المرجح غالباً ضعف تأثير الأحزاب السياسية والتيارات الفكرية على الساحة العربية والإسلامية، كما يترجح فرضية الجذور التاريخية في تصنيف الاحزاب العالمية الى ثلاثة محاور والتي انعكست آليتها وأفكارها ومبادئها على الأحزاب السياسة في الشرق، وهي: أولاً: أحزاب عقائدية: ويمثلها الاحزاب الاشتراكية والرأسمالية والديموقراطية والجماهيرية والشيوعية، حيث تلتزم بمبادئ محددة. وهنا يمكن الإشارة إلى الحزبين الجمهوري والديموقراطي في الولايات المتحدة، حيث تبين بالرجوع إلى تاريخ الحزبين، انهما عبارة عن اقطاعيين تسابقوا للاستيلاء على الارض لمصالحهم! كما انهم غيروا مبادئهم اكثر من مرة! وان كانت المنظومة التي تجمعهما هي المصلحة. والغريب حقاً هو اتخاذ شعار الحزب الديموقراطي (الحمار)، ولا أدري ما مدلول هذا الشعار، حيث تأسس سنة 1972 على يد توماس جيفرسون، الذي غيَّر مبادئه أكثر من مرة تبعاً للمصلحة، حيث ناصر مؤسسة العبودية والرق وعارض فكرة الفيديرالية آنذاك! ويكفي ان نقول إن بانهيار روسيا وتفكك المجلس الاعلى للحزب الشيوعي، وجدوا ثروات طائلة لأفراد الحزب الذين اوهموا الناس بالعدالة وحقوق المساواة والاشتراكية المزعومة؟ 2 - أحزاب الاشخاص: وهي التي ترتبط بشخص وجوداً وعدماً، فالزعيم هو الذي ينشئ الحزب ويحدد مساره من دون التماس لولاء اعضائه، وذلك لقدرته الكارزمية أو الطابع القبلي أو الطبقي الذي يمثله... ومثال ذلك دول في أميركا اللاتينية حيث تدني مستوى التعليم والوعي... ولا تكاد تجد زعامة شخص إلا في أوساط بيئة جهل وتخلف؟ 3 - الاحزاب البراغماتية: وهي الصفة الغالبة على في الشرق الاوسط، وتتصف بسرعتها النوعية والكمية بتغيير برامجها وأهدافها والخط العام لها وفقاً للظروف وتطورها. ومما يميز هذه الاحزاب اليوم، انها اصبحت اداة للانقسام وللفساد السياسي والأخلاقي، كما انها فتحت الباب على مصراعيه للتدخل الخارجي ليعيث فساداً بالقوانين والدساتير والاقتصاد والقيم الوطنية، واصبحت مصدراً لعدم الاستقرار السياسي وعرقلة المشاريع. والغريب في الأمر تلك الدراسات التي كانت وما زالت تقدم خارطة طريق للإصلاح السياسي في دول «الربيع العربي» عبر الاحزاب التي ثبت فشلها الذريع، حيث ما زالت الدراسات تؤكد ان المخرج لأزمة الامة العربية المزمنة «ممارسة الديموقراطية داخل الاحزاب هو اكبر ضمان أو هو في حد ذاته ضمان لممارسة الديموقراطية داخل الدولة»، في حين ان هذه الحقيقة لم تخطر لهم على بال حين شرعوا يؤسسون الاحزاب التي بدأت تقريباً قبل قرن من الزمان. والحقيقة الكبرى التي اعلنها هنا، ان هذه الوصفة وهي ديموقراطية الاحزاب ما هي الا استمرار لنفس علة تخلف العرب خاصة والمسلمين عامة، فليس الحل لواقعنا المتخلف هو ممارسة الديموقراطية من خلال الاحزاب على عجرها وبجرها، والواقع خير شاهد على ما اقول، ويحق لنا ان نقول ما هي التنمية التي انجزتها الاحزاب العربية بعد مضي نصف قرن من الزمان؟رغم كثرة الركام الفكري والمذهبي الذي تربت عليه اجيال من ارباب الفكر وقادة السياسة والنخبة وممن يحمل الشهادات العليا، فما هي مخرجاتهم؟ وأين دورها في المجتمع وتحقيق التنمية؟ والى اين تسير؟ولنأخذ على ذلك مثالاً واقعياً لأقدم المؤسسات الحزبية في دول كالعراق ولبنان ومصر والجزائر واليمن، كيف بدأت والى ماذا انتهت؟dr.aljeeran2017@gmail.com