الحكومة التونسية ماضية في برامجها الإصلاحية رغم غياب أطراف مؤثرة

  • 4/12/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – تتقدم الحكومة التونسية في المسار الذي بدأته لتنفيذ الإصلاحات الكبرى المطالبة بها بهدف تجاوز صعوبات المالية العمومية، رغم انتقادات أطراف مؤثرة في المشهد التونسي لأداء الحكومة. ونظمت الحكومة ندوة وطنية لمناقشة الإصلاحات الكبرى، الأربعاء، ودعت إليها الأحزاب والمنظمات الوطنية الناشطة في المشهد السياسي والشأن العام في البلاد. ووصف سمير عبدالله المحلل السياسي والدبلوماسي السابق، في تصريحه لـ”العرب”، الندوة الوطنية حول الإصلاحات الكبرى بأنها “مبادرة هامة وإيجابية”. وقال إنها محاولة من قبل الحكومة لتقديم حلول عملية للقضايا الاقتصادية والاجتماعية الحارقة المطروحة في البلاد، معتبرا أنها مبادرة تخرج من أجواء الخطابات السياسية لتمر إلى التطبيق وملائمة الواقع. وكان عبدالله من بين المشاركين في الندوة الوطنية حول الإصلاحات الكبرى. وأفاد بأن المحاور التي ناقشتها الندوة “هي ورشات عمل ضخمة”. وقال إن الندوة تهدف “لا فقط لتشخيص الوضع لكن أيضا لتقديم حلول وأفاق لتشريك الكفاءات الوطنية”، مشيرا إلى أن العديد من الخبراء والمختصين والأحزاب السياسية الفاعلة والمنظمات الوطنية كانوا من بين المشاركين في الندوة التي نظمتها الحكومة حول الإصلاحات الكبرى. ولفت إلى أن قضايا الضرائب ومؤسسات القطاع العام والصناديق الاجتماعية هي القضايا التي تهم المواطن باعتبارها تتعلق بأوضاعه الاجتماعية وبمقدرته الشرائية ووظيفته وتعليم أبنائه وصحتهم. وأكد أن التونسيون يطمحون إلى العدالة الضريبية انطلاقا من مبدأ تقاسم التضحيات بين جميع فئات الشعب التونسي. لكن أطرافا بارزة في الساحة التونسية لم تشارك في فعاليات الندوة، حيث أعلنت في وقت سابق رفضها دعوة رئاسة الحكومية للحضور إلى هذه الندوة. ومن بين المتغيبين على ندوة الإصلاحات الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة العمالية الأكثر تمثيلا في البلاد والجبهة الشعبية التي تعد أكبر ائتلاف لأحزاب اليسار في تونس وحزب الاتحاد الوطني الحر وهو أحد الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج التي كانت القاعدة التي على أساسها تشكلت حكومة الوحدة الوطنية بقيادة يوسف الشاهد. سمير عبدالله: الندوة تعد مبادرة تخرج من أجواء الخطابات لتمر إلى التطبيق سمير عبدالله: الندوة تعد مبادرة تخرج من أجواء الخطابات لتمر إلى التطبيق ويتهم الاتحاد العام التونسي للشغل والمعارضة الحكومة بأنها لا ترغب في الإصلاح الحقيقي. كما وجهت انتقادات لحكومة الشاهد بسبب تنظيم مؤتمر الإصلاحات الكبرى، في حين أن هناك لجنة مكونة من ممثلي الموقعين على اتفاق وثيقة قرطاج تم تكليفها بمناقشة أولويات الحكومة الحالية في مسعى للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد. ورد الشاهد، في كلمة ألقاها خلال افتتاح الندوة على هذه الانتقادات حيث قال إن “الندوة الوطنية للإصلاحات الكبرى لا يمكن أن تكون بديلا لمسار حوارات الأطراف الموقعة على اتفاق قرطاج”. كما أكد أن حكومته “متمسكة” بهذا الاتفاق. وكان نورالدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل