للكلام والحديث آداب وقواعد، والكلمة سلاح ذو حدين، فهي أعظم وسيلة يمتلكها الإنسان للتعبير عن ما يظهر رضاه أو سخطه، وبالكلمة يصلح بينه وما بين الآخرين أو ينسفه، فبالكلمة تهيج الأمم وكذلك تطفأ بها الفتن.ولقد كثرت في الآونة الأخيرة العديد من الحوارات التي تتعلق بحياتنا اليومية، عبر وسائل التواصل المختلفة، ووسائل إعلامية رسمية، والكترونية، بحيث أصبح المجال متاحاً لمن يود خوض ذلك، حتى لو استخدم ألفاظا ومفردات تخالف المعتاد، بحيث يطلق العنان لنفسه ليقول ما يشاء،من كلمات سيئة ومشينة، وإطلاق الاتهامات بالولاء، والتقصير، والتخوين، وعبارات التجريح النابية.وكذلك الهاتف الذكي أصبح جزءا من حياتنا اليومية، نتواصل عبره مع الجميع، من خلال التويتر، والفيس بوك، والوتس آب، والعديد من البرنامج المختلفة... مع من نعرفه ومن لا نعرفه،خاصة التواصل عن بُعد من دون رؤية وجه الآخر، أصبح الحديث المتحفظ قد تلاشى، ويكون الحديث بكل عنف وحدة. لدرجة عند أي نقاش اجتماعي أو سياسي، نتخاصم ونختلف في تحليلنا لذلك الحدث.وللأسف بعض القنوات الأخبارية، ووسائل التواصل،تترقب لنشر تلك التفاهات، والأفكار السيئة والكلمات البذيئة، والأقوال الرديئة، التي تصدر من البعض سواءً كانوا سياسيين،أو شخصيات غير معروفة،تهدف إلى الشهرة وبالطبع نشرها لا تكون محمودة ولها عواقب سيئة.وقال الباري عز وجل في كتابه الحكيم: «ولا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ». فالحديث باستخدام المفردات الطيبة، تدل على سلوك وأخلاق المتحدث، فالحديث الهادف هو الذي يوصل المجتمع لبر الأمان، ولا يجب أن نتداول الكلمات التي تشكك في ذمم الآخرين، وتنال من إنسانيتهم، وإن اختلفنا مع بعض بالأفكار والآراء يكون الالتزام بآداب الحوار مطلب وهدف، لكي يكون موضوعاً مفيداً وبعيداً عن الجدل العقيم.فوسائل التواصل الاجتماعي هي لتبادل الآراء، والأفكار، والأخبار،وتناقل المعلومة وبالطبع ما يقال قد لا يتفق مع ما تؤمن به، ولكن لا بد من تقبل وجهات النظر الأخرى، وأنت ليس ملزماً بتبني فكر الآخرين، والأحسن أن نرى ما يجمعنا مع الآخر وليس التركيز على ما نختلف عليه.فجميع الشرائع والديانات والأخلاقيات، تدعونا إلى حسن اختيار الكلمات، واستخدام صالح الألفاظ، وأطيب الجمل، وحلو الخطاب، فالكلمات لها في الآذان مواقع، وفي النفوس مواضع، وبين الناس سوامع.ولا يجب أن نعطي المواقف حجماً أكبر منها، ولنتغافل عن الصغائر، كي نسعد بالحياة.ونظم الشاعر صلاح الدين الصفدي تلك الأبيات التي توضح أهمية التغافل:أَنَّ بِلَيْتَ بِشَخْصٍ لَا خَلَّاقٌ لَهُفَكُنَّ كَأَنَّكَ لَمْ تَسْمَعْ وَلَمْ يَقُلكما يقول أبو تَمّام:لَيْسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ قَوْمَهُ لَكِنْ سَيِّدٌ قَوَّمَهُ المتغابيحفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
مشاركة :