءل كيف يمكن أن تصيغ اللغة هوياتنا، وكيف يمكن ان يظهر لنا العالم بأشكال مختلفة من خلال اللغة. الظفيري قال إن اللغة وسيلة تواصل وأداة تعبير ولا علاقة لها مطلقا بالهوية، وإن مصطلح الهوية مربك ويجب الاتفاق على تحديده اولا، وإن اللغة قد تشكل هوية ثقافية بمعنى أن ما يكتبه أحد ما بلغة معينة ينتمي لأدب تلك اللغة. وأضاف أن مصطلح الهوية يجعلنا نتحدث عن هويات مختلفة تماما مثل الهوية الوطنية التي قد تكون انتماء ورقيا لا ثقافيا ولا اجتماعيا، فيمكن أن تمنح ورقة رسمية هوية وطنية لشخص ولكنها لا تمنحه الهوية الثقافية، إن كانت هويته تنتمي لمكان آخر هاجر منه مثلا. وأشار إلى محاولة المستعمر في بعض البلاد إلى محاولة تشكيل هوية ثقافية معينة عبر فرض اللغة أو حتى قبول المستعمَر بذلك طوعا، ولكن هذا لم يغير فعليا الهوية الثقافية للسكان الأصليين رغم تغير اللغة أو حتى الاحتفاظ بها إلى جانب اللغة الأصلية. بل إن بعض الدول أصبحت تطلب من المهاجرين الحفاظ على لغتهم الأصلية لإن بإمكانهم الاندماج مع المجتمع من دون الاضطرار لاكتساب لغة أخرى. مداخلات أشارت بعض المداخلات إلى الأسلوبية في اللغة والمجاز المعرفي التي ترتبط بالهوية، وإلى أن اللغة كائن متغير له علاقة بالتاريخ والجغرافيا والأبعاد الإنسانية. بعض أسئلة الحضور ابتعدت عن موضوع اللغة والهوية، فقد اجاب ناصر عن اسئلة حول الزمن في رواياته، والذي قال إنه دوما جزء من رواياته كحضور تقني أو حضور فعلي. والقارئ الذكي برأيه هو الذي يجمع هذه الأزمنة التي ينتقل بينها ليكوّن زمنا متكاملا. وأشار الظفيري إلى ان النقد العربي مقصر في مجال الرواية، وإلى قلة النقاد في الكويت رغم نشاط الحركة الروائية فيها، ولام زملاءه الذين لديهم قدرة على الكتابة عن زملائهم الكتاب ولكنهم لا يفعلون، وقال إن ما يصله من كتب جيدة هو من توصيات أصدقاء، واتهم بعض الكتاب الكويتيين بالعنصرية تجاه زملائهم الكتاب، وقال إنه لا توجد زاوية جيدة في الصحافة الكويتية تلفت النظر إلى هذه الأسماء الجديدة في عالم الكتابة. مشروع البدون وأشار الظفيري إلى أن مشروعه الكتابي «البدون في الكويت» كتبه وأمامه هم تاريخي سببه ظلم البدون من بداية تكوين الدولة، موضحا أنه يتم تشويههم الآن بشكل أكبر ، وسيأتي المؤرخ يوما ما ويكتب ما يقال، ولكن الروائي يكتب الحقيقة وما حدث فعلا. في تاريخنا الإسلامي مثلا يذكر الحدث والحروب والقتلى، ولكن لأنه لم تكن هناك رواية لم نعرف شيئا عن الأفراد وحيواتهم وتفاصيلها. لذلك، وفق قوله، كتب عملا فنيا لا يشبه التاريخ المباشر، وكانت هذه بالنسبة إليه معاناة أخرى لأنه يحتاج لتقنية فنية تحقق الهدف الجمالي وتكسب القضية أيضا، وتلك المعادلة الصعبة، وقال «لم نعد أحرارا في خيالنا وألزمتنا الظروف الاجتماعية والسياسية والطبقية، أن نخرج روايات ربما لو كانت ظروف مختلفة وكنت كويتي الجنسية لكتبت شيئا مغايرا تماما».
مشاركة :