بيروت- أنديرا مطر| «من يفز بالأكثرية يحكم»، قال الامين العام لحزب الله حسن نصرالله على مشارف انتخابات 2009، ضامناً الفوز آنذاك. لكن رياح صناديق الاقتراع حينها أتت بما لا يشتهيه حزبه اذ أسفرت عن فوز قوى 14 آذار بالأغلبية كما في (2005). لكن نصرالله وحزبه الإيراني العقيدة، فعلا المستحيل طوال 8 سنوات وتوسلا العنف، لمنع قوى 14 آذار من ان تحكم، بل أن سياسته مع حزبه تركزت على هذا الأمر وحده من دون سواه، وعلى تقويض تلك القوى وشرذمتها، وعلى تقويض استقلال لبنان الهش أصلاً. اليوم، وقبل أقل من ثلاثة أسابيع من توجه اللبنانيين الى صناديق الاقتراع مرة جديدة ليقترعوا على أساس قانون انتخابي غامض يعتمد النسبية للمرة الأولى، تقول التوقعات إن حزب الله قد يحصل على اغلبية سعى في الدورتين السابقتين للحصول عليها، لكن القانون الاكثري حال دون ذلك. لغة الأرقام في لغة الأرقام قد يحصد حزب الله معظم المقاعد الشيعية، وخصوصا في الحاضنة الجنوبية المرصوصة والمدربة على الانصياع الكلي للحزب. فعدد المقاعد الشيعية كلها 27 (مع احتمال خسارة مقعد واحد)، ويضاف اليهم مرشحون من طوائف أخرى يقارب عددهم 17مقعدا من أتباع النظامين السوري والايراني، وهكذا يصبح مجموع كتلة ما يسمى الممانعة الحاكمة أصلا بقوة سلاح حزب الله، 44 نائبا. الطائفية تمنع التفرد هؤلاء النواب سيحلون مكان نواب من كتلة تيار المستقبل، واللقاء الديموقراطي (بقيادة النائب وليد جنبلاط)، والكتائب اللبنانية او المستقلين. وبمعنى آخر من فريق 14 آذار. علما ان نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم صرح سابقا أن حزب الله «مرتاح مسبقاً لأي نتيجة، فحساباتنا ليست مبنية على عدد النواب المحسوبين علينا، وإنما على سعة التمثيل». وان كانت تقديرات شركات الاستطلاع والمراقبين متطابقة حول قدرة الحزب على الفوز بهذه الكتلة، الا ان الحديث عن تغيير في ميزان السياسة الداخلية جراء هذا المعطى يراه مصدر سياسي مستقل، اقرب الى التهويل من دون أن يبرئ الماكينة الإعلامية المقربة من الحزب التي تعمل على تسويقه. فالكل يعلم، كما يقول المصدر،كيف يُحكم لبنان وان أي اغلبية طائفية وان لونت نفسها لا يمكن لها ان تتحكم وتنفرد بالسلطة. ويعطي مثالا بأن اغلبية 14آذار كانت متنوعة طائفيا وفشلت في الحكم. لبنان محكوم بديموقراطية طائفية توافقية الى ان يتغير نظامه، وهي الضامن للتوازنات ولمنع أي حزب او تكتل طائفي من الاستئثار بالسلطة. عيسى: عون على ولائه يرى الصحافي طوني عيسى ان حزب الله سيحقق غالبية نيابية له ولحلفائه في المجلس النيابي الجديد، مشددا على انه لا يستثني التيار الوطني الحر من جملة «حلفاء» الحزب اطلاقا. فالظرف السياسي بعد الانتخابات لن ينزع التيار الوطني الحر من أحضان حزب الله لأن المعطيات الداخلية والخارجية التي دفعت التيار العوني للتقارب مع الحزب لا تزال قائمة. ملتحقون بحزب الله ويؤكد عيسى في حديث لـ القبس ان حزب الله سيحتفظ تقريبا بكامل النواب الشيعة ولكنه سيضيف اليهم هذه المرة حلفاء من السنة والمسيحيين والدروز. ففي بيروت الدائرة الثانية قد يخرق لائحة الحريري بمقعدين، ومرجح فوز مرشح جمعية المشاريع عدنان طرابلسي الموالي للحزب والنظام السوري. وفي عكار سيفوز بمقعد سني، وربما بمرشح علوي. وفي طرابلس الضنية سينال مقعد او اثنين. وفي صيدا وجزين مرشحان. ومقعد في الجنوب الثانية، وفي الجنوب الثالثة 3 مقاعد، وفي البقاع الغربي هناك عبدالرحيم مراد وربما ايلي الفرزلي، وفي زحلة مرشح محتمل، وفي بعلبك الهرمل مرشحان. في المحصلة سينضم ما بين 14 و16 نائبا الى كتلة حزب الله من خارج الطائفة الشيعية ما يرفع كتلته الى 41 او 45 كحد اقصى. ويلفت عيسى الى ان التيار الوطني الحر قد يحصل على 20 نائبا، مما يرفع عدد النواب الموالين لسياسة حزب الله الى نحو 60 نائبا بشكل مؤكد. اما في الحسابات المعاكسة فلا يمكن ان يجمع المحور المواجه لحزب الله والمكون من كتلة «القوات