كتاب مصري عن «فن الإنشاد الديني»

  • 4/23/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يرتبط الإنشاد الديني في أذهان كثيرين بالغناء والأناشيد المرتبطة بمدح النبي محمد (صلعم)، لكن الكاتبة المصرية مروة البشير تلقي الضوء في دراسة عن تاريخ الإنشاد الديني على جذوره التي تعود إلى عهد الفراعنة. يرصد كتاب «فن الإنشاد الديني» الصادر عن «الدار المصرية اللبنانية» تاريخ هذا اللون من الغناء الذي يمزج بين روحانيات العقيدة والفن. وفي مقدمة الكتاب تشير الكاتبة إلى أن مصر هي أول دولة في العالم عرفت الإنشاد الديني، وهو الإنشاد المصاحب للطقوس والعبادات وإقامة الشعائر والصلوات داخل المعابد عبر مجموعة من الترانيم تستند إلى نصوص دينية. وكانت أشهر هذه الأناشيد على الإطلاق للملك الفرعون إخناتون. وينقسم الكتاب الواقع في 276 صفحة من القطع المتوسط إلى قسمين رئيسين. القسم الأول يحمل عنوان «نشأة فن الإنشاد الديني وتطوره» ويضم هذا القسم ثمانية فصول تستعرض تاريخ فن الإنشاد منذ عصر الفراعنة حتى العصر الحديث. وفي الجزء الأول يلقي الكتاب الضوء على تاريخ الأناشيد حيث يجري تعريف معنى الإنشاد الديني عند الفراعنة والإشارة إلى بعض النصوص والتراتيل الجنائزية التي وجدت منقوشة على جدران بعض الأهرامات وتوابيت الموتى. وتوضح الكاتبة أن الباحثين لم يتوصلوا بعد إلى الطريقة التي كانت تؤدى بها تلك التراتيل لكن المرجح أنها كانت تؤدى بطريقة الإلقاء أو التلاوة. وأشهر هذه الأناشيد على الإطلاق هو نشيد إخناتون الذي ربط بعض الباحثين بينه وبين المزمور 104 من مزامير النبي داود لجهة المضمون وتماثل بعض الجمل. ويبدأ نشيد إخناتون بمطلع يقول: «أنت تطلع ببهاء في أفق السماء يا آتون الحي يا بداية الحياة عندما تبزغ في الأفق الشرقي تملأ كل البلاد بجمالك». وينتقل الكتاب بعد ذلك إلى الإنشاد القبطي وتاريخه ونشأته وتطوره. وتشير الكاتبة في هذا الفصل إلى أن الإنشاد القبطي انتشر مع ظهور الديانة المسيحية وكان يؤدى بشكل فردي أو جماعي. ويورد الباب مجموعة من أشهر الترانيم التي لا تزال تتردد حتى الآن في الكنيسة القبطية. ينتقل الكتاب بعد ذلك إلى عصر ظهور الإسلام وقصائد المديح النبوي التي تعد عماد الإنشاد الديني الإسلامي. ويبدأ هذا الفصل بالإشارة إلى نشيد «طلع البدر علينا» باعتباره أول إنشاد في الإسلام. لكن دراسات على هذا النشيد شككت في صحته بخاصة في ما يتعلق بلغته وكلماته وعدم اتساقها مع اللغة الشائعة في ذلك الوقت. ومن النقاط المهمة التي استند إليها الدكتور أنيس بن أحمد بن طاهر الإندونيسي عضو هيئة التدريس في كلية الحديث في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة في تفنيد هذا النشيد أن منطقة ثنيات الوداع تقع ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام. ويرجح الباحث أن يكون هذا النشيد من أناشيد القرن الثالث الهجري. والرواية الأقرب للصحة عن استقبال الأنصار للنبي هو الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أبي بكر الصديق قال: «قدمنا المدينة ليلاً فتنازعوا أيهم ينزل عليه رسول الله فقال: أنزل على بني النجار، أخوال عبد المطلب أكرمهم بذلك. فصعد الرجال والنساء فوق البيوت وتفرق الغلمان والخدم في الطريق ينادون: «يا محمد يا رسول الله يا محمد يا رسول الله». ولا يغفل الفصل الإشارة الى حسان بن ثابت الذي تصفه الكاتبة بأنه فارس هذا النوع من الشعر وأشهر من نظم أشعار المدح النبوي. وكان شعره في الرسول يمتاز بالصدق والإخلاص. حتى عندما سئلت السيدة عائشة عن وصف الرسول قالت «والله كما قال فيه شاعره حسان بن ثابت: متى يبد في الداجي البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد.» كما أنه ذكر في أحد مدائحه بيتين أصبحا مصدر إلهام للشعراء المحبين للذات المحمدية قال فيهما: وأحسن منك لم تر قط عيني ... وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرأ من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء. ينتقـــل الكتاب بعد ذلك إلى الإنشاد الديني بعد عهد النبوة وكيف انتشر وازدهر، إذ تحول في العصر الأموي إلى فـــــن له قوالــبه وأصوله وقواعده. وخلال هذه الفترة ذاع صيت إبراهيم وإسحق المـــوصلي أشهر الموسيقيين وقتئذ والفتى زرياب تلميـــذ إسحق الموصلي الذي كان من أهم من اهتموا بغناء وتلحين الأناشيد الدينية. وذاع صيت مدينة حلب السورية في هذا اللون من الإنشاد خلال هذه الحقبة. ولا يغفل الكتاب الإشارة إلى العصر الفاطمي الذي شهد الإنشاد الديني خلاله انتشاراً واسعاً وكانت مصر ركيزة هذا التطور.

مشاركة :