بقلم : رئيس التحرير( صالح بن عفصان العفصان الكواري ) ..عودنا وزير الخارجية السعودي عادل الجبير المهزوز - منذ بداية الحصار الجائر المفروض على قطر منذ 5 يونيو العام الماضي - على الصمت دهراً قبل إطلاق التصريحات المسكونة بالكذب والبهتان والهذيان السياسي ضد قطر. بالأمس خرج علينا الجبير في المؤتمر الصحفي الختامي للقمة العربية الباهتة في الظهران مجيباً عن أسئلة الصحفيين بشأن أسباب عدم إدراج قطر على جدول أعمال القمة العربية، مبرراً ذلك بأنها «قضية لا تعنى بها الجامعة العربية» !!. يبدو أن الجبير أدرك في تلك اللحظة ما سيواجهه من سخرية واسعة بمثل تلك الإجابة العجيبة التي يعتبر فيها حصار دولة عربية وخليجية عضو في جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون الخليجي، من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، مجرد خلاف في وجهات النظر لا يرقى لحله في الاجتماع السنوي لقادة الدول العربية!! ولذلك عاد الجبير ليقدم للرأي العام الدولي والعالمي تبريراً للترهات التي حملتها تصريحاته الفارغة، فراح يفتح قاموس أكاذيب دول الحصار التي مللنا من سماعها كونها لا تحمل أي أدلة أو براهين معقولة يصدقها المواطن العربي ودول العالم الحر والدول الكبرى التي لم تتحمس بعد قرابة العام من حصار قطر للتعاطي مع تلك المزاعم. عاد الجبير ليكرر أسطوانة دول الحصار المشروخة بشأن دعم قطر للإرهاب والمتطرفين، قبل أن يتمخض وينصح قطر بما أسماه «حل أزمتها» بالاستجابة لمطالب رباعي الحصار. ونقول للجبير قبل أي شيء إن قطر لم تطلب إدراج قضية حصارها على جدول الأعمال حتى يضطر وزير الخارجية السعودي إلى الكذب والإيحاء بأن قطر دعت والسعودية منعت إدراج قضيتها أمام القمة .. كما أن قطر لم تنتظر من قمة برئاسة المملكة العربية السعودية بمدينة الظهران أن تضع قضية حصارها على جدول أعمالها، فيما تقود المملكة الحصار الجائر المفروض على قطر وما تبعه من انتهاكات صارخة شملت الحرب الاقتصادية والإعلامية، والاستيلاء على أملاك القطريين والتحريض على العنف والكراهية ضد كل ما هو قطري، وانتهاء بطرد طلابنا من المدارس والجامعات، وتسييس المناسك، وتشتيت الأسر الخليجية، واعتبار مجرد التعاطف مع قطر جريمة جنائية عقوبتها الغرامة الباهظة والحبس لمدة تصل إلى 5 سنوات.! هل كنا ننتظر من قمة السعودية أن تحاكم نفسها وقادة دول الحصار على مؤامراتهم الخسيسة والتي بدأت بارتكاب أخطر جرائم القرصنة الإلكترونية لافتعال أزمة مع قطر، مروراً بإغلاق الأجواء البرية والجوية والبحرية لمنع الدواء والغذاء لتركيع قطر وأهلها، انتهاء بإثارة الفتن القبلية وتجهيز بدلاء لحكم قطر والتخطيط العسكري لغزو قطر لتغيير النظام بالقوة ؟ .. أليس هذا هو الإرهاب بعينه الذي تمارسه السعودية وشركاؤها في رباعي التآمر ضد قطر؟