ظاهرة تدخين بعض الأطباء للسجائر الإلكترونية مُقلقة، فهي تبدو كتصريح ضمني أو مُمَّارسة ترويجية - غير مُعلنة - بعدم خطورة هذا النوع من التدخين، وهذا أمر خاطئ له أثره السلبي خصوصاً بين صفوف الكثير من الطلاب الدارسين بالكليات الطبية، والحقيقية أنَّ مُمَارسة الطبيب وسلوكه الشخصي خارج العيادة ليس مثالياً يُحتذى به في كل الأوقات، بدليل أنَّ أعداد الأطباء الذين يدخنون السجائر العادية مُرتفعة أيضاً، وهنا سؤال مُهم ينبغي مُحاولة الإجابة عليه: لماذا يدخن بعض الأطباء، بينما يحذرون من خطورة التدخين؟!. نصف الأطباء حول العالم بمُختلف ثقافاتهم يدخنون تقريباً، تختلف النسب من مُجتمع إلى آخر ومن تخصص إلى آخر، مثل هذه الأرقام المُفزعة أكدتها دراسات عربية وأجنبية عديدة يمكن الرجوع لها بكل بساطة وبشكل تفصيلي، وأرجو أنَّ لا تكون هناك بالفعل (أزمة مصداقية) نعيشها في السلوك الإنساني الحديث، سبقنا إلى اكتشافها مُنذ وقت مبكر - سيد التابعين أبو الأسود الدؤلي - عندما قال «لا تنهى عن خلق وتأتي مثله، عار عليك إذا فعلت عظيم»، وهذه مسألة مُحرجة جداً عندما تنطبق على ذلك الطبيب الذي ينهى عن تصرف مؤذٍ وضار بالصحة كالتدخين، ولكنَّه يتعاطاه بشكل علني وبشراهة، دون رادع أو خوف أو خجل والأمثلة المُعاشة كثيرة كالتخلص من السمنة، وصحة الفم، أو عمليات التجميل فنادراً ما تجد الطبيب يخضع لها بينما يجريها لمرضاه، من يلاحظ ذلك يقف حائراً أمام هذا السلوك المُتناقض الذي ينسحب على قضايا ومُمارسات اجتماعية وتربوية عدة في حياتنا اليومية في مسائل الصدق، الأمانة، الإخاء، الرحمة، الإخلاص، التقشف و الصحة.. وغيرها مما بات يعرف (بالمثاليات) عند جماعة يقولون مالا يفعلون. هذه الجماعة غير المُنظمة، لا يربط بين أعضائها سوى عدم قدرتهم على تطبيق ما يتفوهون به عادة عند نصح الآخرين، مثاليون في أقوالهم وشعاراتهم حتى النخاع، مُتناقضون في مُمارساتهم وأفعالهم التي تُخالف ما يعلنونه دوماً، لهم أشكال مُتعدِّدة وتخصصات واسعة، والأكثر ألما عندما يكون القدوة في المنزل أو المدرسة أو المسجد او الوظيفة أحد أعضائها الفاعلين!. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :