الأعمال الأدبية لا تعد مرآة تعكس أحوال الأمة وثقافة شعبها إلى الأمم الأُخرى وحسب، وإنما هي الزاد الذي تتشكَّل عليه الذائقة الجمالية والفنيّة للناشئين والشباب، وهي الباب الذي تعبر من خلاله أجيال من المبدعين الجدد، وإدراج النصوص المميَّزة من تلك الأعمال في المناهج الدراسية ينمّى الحس الجمالي لدى هؤلاء المتعطشين للمعرفة والإبداع. وتعالت مؤخرًا في الأيام الأخيرة بعض الأصوات المنادية بإدراج بعض أعمال الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي بالمناهج الدراسية، على خلفية دعوة "البوابة نيوز" إلى ذلك، بعد أن احتفت به وبمشوار حياته في حلقات عديدة على مدى الأيام الماضية.ودعا الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، الإعلامية نهال كمال، زوجة الشاعر الراحل، التي كانت قد اقترحت منذ سنتين إدراج كتاب الأبنودي النثري "أيامي الحلوة" بالمناهج التعليمية، لزيارة الوزارة، من أجل تقديم مقترحاتها فيما يخص هذا الشأن، وكان للنقّاد والمثقّفين آراؤهم في هذا الصددوقال الدكتور خيري دومة، أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب جامعة القاهرة، إن تدريس بعض أعمال الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي بالمناهج التعليمية تعد خطوة موفقة من شأنها أن تنصف شعر العامية المصرية بالذات بصفته ركن من أركان الأدب المصري. وأضاف "دومة"، أن تلك الخطوة تفتح الطريق أمام تدريس شعراء عامية آخرين كانوا أصحاب بصمات، كصلاح جاهين، وفؤاد حداد، وغيرهما، بل تفتح الطريق أمام تدريس تراثنا الأدبي الشعبي بمختلف اتجاهاته. وأوضحت الروائية سهير المصادفة، مدير إدارة النشر بالهيئة المصرية العامة الكتاب، إن تدريس أعمال الشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي يضخ دمًا جديدًا في أوصال المناهج التعليمية المصرية التي لا تتسم بالكم المطلوب من التجدُّد. وأضافت "المصادفة"، أن مناهجنا التعليمية ما زالت أسيرة نصوص أدبيّة بعينها لا تتغيَّر، وهو أمر أدّى إلى إضعاف الذائقة الفنيّة لدى الطلاب، وإضعاف إقبالهم على اللغة العربية بشكل عام. وتابعت: الخطوة بشكل عام تعتبر إيجابية، وأتمنى أن تكون مقدِّمة لخطوات أُخرى تتلوها. وأشار القاص أحمد الخميسي، إلى إن تدريس أعمال للشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي في المراحل الدراسية المختلفة، يُعد أمرًا جيدًا لأنه يستحق التقدير والاحتفاء، غير أنها لا بد أن تكون خطوة ضمن مشروع ثقافي متكامل، وليست مجرَّد خطوة انتقائية وحسب. وأضاف "الخميسي"، أن فكرة نشر أعمال لبعض الشعراء والأدباء ينبغي ألّا تكون عابرة، وانتقائية لأسماء بعينها دون الأُخرى، وإنما يجب أن تكون حلقة ضمن حلقات مشروع ثقافي متكامِل، يعمل على نقل أفضل ما أبدعته قرائح كتّابنا التراثيين لأبنائنا. وقالت الدكتورة عفاف عبد المعطي، الناقدة والمترجمة، إن تدريس أعمال للشاعر الراحل عبد الرحمن الأبنودي بالمناهج التعليمية تعد خطوة مهمَّة من المؤكَّد أنها ستلقى الكثير من الاستحسان، خاصةً أن الأبنودي كان من بين الشعراء الذين جرت كلماتهم على ألسنة المصريين، وارتبطوا ارتباطًا وثيقًا بالأحداث القومية الكبرى، مثل حرب 1973، التي ألهمته أغنية "عدى النهار"، التي ألهبت الحماس الشعبي آنذاك. وأضافت "عبد المعطي"، أن إتاحة الفرصة لتدريس أعمال الأبنودي سيفتح المجال لمزيد من التطوير وتعريف أبناءنا بأجيال من الكتّاب والشعراء التي توالت دون يعرف عنها طلاب المدارس أو الجامعات شيئًا.
مشاركة :