كيف تصبح قائدًا ناجحًا؟

  • 4/15/2018
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

يقال إن القيادة تعني فن التأثير في الآخرين، بدرجة تجعلهم يحققون أهداف الجماعة التي أنت قائدها بحماس، وعن طيب خاطر، وتشجعهم على التطوير، ليس فقط للرغبة في العمل، وإنما للرغبة في العمل بحماس وثقة. وتعتبر العديد من المراجع أن تحديد معنى كلمة «القيادة» تعد من أكثر الأمور التي حيرت الإنسان، وهذا ما يؤكده «بيرنز» حين يقول: (القيادة هي من أكثر الظواهر على الأرض وضوحًا، وأقلها إدراكًا). ولعل من التعريفات التي تُذكر للقيادة تعريف «وليام كوهين» في كتابه فن القيادة، حين يقول: (القيادة هي فن التأثير على الآخرين لبذل أقصى ما في وسعهم لتنفيذ أي مهمة أو هدف أو مشروع)، بل إن أمر القيادة يتعدى التأثير على الناس لتحقيق بعض المهام وإنجاز الأهداف، إلى أنه يستطيع أن يستحث الناس على فعل أمور كانت في مخيلتهم أنها أمور مستحيلة التحقيق، وهذا ما أكدته «آلن كييث» حين قالت: (إن القيادة في مجملها عملية استحداث طريقة، تمكِّن البشر من أداء الأشياء غير الطبيعية). وفي لسان العرب فإن كلمة القيادة تعني نقيض السَوْق، حيث يُقال: يقود الدابة من أمامها ويسوقها من خلفها، وفي ذلك المعنى إشارة إلى أن مكان القائد وهو المقدمة، ليكون دليلاً لأتباعه على الخير ومرشدًا لهم إلى ما فيه صلاحهم؛ ولذلك كان هناك قول مأثور يقول: (إذا كنت إمامي؛ فكن أمامي). وتعرف القيادة أيضًا على أنها هي عملية تحريك الناس نحو الهدف، ويتضح لنا من خلال التعريفات السابقة أن للقيادة ثلاثة عناصر رئيسية، هي: 1- وجود الأهداف التي تذكي الهمم، وتفجر الطاقات والإمكانات. 2- وجود مجموعة من الأفراد تحدوهم الآمال للوصول إلى تلك الأهداف. 3- وجود قائد يجعل من تلك الآمال في الوصول إلى الأهداف حقيقة واقعة متحققة. ولسنا نريد أن نسترسل في تعريف مصطلح القيادة، فهذا موضوع لا يهمنا هنا كثيرًا، وإنما دعونا نتحدث عن أهم الصفات التي يمكن أن تقودنا للسير في طريق القادة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فقد كان قائد القادة، وقائد الأنبياء والبشر، لذلك سنحاول أن نستمد من حياته وسيرته بعض الصفات التي يمكن أن نستشفها لوضع الصفات المهمة للقادة، وهي كالتالي: 1- القدرة على التغيير: الكثير من البشر يخشون التغيير، ويخافون السير في طريق التغيير إذ يتمنون أن يبقى حالهم على ما هو عليه حتى وإن تمنوا ورددوا أنهم يرغبون في التغيير، ولكنهم أضعف الناس في اتخاذ قرار أو القيام بمبادرة إيجابية نحو التغيير للأفضل، ولكن إن من يتمتع بصفات القادة يجب أن يتمتع بالقوة والرغبة على التغيير، فلو يممنا وجوهنا نحو سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم نجد أنه هو من قام بتغيير أمة متهالكة تعيش بين رمال الصحراء إلى أمة قادت العالم في غضون أعوام عديدة. 2- الأخذ بالمبادرة: تعني المبادرة أن يسبق الإنسان غيره ويسرع إلى الفعل المطلوب قبل أن يفعله أحد قبله، فالقائد الناجح عليه أن يسبق مرؤوسيه -أيًا ما كانوا- للقيام بالأعمال، فلا ينتظر تكليفًا من أحد، وإنما هو من يبادر وهو من يقود وهو من يرشد، حتى وإن تكاسل كل من حوله وسوفوا، ليس ذلك فحسب وإنما القائد يذهب إلى أبعد من ذلك فهو الذي يصنع المبادرات ويأخذ من حوله ويساعدهم على المبادرة ويحفزهم على ذلك. فلننظر إلى سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم لكي نرى كل تلك المبادرات التي قام بها، أفليست تلك هي القيادة؟ 3- تحديد الأهداف ووضع خطة للحياة: من صفات القائد الناجح أن يمتلك القدرة على وضع الأهداف والخطط المستقبلية ليس له وحده وإنما لكل الذين يتبعونه ويعيشون معه، ليس ذلك فحسب وإنما يكون ذا قدرة على تنفيذ تلك الخطط، فكم من خطط واستراتيجيات وضعت ولكنها لم تجد لها منفّذا فظلت أوراقا حبيسة وكتيبا أو ملفا موجودا على الرف. وقد ينجح شخص في حياته أو بالأحرى في مرحلة من مراحل حياته من غير خطة وأهداف، ولكنه لا يمكنه أن يستمر في النجاح، إذ حتمًا سيتوقف عن المسيرة، فالنجاح المستمر يحتاج إلى خطط وأهداف واضحة، وفي نفس الوقت يحتاج المرء إلى أن يكون مرنًا في تعديل الخطة التي يعيشها إذا ما تبين له وجود خلل فيها، أو أي أمر يمكن أن يحتاج إلى تعديل. 