رعى مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل، بحضور رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، أمس، حفل تكريم الفائزين بجائزة الإبداع العربي، وجائزة مسيرة عطاء على هامش فعاليات مؤتمر فكر 16. وقال الأمير بندر بن خالد الفيصل في كلمته، «اسمحوا لي أن أبارك -باسمكم جميعا- لهذه النخبة المميزة فوزها بالجائزة، وأقول لهم: إن أمتكم الفخورة بكم تنتظر المزيد منكم، وأنتم خير أهل وجدارة لذلك إن شاء الله». نفاق القوى الدولية رأى الأمير تركي الفيصل في تعقيبه على الأوراق التي قدمها متحدثون في الجلسة العامة الأولى من مؤتمر «فكر16»، أنّ ميزان القوى العالمي تغير وتغيرت معه موازين القوى الإقليمية، ودخلت منطقتنا في فراغ إستراتيجي أظهر طبيعة التحديات التي تواجه دُولنا العربية داخلياً وخارجياً. وأكد أن الصراع العربي الإسرائيلي هو الصراع المحوري في المنطقة، وهو بؤرة عدم استقرارها منذ بدايته حتى اليوم، مشيراً إلى أن الشعوب العربية تنظر إلى القوى الدولية من خلال مواقفها حيال هذا الصراع الذي يشكل حَلّه مفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة. واعتبر أن هذه المواقف هي الكاشفة للنفاق السياسي للقوى الدولية التي تنادي وتُبشّر بترسيخ قيم الحرية وحق تقرير المصير والمساواة بين البشر وحكم القانون. غموض يشجع إيران تحدث الفيصل عن المصادر الرئيسة التي تتسبب في عدم الاستقرار الحالي في المنطقة، والدور الإيراني ما بعد ثورة 1979 سواء أكان ذلك في سعي إيران للهيمنة السياسية أم في تدخلاتها في شؤون دولنا ونشر أفكارها الطائفية ومحاولة تصديرها إلينا ودعمها الإرهاب الطائفي، أم من خلال سعيها الحثيث إلى امتلاك مصادر القوة غير التقليدية، أم في غموض نواياها وخططها، أم في احتلالها لجزرنا الإماراتية. ولفت إلى غموض بعض القوى الدولية في احتواء هذا الخطر، مؤكداً أنها لا تفهم ولا تستوعب إحساسنا بهذا الخطر الداهم، فالدول الأوروبية والصين وروسيا في مواقفها الغامضة تجاه الدور الإيراني في المنطقة، تُشجع إيران على الاستمرار في سياساتها العدوانية. أشكال الفوضى شهدت الجلسة العامة الأولى في اليوم الأول من مؤتمر «فكر16» نقاشاً متنوّعاً فيما يتعلق برؤى الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية والاتحاد الأوروبي والصين، حول وضع المنطقة العربية وصور وأشكال الفوضى فيها وأسبابها، وتصورات هذه الدول وسياساتها لصناعة الاستقرار، ودورها في تحقيق هذا الهدف. تضمنت الجلسة مداخلات لكل من رئيس كرسي «أرلي بورك» في الشؤون الإستراتيجية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة الأميركية الدكتور أنتوني كوردسمان، ومدير معهد الاستشراق في الأكاديمية الروسية للعلوم الدكتور فيتالي نعومكين الذي تعذّر حضوره، والخبيرة في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية الدكتورة فلورانس غوب، وعميد كلية دراسات الشرق الأوسط والمدير التنفيذي لمركز الدراسات العربية في جامعة اللغات والثقافة في بكين لوه لين. وعقّب على المداخلات رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل، فيما أدار الجلسة أستاذ علم الاجتماع السياسي والعلاقات الدولية الدكتور جوزيف مايلا. نشوب الفوضى عرض الدكتور لوه لين رؤيته لأسباب الاضطرابات في المنطقة العربية، وهي بحسبه أربعة: أولاً الموقع الجغرافي الإستراتيجي الذي يجعل المنطقة ساحة يستطيع فيها كلّ من لديه ذرائع بأنّه لاعب عالمي، ليبحث عن النفوذ ويبدأ الصراعات الإقليمية. ثانياً التنمية غير المتوازنة في الدول العربية التي تزيد الوضع سوءاً، حيث أدّى النمو الاقتصادي الذي يقوده النفط إلى تراجع التصنيع قبل الأوان. ثالثاً الصراعات الدينية المتكررة بين الدول والقبائل. رابعاً تدخّل القوى العظمى الذي يؤدي إلى نشوب الفوضى في المنطقة العربية. وتوقف لوه لين عند مبادرة الحزام والطريق وهي رؤية الرئيس الصيني شي جين بينغ سنة 2013 التي تسعى إلى دمج الصين مع اليابسة الأوروبية الآسيوية من خلال شبكة واسعة من ممرات النقل وخطوط أنابيب الطاقة والبنى التحتية للاتصالات. وأوضح أن الصين تنظر إلى المنطقة العربية كشريكٍ أساسي في المبادرة. واعتبر أنّه لحل الاضطرابات في المنطقة تلتزم الصين بالترويج لمحادثات السلام والتسوية السياسيّة بين الدول المختلفة، مشددا على أن بلاده تحترم جميع المقترحات للتسوية السياسية وتؤيدها، طالما كانت مقبولة بشكلٍ عام للأطراف في هذه المنطقة وتتماشى مع رغبة شعبها. الميليشيات المتطرفة الطائفية دلل الفيصل على حدة الاستقطاب بفشل المجموعة الدولية في معالجة الأزمتين السورية والليبية، مؤكداً أن الإرهاب مصدر رئيس لعدم الاستقرار في المنطقة، وهذا الإرهاب ليس إرهاب داعش والقاعدة فحسب، بل القوى كلها والميليشيات المتطرفة الطائفية في العراق وسورية واليمن ولبنان وغيرها من الدول. واعتبر أن هذا الإرهاب العابر للحدود يشكل تهديداً وجوديا لمفهوم الدولة الوطنية في منطقتنا، وعليه يقع على الجميع الإسهام في دحره وهزيمته وإيجاد الظروف المناسبة لمعالجة مسبباته. رؤية الاتحاد الأوروبي تطرق الدكتور كوردسمان إلى الأهداف الإستراتيجية الأميركية الرئيسة في المنطقة التي تشمل ضمان تدفق النفط الخام والغاز المُسال ومنتوجاته إلى السوق العالمية. ورأى أن ردع إيران واحتوائها من خلال منع حيازتها أسلحة نووية وصاروخية، ووقف توسّعها في المنطقة، هو في صلب الأهداف الأميركية، يضاف إلى تعزيز الشراكات الإستراتيجية. الدكتور نعومكين أكّد أن تقويض الاستقرار في المنطقة يعود إلى ميلٍ عميق نحو النزاع على ثلاثة مستويات محلياً، وإقليمياً ودولياً. وأكّد أن الخلافات المذهبية والإثنية والدينية وغيرها لها أثر تخريبي على المنطقة كلها، ورأت فلورنس غوب أن أوروبا هي جارة الدول العربية تجمعها بها روابط تاريخية واقتصادية واجتماعية، وأن رؤية الاتحاد الأوروبي تجاه العالم العربي اليوم تقوم على ضرورة أن تكون هذه المنطقة أكثر مرونة.
مشاركة :