ليس قدرنا الديموقراطية ولا التبعية للشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي، فلن تعيش أمتنا العربية والاسلامية بثقافة هجينة دجنتها الأحزاب والتيارات الفكرية التي رفعت الاسلام شعاراً ورفضته دثاراً. ولعلنا اليوم نعيش ارهاصات مرحلة ما بعد الاحزاب التي ثبت فشلها بلملمة شعث المسلمين وتوحيد العرب، بل وتعثرت كما سقطت علمياً واكاديمياً عن تقديم انجاز يضاف للإنسانية رغم انحيازها التام لأفكار ومبادئ وافدة إبّان ثورات المدّ الشيوعي والامبريالي مع توالي فشلها السياسي الذي افصحت عنه صناديق الاقتراع أخيراً. ويضيف استاذ علم النفس السياسي في جامعة عدن سمير عبدالرحمن الشميري، معوقات أخرى للعمل الحزبي الفاشل، منها: «سيطرة الحرس القديم على مقاليد الامور في الاحزاب السياسية، فهو يدير الحياة الحزبية من خلف الكواليس، وكأن الامور من بعده ستنهار؟ وان القوى الشابة غير قادرة على إدارة العملية الحزبية الداخلية والخارجية... وان العمل الحزبي مدبوغ بالبصمة الامنية، حيث تحولت الهيئات الحزبية من منظمات لقيادة العمل الجماهيري إلى منظمات سرية تدار بعقول امنية». ويقول الباحث العكري من البحرين، إن «الأحزاب اليمنية فشلت في مهمتين كبيرتين تصدت لهما الاحزاب وهما الوحدة والتنمية، على الرغم من مرور عقدين من الزمان على انشاء الاحزاب، فالوحدة تحولت إلى قتال، والتنمية تحولت إلى تخلف وسرقات». ومن بلاد المغرب العربي، يحدثنا الدكتور محمد منار، الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري في جامعة الحسن الثاني عن تأثير قوانين الاحزاب على فاعلية الاحزاب في المغرب، مؤكداً «ان خصوصية نظام الحكم في المغرب وطبيعته ساهمت بشكل كبير في تحجيم دور وتأثير العمل الحزبي في الحياة السياسية المغربية وان قانون الاحزاب رغم اهميته في بعض الجوانب سيبقى في جميع الأحوال قانوناً على المقاس! لا يكون له إلا تأثير ايجابي جد محدود ما لم يكن هناك تغيير جوهري في الاطار السياسي والدستوري». وهذا يشبه قانون تنظيم الاحزاب عندنا في الكويت... وإذا وقفنا عند هذه النقطة يحق لنا ان نتساءل، هل ثورات الربيع العربي الدموية والمأسوية وصلت إلى مرحلة التغيير الجوهري في الاطار السياسي والدستوري أم لا؟ وإذا كان الجواب الثاني، فما هو المطلوب منا الآن؟ وهل المراد ثورات اكثر دموية وعنفا؟ المطلوب قيادة علمية ليست سياسية تكون برامجها قيمية وأخلاقية، تتمثل بنشر الوعي والعلم والعمل والسعي للارتقاء بفهمنا للإسلام وتطبيقاته وحقن الدماء وتسكين الدهماء وتحقيق الوحدة الصحيحة دعا لها ديننا الحنيف بقول الله تعالى {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (الروم31 - 32). وقال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (الحجرات 10). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِن الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ». وهذا الذي نراه في قادم الايام لمستقبل هذا الدين لأن الله تعالى يحمي دينه وينصر أولياءه بدل الخوض في تبعية الشرق والغرب والدورات في فلك الاستقطاب الحزبي والفئوي؟dr.aljeeran2017@gmail.com
مشاركة :