القاهرة – يثبت كريم فهمي من فيلم إلى آخر نجاح تجربته في مجال الأعمال الكوميدية التي تخاطب قطاعا كبيرا من الشباب والمراهقين في مرحلة تسبق جمهوره من الأسر المصرية، ما يستحوذ به على قاعدة جماهيرية كبيرة، في الوقت الذي بات فيه العزوف عن الذهاب إلى السينما أمرا واضحا في الفترة الأخيرة، لأسباب تتعلق بالمستوى وأخرى بالحالة الاقتصادية. واختار كريم فهمي أن يتّخذ تيارا مغايرا في كتابته السينمائية يتقمّص فيها نظرة الرجل في علاقته بالجنس الآخر، ففي فيلم “هاتولي راجل” الذي وقع تقديمه قبل خمسة أعوام وظهر فيه كممثل بجانب كونه مؤلفا، تناول الفنان قضية سيطرة المرأة على الرجل، حيث تستحوذ عليه وتستغله لحساب متعتها الشخصية بشكل ساخر. وقدّم بعدها بعامين، كمؤلف فقط، فيلم “زنقة ستات”، الذي كان بداية النجاح الحقيقية لبطله حسن الرداد، ويحكي قصة الشاب الذي يدخل في رهان مع والده من أجل الاستيلاء على ميراث والدته، وخلال ذلك يمر بتجربة مع مجموعة من الشخصيات النسائية التي يوقعها جميعا في حبه من أجل كسب رهانه ويتركهنّ في نهاية الأمر بعد انقضاء المهمة وفوزه بالرهان. وفي الفيلم الأخير “علي بابا” يستمر كريم فهمي في التمسّك بقضيته التي يبدو فيها معاتبا للرجل العصري بمواقفه الحالية، ويقدّم شخصية “علي” الشاب الثلاثيني الذي يقضي حياته في نزواته وعلاقاته النسائية غير مكترث بمديونياته المتضّخمة والتي تعرّضه لحجز الضرائب على ممتلكاته، ثم يفاجأ بظهور ابنته في العشرينات من عمرها تعمل راقصة في ملهى ليلي إثر علاقة قديمة جمعته بمربيته، وهو في سن الحادية عشرة. وهنا يستكمل فهمي ثلاثيته التي لربما ينتصر فيها للمرأة من منظوره كرجل، ففي فيلمه “هاتولي رجل” أظهر كريم مدى ضعف شخصية الرجل المعاصر الذي يترك ذاته لامرأة تتحكّم فيه وتعامله كموظف لديها، ويستكمل المشهد بفيلم “زنقة ستات” ومحاولاته تسليط الضوء على الرجل النفعي الذي يفضّل مصلحته الشخصية على حساب مشاعر النساء. كريم فهمي يستكمل ثلاثيته عن المرأة بخلطة كوميدية نجحت في جذب جمهور كبير من الفتيات والشباب كريم فهمي يستكمل ثلاثيته عن المرأة بخلطة كوميدية نجحت في جذب جمهور كبير من الفتيات والشباب ويتقمص فهمي في فيلم “علي بابا” دورا مركبا يصارع فيه مع نهاية الأحداث مشاعره تجاه ابنته “معالي” التي تؤدي دورها الفنانة آيتن عامر، بعد أن يحاول صديقه الإيقاع بها كنوع من تحقيق الانتصار عليه، عندما عرف علاقته بخطيبته القديمة، في انتقاد غير مباشر وساخر لعلاقات الشباب بالفتيات حاليا. وربما يكون هذا المنظور الذي يتّخذه كريم في كتاباته تجاه بني جنسه يرمي للحصول على شعبية كبيرة من الفتيات اللاتي قد يرين فيه ضالتهن بالتعبير عن مشاعرهن من وجهة نظر ذكوريّة، فنموذج معالي ابنته هنا في “علي بابا” يوضّح ذلك، فهي الوحيدة التي غيرت نظرته للمرأة التي يراها طوال الوقت خائنة، وهو