مرة أخرى، قرر النظام السوري إطلاق العنان لجنونه وإجرامه واستخدام أبشع الوسائل وأكثرها وحشية في قتل السوريين، بتنفيذ هجوم جديد بالأسلحة الكيماوية جاء هذه المرة في منطقة دوما المحاصرة في الغوطة الشرقية لدمشق، والتي يسكنها نحو 200 ألف شخص. مجزرة راح ضحيتها نحو 150 مدنيا جلهم من النساء والأطفال ونحو 1000 حالة إصابة بالاختناق الناتج عن الهجوم المتزامن مع قصف جوي ومدفعي واسع النطاق على المنطقة. الهجوم الكيماوي الأخير، جعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يستشيط غضبا من فظائع النظام السوري، ووصف ترامب، بشار الأسد بـ”الحيوان” محملا روسيا وإيران في ذات الوقت المسؤولية عن الهجوم أيضا، مؤكدا أن النظام السوري “سيدفع ثمنا باهظا” على فعلته. الوعيد الذي أطلقه ترامب، ترافق مع عقد اجتماع طارئ لفريقه الأمني لبحث سبل الرد على الهجوم الوحشي الأخير للنظام، فيما تصاعدت دعوات دولية أبرزها من الاتحاد الأوروبي وفرنسا لضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته عن الحادث، وتوجيه “رد فوري على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية”. وكانت الولايات المتحدة قد شنت هجوما بصواريخ “توماهوك” على مطار الشعيرات العسكري قرب مدينة حمص السورية في إبريل من العام الماضي، ردا على هجوم مماثل للنظام السوري بالأسلحة الكيماوية على مدينة خان شيخون في محافظة إدلب وأسفر عن سقوط عشرات القتلى من المدنيين. وبعد الرد الأمريكي الذي وصف حينها بالمحدود وشمل فقط قصف المطار الذي أقلعت منه الطائرة التي نفذت الهجوم، أكد الرئيس الأميركي، بأنه لن يتهاون في حال تكرار استخدام الأسلحة الكيماوية مجددا فيما سار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على ذات النهج وأكد أن فرنسا ستشارك في تنفيذ ضربة عسكرية لنظام الأسد في حال تنفيذ هجوم كيماوي جديد في سوريا. وبأعين مترقبة، ينتظر العالم الرد الفعلي الغربي عموما والأميركي خصوصا على الهجوم الكيماوي الجديد للنظام السوري، ولاسيما وأن تعليقات ترامب الأولية توحي برد فعل أميركي غاضب من الهجوم الأخير وتبعات عنيفة محتملة على الهجوم. وفي السطور التالية نرصد أبرز السيناريوهات المتوقعة للرد الأميركي على هجوم النظام الأخير: ضربة عسكرية: وترتكز تلك الفرضية على التهديدات التي أطلقها ترامب وعدد من القادة الغربيين أنفسهم في وقت سابق، ويمكن أن تشمل تلك الضربة على توجيه ضربة محدودة كتلك التي جرى توجيهها للمطار السوري الذي أقلعت منه الطائرة التي نفذت هجوم خان شيخون الكيماوي في عام 2017، وقد تكون ضربة عسكرية على نطاق موسع تشمل العديد من مطارات النظام العسكرية وبعض المخازن العسكرية التي يشتبه في تخزينه أسلحة كيماوية فيها. وأفادت وسائل إعلامية أمريكية اليوم الأحد أن وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين ذكر أن فريق الأمن القومي لرئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، سيدرس اليوم الخيارات المحتملة للتعامل مع الهجوم الكيميائي في دوما في الغوطة الشرقية بريف دمشق.، موضحا أن إدارة ترامب تدرس بجد احتمالية توجيه ضربة عسكرية ضد مواقع قوات النظام. فيما أعلن أحد كبار مستشاري الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» لشؤون الأمن الداخلي، «توماس بوسرت»، اليوم الأحد، أن جميع الخيارات مطروحة للرد على استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل قوات النظام. وعلق بوسرت على تقارير عن هجوم كيميائي على مدينة دوما بريف دمشق في حديث لقناة ABC التلفزيونية، قائلا أن الولايات المتحدة لن تبقي هذا الهجوم بلا رد. وأضاف أن الإدارة الأمريكية تنظر في الهجوم المذكور في الوقت الحالي، واصفا الصور الواردة من مكان الحادث بالمروعة. قصف قصر بشار: السيناريو الثاني، والذي أرجأه ترامب في الهجوم الكيماوي السابق، وتمثل في قصف قصر الحكم لرئيس النظام السوري بشار الأسد، والقضاء على نظامه في العملية التي سميت حينها “قطع رأس الأفعى”. وأكد المستشار السابق للأمن القومي الأميركي، هربرت مكماستر، أن ترامب استعرض احتمال قصف قصر الرئيس السوري بشّار الأسد المسمى خيار (قطع الرأس) عند بحثه مع أركانه قرار توجيه ضربة عسكرية لسوريا، العام الماضي وأوضح ماكماستر، حينها أن ترامب ناقش مع أعضاء المجلس وجنرالات وزارة الدفاع 3 خيارات قبل أن يقرر توجيه الضربة الصاروخية التي استهدفت قاعدة للنظام السوري في حمص، بينها عملية “قطع الرأس” التي تتضمن مهاجمة قصر الرئيس السوري بشار الأسد مباشرة دون التسبب بقتله وانهيار غير محسوب للنظام، إنما بقصد دفعه للاستسلام والقبول بالحل السياسي وانتقال السلطة خلال أشهر. إلا أن ترامب حيّد الخيار الأول بعد نصيحة مستشار الأمن القومي الذي طرح خشية الولايات المتحدة من سقوط الأسد مباشرة واستيلاء المتطرفين على السلطة وتكريس أمر واقع خارج سيطرة المجتمع الدولي. وبعد أن انحصر الأمر بخيارين، اتخذ ترامب قراره باختيار أصغر الهجمات (الخيار الثالث) قائلاً (let’s start with this) (دعونا نبدأ بهذه وتمثل الخيار الثاني بتدمير كامل الدفاعات الجوية فوق خط العرض ْ36 (من ادلب حتى الحدود التركية) لفرض منطقة حظر طيران، بالإضافة لتدمير 60 هدفاً أرضياً تحت هذا الخط (من ادلب وحتى درعا)، أما الخيار الثالث والذي اعتمده ترامب، فيقضي بتدمير مطار الشعيرات الذي تزعم وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ CIA أنه استخدم في الهجوم الكيماوي على خان شيخون. الحلول الدبلوماسية: أما السيناريو الثالث، ويتمثل في استمرار الوضع الراهن والقبول الدولي بجرائم النظام السوري، في ظل استماتة كلا من روسيا وإيران في الدفاع عن الأسد وبقاؤه، مع الاستمرار في عقد جلسات طارئة بمجلس الأمن لإدانة النظام، دون الخروج بقرار يوقف معاناة الشعب السوري، والذي يصطدم دوما بحائط الفيتو الروسي أو الصيني. وأكد دبلوماسيون، اليوم الأحد أنه من المرجح أن يجتمع مجلس الأمن الدولي بعد ظهر الاثنين لبحث الهجوم الكيماوي الذي وقع في الآونة الأخيرة في سوريا بناء على طلب الولايات المتحدة وعدة أعضاء آخرين بالمجلس. وقالت البعثة البريطانية في الأمم المتحدة في تغريدة على تويتر ”المملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة وبولندا وهولندا والسويد والكويت وبيرو وساحل العاج دعت إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة تقارير تتعلق بوقوع هجوم بالأسلحة الكيماوية في سوريا، من المتوقع عقد الاجتماع يوم الاثنين“. وقال بيان مشترك للجمعية الطبية السورية الأمريكية وأجهزة الدفاع المدني التي تعمل في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة إن 49 شخصا لقوا حتفهم في الهجوم الذي وقع في ساعة متأخرة من مساء السبت في مدينة دوما. وقال مسؤولون أمريكيون وآخرون إنهم عملوا يوم الأحد للتحقق من تفاصيل الهجوم. وفي الانفوجرافيك التالي نرصد أبرز الهجمات الكيماوية التي ارتكبها نظام الأسد بحق السوريين. انفوجرافيك| كيماوي الأسد.. تاريخ مروع لسلاح بشار المفضل -تعرضت مدينة دوما السورية يوم السبت لأحدث هجوم كيماوي لنظام الأسد -215 مرة استخدام فيها النظام الأسلحة الكيماوية وجرى توثيقها منذ بداية الحرب في 2011. -أهم الهجمات الكيماوية للنظام ضد السوريين منذ 2011: – 21 أغسطس 2013: مقتل 1400 شخص في هجوم كيماوي للنظام على الغوطة الشرقية. – 10 سبتمبر 2014: محققو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية يؤكدون استخدام غاز الكلور السام في قرية كفرزيتا في حماه. – 16 مارس 2015: توثيق هجوم بالأسلحة الكيماوية على بلدة سرمين في محافظة إدلب -21 أغسطس 2015 هجوم بالسلاح الكيماوي على مدينة مارع أبرز معقل للمعارضة في حلب -2 أغسطس 2016: إصابة 40 مدنيا على الأقل بينهم أطفال بحالات اختناق بعد “هجوم بغاز الكلور” استهدف بلدة سراقب -إبريل 2017: مقتل 100 مدني وإصابة 400 آخرين في قصف بالأسلحة الكيماوية على مدينة خان شيخون في إدلب.
مشاركة :