اللبنانية»، «تيار المستقبل» إضافة الى الكتائب وبعض المستقلين اكثر من 35 نائبا. المحاصصة في التفاصيل اما مغزى التنوع الذي يحكى عنه في المجلس النيابي المقبل، فيضعه عيسى في إطار التجاذبات من اجل المحاصصة في التفاصيل الصغيرة. على سبيل المثال في ملف الكهرباء الشائك قد يتمايز حزب الله عن التيار الوطني الحر وهذا تكتيك يلهي به حزب الله خصومه عبر اعطائهم مكاسب داخلية تريحه في ملفاته الكبرى. في الصورة الاجمالية يقرأ عيسى خارطة المجلس المقبل كإعادة صياغة للمعادلة التي كانت قائمة ابان العهد السوري في لبنان، والتي أوكلت الى رئيس الوزراء الاسبق الشهيد رفيق الحريري إدارة الاقتصاد والمشاريع، في مقابل ترك الامور الاستراتيجية للنظام السوري وحزب الله. ويقول «يبدو اننا نستعيد اليوم هذه الصيغة مع بعض التعديلات الطفيفة». فحزب الله، وفقا لعيسى، أذكى من ان يوقع نفسه في صورة الحاكم المطلق، في ظل ما يتعرض له من ضغوط دولية كبيرة. وهو لن يجازف بنزع الغطاء الذي يختبئ وراءه. «لذلك سوف يلجأ الى طريقة التسلل داخل الدولة والقرار لئلا يظهر للعالم والولايات المتحدة أنه أصبح الحاكم المطلق». ويخشى عيسى ان يكون هذا القانون النسبي صنيعة حزب الله لمرحلة انتقالية الى قانون يكسبه أكثر، بحسب تصريح رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أعلن انه لن يقبل بهذا القانون في الدورة المقبلة. ويكشف ان حزب الله كان يفضل تأجيل الانتخابات بضعة أشهر لكي يشرف المجلس الحالي على انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا للرئيس ميشال عون، لكنه سار به لانه اطمأن الى سير الانتخابات. تحالفات مصالح وممانعة سنية يعتبر مدير مركز الارتكاز الإعلامي والمقرب من حزب الله سالم زهران، في اتصال مع القبس أن القوى السياسية ومدى قوة ماكيناتها الانتخابية وحضورها سينعكس وفق القانون النسبي على طبيعة النتائج. ويقرأ زهران خارطة المجلس النيابي المقبل على الشكل التالي: الشيعة بالمكونين الأساسيين، حركة امل وحزب الله، سيعكسان هذه الوحدة على مستوى النواب الشيعة. وما يتردد عن ثلث معطل او اغلبية لا قيمة له في ظل اضمحلال ما يسمى فريقا 8 و14 آذار، وطبيعة التحالفات المتحركة بحسب زهران. فتحالف «المستقبل» مع الوطني الحر والقوات اللبنانية وكتلة جنبلاط قادر على تشكيل نوع من الغالبية، وبالتالي التحالفات ستكون متحركة حسب «الموضوع». كما وان تحالف الثنائي الشيعي مع التيار الوطني الحر والكتل الصغيرة قادر على انتاج اغلبية. ويرى زهران ان المكون السني في ظل تراجع الحالة الحريرية خاصة قبل وبعد ازمة استقالة الحكومة من الرياض، سيوصل الى البرلمان الجديد ما نسبته 25 الى 30% من السنة من خارج تيار المستقبل ومن المحسوبين على فريق الممانعة. ويرجح زهران ان يأتي المشهد المسيحي على شكل مثالثة، ثلث للتيار الوطني الحر، ثلث للقوات اللبنانية والكتائب، وثلث للوسطيين وعلى رأسهم سليمان فرنجية وهم اقرب إلى الممانعة. في المحصلة، سيكون حضور حزب الله وحلفائه في المجلس المقبل أفضل حالاً من المجلس الحالي، اما تيار المستقبل فسيخسر عدد من النواب، الا ان الرئيس سعد الحريري سوف يبقى الأول سنيا، من دون التقليل من اهمية تكتل الشمال الذي قد يولد بزعامة نجيب ميقاتي. اما مسيحياً فسيكون هناك ثلاثة خيارات في موضوع الاستحقاق الرئاسي، فيما سيبقى وليد جنبلاط الأول درزيا. اما بلغة الأرقام فيشرح زهران الامر كالتالي: الثنائي الشيعي يسترد المقاعد الشيعية الأربعة من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر ليصبح 27 نائبا شيعيا، يضاف اليهم 13 نائب من مختلف الطوائف ليصل العدد الى 40. يخسر المستقبل 15 نائبا لتلامس كتلته العشرين، تكتل التيار العوني يقارب العشرين، والقوات اللبنانية تحصل على 10 مقاعد، وكذلك وليد جنبلاط، فيما كتلة الشمال بزعامة ميقاتي تحصد عشرة نواب، إضافة الى مجموعة كتل رباعية وثلاثية للكتائب والقومي والطاشناق والمردة.
مشاركة :