المستمر دائما في إقامة علاقات غير شرعية معهنّ طوال الوقت. ورغم إعجاب الكثير من الفتيات بكتابات كريم الساخرة، فهذا لا ينفي أيضا وجود قطاع غير محدود من متابعيه من الشباب الذين يستمتعون بما يقدّمه ويتحمّسون لمشاهدته. وشخصية الرجل الخائن الذي يطلق عليه “زير نساء” ويفاجأ بظهور ابنة في حياته نظير علاقاته غير الشرعية ليست جديدة على الشاشة، لكن مؤلفها هنا اعتمد على فكرة تقارب السن بين الأب والابنة. ورغم جاذبية الفكرة، إلاّ أنها تبقى أسيرة المعالجة الدرامية التي أطاحت بالكثير من بريقها معتمدة فقط على فكرة النكات واستخدام الألفاظ الخارجة في بعض المشاهد والإيحاءات لصناعة قدر أكبر من الكوميديا. يضاف إلى ذلك ارتكاز المؤلف على طريقة كلام ابنته معالي كفتاة تعيش في حي شعبي وعلاقتها بـ”زبالة” الذي يجسّد دوره الفنان أحمد فتحي، محاولا خلق مشاهد كوميدية كانت تثير ضحكات الجمهور في قاعة العرض. ومع أن فيلم “علي بابا” يصنع نجومية جديدة لبطله ومؤلفه كريم فهمي على الساحة السينمائية في ثاني بطولاته المطلقة بعد فيلمه “حسن وبقلظ”، لكنه يأتي في مرتبة متأخرة من الإبداع والتوظيف للفكرة. ففي فيلمي “هاتولي راجل” و”زنقة ستات”، كان هناك بناء درامي للشخصيات التي عرفنا خلفية كل منها بخلاف القصة وحبكتها، أما هنا فنحن بصدد شخصيات مجهولة لا نعرف أصولها، سواء للأب أو الابنة، سوى الفارق الاجتماعي بينهما بخلاف ضعف الحبكة الفنية والدرامية. ولكي يكمل بطل ومؤلف الفيلم تجربته الكوميدية، استعان بالفنان الكوميدي محمد ثروت الذي بات شعارا لهذه النوعية من الأفلام التي يتزايد الاعتماد عليه فيها، حيث طريقة أدائه الساخرة وتلقائيته المعهودة، علاوة على وجود الفنان صبري فواز الذي يقدّم دورا كوميديا بعد غيابه لفترة عن تقديم هذه النوعية من الأعمال. والمفاجأة الأهم في هذا الفيلم هي شخصية الفنانة آيتن عامر والتي تقدّم دورا مختلفا للفتاة الشعبية من الطبقة المتدنية، صحيح أنها لعبت الدور ذاته في أعمال سابقة، لكنها هنا كشفت عن قدرات تمثيلية إضافية عبر تجسيد هذا النموذج الذي لعبت من خلاله شخصية راقصة، وأجادت التحوّلات بسلاسة من القوة إلى الانكسار في نهاية الأحداث. أما مخرج العمل وليد الحلفاوي في أولى تجاربه الإخراجية، فقد بدا تأثره بشقيقه خالد الحلفاوي في أسلوب الإخراج الذي يعمل تحت طائلة تكاليف متوسطة الإنتاج ويعتمد في غالبية أحداثه على المشاهد الداخلية، وهو ما اعتادت عليه أفلام أحمد السبكي منتج الفيلم، لكن الاعتياد على هذه النوعية من الأفلام قد لا يفرز موهبة إخراجية مدفونة في أصحابه. ولعل وليد الحلفاوي أراد أن يتّخذ من الكوميديا اتجاها لأول مشروعاته ليضع قدميه على أرضية ثابتة في هذا المجال، لأن الأعمال الكوميدية تبقى مسارا جاذبا لجمهورها. فيلم “علي بابا” مرجح أن يكون نقلة مختلفة لكل صناعه، برغم بعض سقطاته.
مشاركة :