لقد شاركت دولة قطر المحاصَرة أمس بأعمال القمة بوفد ترأسه سعادة السيد سيف بن مقدم البوعينين مندوب دولة قطر الدائم لدى جامعة الدول العربية.. وكانت مجرد مشاركتنا تعبيراً عن تمسكنا بالوحدة العربية، حتى في ظل كيان الجامعة المهترئ .. تلك الجامعة التي لم تصدر حتى الآن مجرد بيان يشجب ويدين فرض حصار جائر دون أي مبررات أو مسوغات يقبلها القانون الدولي وتستند لمعاهدات أو اتفاقيات دولية .. فقد سبقها مجلس التعاون الخليجي الذي تم تجميده منذ بداية الأزمة الخليجية، واختفى فيه صوت الأمين العام في ظروف معلومة .. ليكون المجلس وأمينه العام في ثلاجة السعودية التي تسعى مع الإمارات لإنشاء كيان بديل على مقاس الطموحات والمؤامرات .! قطر لم تنتظر من قمتكم إنصافاً.. فهي قمة خفي حنين .. عديمة الجدوى والمعنى .. لا تقدم ولا تؤخر .. قمة الإخفاقات والعجز العربي باقتدار.. لم تحرز أكثر من الشجب لإمطار صواريخ الحوثي التي استهدفت المملكة بعد مرور 3 سنوات على حربها الخاسرة في اليمن دون أن تحرز نصراً .. مخلفة وراءها آلاف القتلى والجرحى وخسائر بمليارات الدولارات من ثروات اليمن والسعودية معاً.. هل أحدثك يا جبير عن انهيار اقتصاد المملكة ومئات الملايين التي تنفق يومياً على حرب اليمن؟ .. أم عن عجز الدفاع الجوي السعودي عن التصدي للصواريخ البالستية «قال السيسي في خطابه أمام القمة إنها صواريخ بلاستيكية!!.. أم أحدثك عن التقارير الدولية الصادرة عن منظمات أممية حول جرائم الحرب التي ارتكبها تحالف السعودية ضد اليمنيين، والكوليرا التي تسببت حربكم في عودتها للفتك بأرواح الشعب اليمني؟. نعود لتخاريف الجبير وتكراره لمزاعم اتهام قطر بتمويل الإرهاب والتي ثبت للعالم أجمع كذب تلك المزاعم، فقطر أول من تجاوب مع قمة الرياض لمكافحة تمويل الإرهاب والعمل على الحفاظ على المنطقة آمنة، بتوقيع اتفاقية مكافحة الإرهاب مع أمريكا فيما مازالت السعودية وغيرها من دول الحصار مترددة في التوقيع على تلك الاتفاقية. إن جهود قطر ومبادراتها في مكافحة الإرهاب أصبحت محل تقدير المجتمع الدولي قادة دول وحكومات ومنظمات؛ وهي جهود تنطلق من تبني قطر منذ عقود رؤية متفردة واضحة لمكافحة الإرهاب، وتجفيف منابعه ووقف دعمه، لا تقتصر على العامل العسكري فقط، بل تمتد إلى الوسائل التنموية وإعمار المناطق المتوترة، والحلول السياسية للمشاكل والقضايا، التي يتذرع بها الإرهابيون لتنفيذ مخططاتهم وأجنداتهم التخريبية، ويكفي الإشارة هنا إلى أن قطر كانت من أوائل الدول التي تنبهت إلى خطورة الإرهاب؛ وفي إطار الرؤية القطرية جرى في واشنطن أول حوار لمكافحة الإرهاب بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية، سبقه ثناء أمريكي على الجهود التي تبذلها قطر في مكافحة الإرهاب، وإشادة بدورها في التحالف الدولي لمحاربته. وقد توالت خلال الشهور الماضية منذ بداية الحصار الجائر إشادات قادة العالم والمنظمات الدولية بدور قطر وجهودها الفاعلة في هذا المجال .. فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغم كل محاولات التضليل التي تعرض لها من قبل دول الحصار أكد أن قطر شريك استراتيجي في الحرب على الإرهاب. وشدّد على أهمية دور قطر في تعزيز الأمن بالمنطقة والعالم. كذلك توجّه وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، بالشكر إلى قطر على التزاماتها الأمنية في محاربة الإرهاب، وأشاد المسؤولون الأمريكيون بـ«مساهمات قطر في دعم الوجود الأمريكي الكبير في قطر تحت القيادة الأمريكية الوسطى». كما طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون برفع حصار قطر فوراً، مثمناً جهود الدوحة في مكافحة الإرهاب. وذكر أن قطر، بلد صديق وحليف استراتيجي،وأنه يعمل قصارى جهده لإنهاء الأزمة بين الأشقاء. كما أعرب وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، عن ترحيبه بجهود قطر في محاربة الإرهاب ومكافحة تمويل الإرهاب. أما حلف شمال الأطلسي«الناتو» الذي أبرمت معه قطر اتفاقية لتعزيز التعاون الاستراتيجي فقد سجل تقديره للجهود القطرية؛ حيث شكر الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ صاحب السمو أمير البلاد المفدى على دور قطر وجهودها في مكافحة الإرهاب وتعاونها مع حلف الناتو في هذا المجال، لاسيما من خلال قاعدة العديد الجوية. إن الحقيقة التي يعرفها الجبير جيداً أن الإرهاب والتطرف العنيف خرجا من السعودية وحلفائها الذين يسعون لزعزعة استقرار الدول الصديقة لنهب ثرواتها، وإهدار سيادتها وكرامتها،عبر إشعال الفتن، وتمويل الحملات الإعلامية المسعورة التي وصلت إلى حد التحريض على الإرهاب والعنف، وإهدار مليارات الدولارات لشراء الذمم وتشويه السمعة .. وقد جربت دول الحصار كل تلك المؤامرات والمخططات الشيطانية ضد قطر وباءت بالفشل حيث التف الشعب خلف قيادته الوطنية التي يبادلونها حباً بحب في مواجهة قادة متهورين يغامرون باستقرار المنطقة ومستقبل شعوبهم في لعبة اللهث وراء السلطة والثروة. إن قطر كما قال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «بألف خير من دونهم» .. فلا ننتظر من قمتكم العاجزة عن التصدي لأخطر القضايا والتحديات التي تحيط بالأمة خيراً .. من فلسطين المحتلة التي تتاجرون بمستقبلها .. إلى اليمن التي تذبحون شعبها بدم بارد .. وسوريا التي تحاربون فيها بالوكالة ضد إرادة شعبها .. وليبيا التي تشعلون الفتن فيها بين أحزابها لتظل أسيرة لسياستكم. قمة تعقد في تلك الأجواء، ويدير دفتها قادة يحكمون شعوبهم بالحديد والنار ويدعمون الثورات المضادة في دول يبحث شعوبها عن الحرية لحماية عروشهم لا ينتظر منها خير .. ولذلك لم نعجب أن يتصدر جريدة الرياض قبل يوم من قمة الظهران مقال للدكتور أحمد الجميعة بعنوان «قمة الظهران .. سلام مع إسرائيل ومواجهة إيران» .. يدعو فيه القادة العرب أن تكون قمة الظهران قمة للتطبيع العلني مع إسرائيل وكما يقول «لا خيار أمام العرب سوى المصالحة مع إسرائيل وتوقيع اتفاقية سلام شامل والتفرغ لمواجهة المشروع النووي الإيراني» .. فإسرائيل أصبحت بشكل سري وعلني أقرب إلى دول الحصار من قطر .. وبالتالي فهي أقرب إليها من إيران التي يهاجمونها في العلن ويستثمرون معها مليارات الدولارات سنوياً. فمن المدهش أن تتوج قمة الظهران عصر التطبيع الذهبي بين دول حصار قطر وإسرائيل .. فأصبح مألوفاً تبادل عبارات الثناء بين قادة دول الحصار وإسرائيل، وعقد صفقات واتفاقيات عسكرية بين إسرائيل والسعودية والإمارات ومصر .. والسماح لرحلات متوجهة لإسرائيل عبر الأجواء السعودية المغلقة أمام قطر.. فلا عجب بعد ذلك من إقامة سفارة إسرائيلية في الظهران على أطلال قمة العجز العربي .. أو في قلب الرياض كما أعلنت إسرائيل قريباً. editor@raya.com
مشاركة :