4- تحفيز الآخرين: يعني توجيه الأشخاص على نحو يحقق أهداف المؤسسة أو الجماعة التي ينتمي إليها مع تشجيعهم من خلال رفع روحهم المعنوية سواء من الناحية المادية أو المعنوية. وهي عملية ليست من السهولة بمكان، إذ يتطلب التوجيه مهارات استثنائية ومهارات التعامل مع الآخرين والقدرة على تحفيز الناس، ومن الجدير بالذكر أن إحدى القضايا الحاسمة في التوجيه هي إيجاد التوازن الصحيح بين التركيز على احتياجات الموظفين والتركيز على الإنتاج، أيًّا كان. وإن وجدت بعض الاعتراضات فإن ذلك لا يعني ضعف القائد وإنما يعني في الكثير من الأحيان أن القائد على قدرة هائلة في التعامل الذكي مع الأفراد صعبي المراس. 5- الإصغاء بصورة فعالة: يعد الإصغاء واحدة من أهم المهارات التي يجب أن يتمتع بها القائد، فمن غير الإصغاء لن يكون قادرًا على الحصول على ردود فعل من الآخرين، والحصول على الإحساس حول المشاريع التي يعمل بها مع أعضاء الفريق، ومن الجدير بالذكر أن الإصغاء الجيد يحتاج إلى مقدرة هائلة وصبر كبير وكذلك الحفاظ على الاتصال البصري بالعين، وتجنب الانحرافات والاستجابة بشكل مناسب، وأن يضع القائد في اعتباره أنه يصغي لأجل أن يفهم وليس لأجل أن يجهز الرد المناسب. 6- التعلم والتدريب المستمر: من صفات القائد ألا يتوقف عن التعليم بأي صورة كانت، ليس ذلك فحسب وإنما يجب أن يتيح المجال لفريقه أن يتعلموا ويحثهم عليه، فنحن نتعلم في المدارس والجامعات وبعد ذلك تتوقف العملية التعليمية المنهجية إلا أن التدريب والتعلم الذاتي يفتح أمامنا الكثير من آفاق المعرفة والتي تساعدنا على تطوير وصقل مهاراتنا مهما كانت صغيرة في نظرنا. 7- القدرة على التفاوض والتعامل مع النزاعات: التفاوض بصفة عامة هي عملية تستهدف الوصول إلى حلول مقبولة أو اتفاق يسهم في تحقيق مصلحة طرفين أو أكثر يربطهم موقف مشترك. أما التعامل مع النزاعات والتعامل مع الناس الصعبة وتسوية الصراعات، فإن ذلك يتطلب من القائد الكثير من القدرة القيادية حتى يمكنه أن يستوعب الموقف وبالتالي يمكنه أن يديره بكل سهولة ويسر. 8- التعامل مع الأزمات والمشكلات واتخاذ القرار: من الصفات العليا التي يجب أن يتمتع بها القائد القدرة على التعامل مع الأزمات والقدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت والمكان المناسبين، وهو لا يتخذ القرار لوحده وبعقله المجرد فحسب وإنما يشارك ويشاور كل المحيطين به ويستأنس برأيهم، ومن ثم يأخذ القرار وفق منهجية علمية واضحة المعالم، ويتحمل مسؤولية قراره. 9- لا تغضب: من الآفات التي تنخر في قدرة الإنسان على القيادة «الغضب» وخاصة في اللحظات التي لا تحتاج إلى غضب وإنما تحتاج إلى الهدوء والروية، فآفة الغضب تحجب الرؤية وتغلق مداخل العقل والتفكير، وتجعل من الإنسان طاقة نووية غير ميسرة وغير مسيرة، لذلك فإنها تنطلق في كل اتجاه وتفجر كل الذي أمامها من غير عقل ولا عقلانية. ويقول بعض العلماء إن «أفضل ما يمكن فعله حال الغضب ألا تصدر قرارات أو أوامر انفعالية، انتظر حتى تهدأ، وتذهب عنك هذه الحالة النفسية غير السوية، ومن الأفضل إن تصمت وذلك أفضل من أن تندم بعد ذلك». 10- لا تنس اللمسات الإنسانية: على القائد -أيًّا كان موقعه- أن يتذكر أنه يتعامل مع بشر، فهو لا يتعامل مع الموظفين على أنهم ماكينات أو آلات صماء بل يجب أن يتعامل معهم على أنهم بشر لهم أحاسيس ومشاعر مثله تمامًا، فهم يأملون ويتألمون، ويحبون ويكرهون، ويضحكون ويبكون، لذلك يجب على القائد الناجح أن يعاملهم على هذا النحو، وأن يحفظ أسماءهم ويشكرهم على أقل إجادة، ويجالسهم ويشاركهم حياتهم، وأن يبادرهم بالتحية عندما يراهم، وإلا فإن العاقبة ستكون وخيمة. هذه مجموعة من الصفات التي إن توافرت في الفرد فإنه يمكنه أن يسير وفق منهجية ليتطور ويطور نفسه حتى يصبح قائدًا ناجحًا يمكنه حينئذ أن يقود فريقا أو مجموعة من البشر، ولو ألقينا نظرة على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم سنجد أنه كان عليه الصلاة والسلام يتمتع بكل هذه الصفات وأكثر من ذلك بكثير. ومن الطبيعي أن هناك العديد من الصفات الأخرى التي لم نتمكن من ذكرها هنا. Zkhunji@hotmail.com

مشاركة :