دَخَلَ لبنان في الأيام الـ 18 الأخيرة قبل «موْقعة» 6 مايو الانتخابية التي ستحوّل البلاد على مدى يومٍ واحد «صندوقةَ اقتراعٍ» كبيرة لا صوت يعلو فوق الأصوات التي ستتساقط فيها إيذاناً باستعادة البلاد «ربيعها الديموقراطي» الذي احتجب منذ اخر انتخابات نيابية جرت العام 2009.ومع العدّ التنازلي لانتخابات 2018، تحوّل لبنان ما يشبه «صندوقة فرجة» تختزن «معارك» تستعدّ لها مختلف الأطراف على طريقة «أكون أو لا أكون» رغم إدراكها أن في لبنان لا وجود لـ «انكسارات قاتِلة» ولا انتصارات قاضية وأن الجميع محكومون بالعودة إلى «بيت الطاعة» الاختياري الذي تشكّله التسوية السياسية «المحروسة» بمظلة خارجية.وإذ صارتْ البلاد في الطريق الى 6 مايو أشبه بـ «قوس» ألوان وصور وشعارات يتفيأها «صراع الديوك» الذي يشتدّ كلما اقترب موعد فتْح الصناديق، تتزايد كل يوم مؤشرات «الحروب الصغيرة» التي تستعر على تخوم القانون الجديد الذي كأنّه جمع بين «الإنس والجنّ» عبر الصوت التفضيلي الذي حوّل الحلفاء وأبناء الحزب الواحد «إخوة أعداء» على اللائحة الواحدة، يتسابقون على «قنْصه» كونه «طوق النجاة» لكل مرشح، فيما تدور في «العمق الاستراتيجي» لهذا الاستحقاق مواجهةٌ يتصدّرها «حزب الله» في محاولةٍ للإمساك مع حلفائه الخلص بـ «مفتاح» الثلث زائد واحد في البرلمان الجديد بما يمنحه القدرة على التحكم بدفة استحقاقاتٍ مفصلية بمعزل عن «الأكثرية الضائعة» او... المموَّهة.ويشي مسار التحالفات الانتخابية و«طقوس» استنهاض القواعد وحسابات «لعبة الأحجام» بتداعياتٍ ثقيلة على علاقات بعض الأطراف في مرحلة ما بعد 6 مايو، كما هي الحال بين «تيارالمستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) والزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط، وبين الأخير و«التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس ميشال عون)، وبين الأخير ورئيس البرلمان نبيه بري، وبين «التيار الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، وذلك بما يترك علامات استفهام كبرى حول مدى القدرة على «تبريد هذه الجبهات» في أعقاب قفْل الصناديق لضمان مرور آمن وسريع لاستحقاق تشكيل الحكومة العتيدة.وفي موازاة «النقزة» التي تشكّل نقطة تقاطُع بين العديد من الأفرقاء من «شراكة غير قابلة للفكّ» بين «المستقبل» و«التيار الحر»، أي من «ثنائيةٍ» تُمْسك بمفاصل إدارة السلطة بما يمسّ عملياً بـ «خطوطٍ استراتيجية» بالنسبة الى «حزب الله» المنْدفع الى عملية تماهٍ بين الاستراتيجي و«السلطوي»، تتزايد أهمية المنازلة التي ستشهدها في 6 مايو دائرة بيروت الثانية، حيث يترشّح الحريري في معقل زعامته (حيث تتنافس 9 لوائح)، وسط استشعار الأخير محاولات لإخراجه منهكاً منها بما يؤثّر في وهج زعامته.وفي حين يرتاب «المستقبل» مما يعتبره إعلامه «حملة إشكالات استفزازية متنقلة» تستهدف مناصري «التيار» وتحاول «تشويه صورته» بعد إطلاق معركة تشتيت الأصوات، كان بارزاً أمس كلام للحريري خلال مأدبة غداء أقامها على شرف رجال الدين والعلماء والمشايخ تقدمهم مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، اذ اكد «ضرورة التزام سياسة النأي بالنفس في ظل الصراع الدولي القائم والتطورات العسكرية التي ترتبت على مجازر الكيماوي في دوما»، لافتاً في ردّ ضمني على الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله الى «ان هناك من يلجأ للالتفاف على قواعد النأي بالنفس ويستخدم المنابر للتهجم على الأشقاء العرب الأمر الذي نصنفه في خانة الإساءة المباشرة لمصالح لبنان وتجاوُز حدود الإجماع الوطني في المحافظة على علاقات لبنان مع الدول العربية».واذ أعلن أنه «ليس مقبولاً للبنان أن يكون صندوق بريد لأحد أو أن يعود ساحة لخوض صراع الآخرين على أرضه»، أكد أنها «ليست مقبولة ايضاً، العودة الى نغمة المتاجرة بهوية بيروت والمزايدة علينا بعروبتنا... فعروبة بيروت لا تحتاج لشهادة حسن سلوك من أحد»، مشدداً على أنه يعمل «ليل نهار لمنع الحريق السوري من الانتقال الى لبنان».
مشاركة :