قد اعتبر، الثلاثاء، أن “الندوة الوطنية حول الإصلاحات الكبرى تشويش على وثيقة قرطاج”. من جهته وصف سمير الشفي الأمين العام المساعد باتحاد للشغل، توجيه الحكومة الدعوة لاتحاد الشغل بشأن المشاركة في ندوة الإصلاحات الكبرى في عطلة نهاية الأسبوع بأنه “خطأ كبير”. وقال إن “ندوة في مثل هذا الحجم وما تحتويه من محاور خلافية تحتاج إلى وقت كاف لتكون مشاركة الاتحاد وغيره من الأطراف فعّالة”. وكانت الجبهة الشعبية قد أعلنت في بيان نشرته الثلاثاء أنها لن تشارك في الندوة الوطنية للإصلاحات، إذ قالت إنها “ترفض أن تكون شاهد زور في ندوة ستكون غطاء لتمرير إملاءات صندوق النقد الدولي المعادية للشعب وللوطن”. وأكد الشاهد، في كلمته بالندوة أن “الإصلاحات لا يمليها علينا أحد بل خيارنا وهي ضرورة”. كما شدد على أن “الإصلاحات تبقى الحل لاسترجاع عافية المالية العمومية”. وأفاد بأن حكومته تتحمل مسؤوليتها في الإصلاح وستمضي قدما فيه من أجل إنقاذ المالية العمومية، موضحا أن “تونس في حاجة اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى تنفيذ الإصلاحات الكبرى دون تردد”. وقال الشاهد إن غياب الإصلاحات الكبرى تسبب في ارتفاع عجز الصناديق الاجتماعية والرفع في كتلة الرواتب وتطور ميزانية الدعم، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل أدت إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري والمديونية. واعتبر عبدالله أن “البلاد قدمت ثمنا باهضا للوضع”، مستنكرا البعض من التصريحات الإعلامية التي وصفها بأنها “مزايدات”. وقال “نحن نعيش في دوامة الصراعات السياسية والمزايدات والانتقادات التي زادت من الصعوبات التي تواجهها الحكومة”، مشيرا إلى أنه “تعاقب على تونس 9 حكومات كما جربنا تغييرات كثيرة”. ويرى عبدالله أن “المشكلة ليست في الأشخاص بل في الوضع الصعب”، الذي شدد على أنه عائد للوضع السياسي المرتبك والمتأزم. وكشف رضا السعيدي، الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية، أن الندوة الوطنية للإصلاحات الكبرى تناقش محاور أساسية من بينها: الضرائب وتمويل الاقتصاد والدعم والمؤسسات العمومية والعمل في القطاع العام والصناديق الاجتماعية إلى جانب العديد من الإصلاحات القطاعية. وتضمن الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة خلال الندوة الوطنية للإصلاحات الكبرى، رسائل طمأنة للرأي العام التونسي حول توجهات الدولة في العديد من المسائل التي تمثل أولوية بالنسبة للتونسيين. ورد الشاهد على أخبار وتصريحات عديدة يتم تداولها في وسائل الإعلام المحلية، ومن بينها التشكيك في إرادة الدولة في محاربة الفساد إذ أكد رئيس الحكومة التمسك بالتصدي لهذه الظاهرة في كل المجالات. كما شدد الشاهد على أن حكومته لا تسعى لبيع المؤسسات العمومية خاصة التي تؤمن الخدمات الأساسية للمواطن مثل التعليم والصحة والكهرباء والمياه وغيرها. وأكد عبدالله أنه خلال الندوة الوطنية حول الإصلاحات الكبرى تم رصد نقاشات جدية وتحاليل في العمق، إلى جانب تطارح المقاربات المختلفة وتقديم مقترحات عملية من شأنها أن تعيد الأمل في المستقبل الذي يحتاجه التونسيون للخروج من حالة الإحباط.

مشاركة :