أبوظبي: عثمان حسن اختتمت، مساء أمس الأول، أماسي مهرجان الشاعر العربي الكبير محمود درويش ضمن فعاليات مؤتمر «القدس.. المكانة والمكان» الذي نظمه الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، في أبوظبي بين 26 و 28 إبريل/ نيسان الحالي، بأمسية أدارها الكاتب د. محمد بن جرش من الإمارات، وشارك فيها شاعران إماراتيان مخضرمان هما حبيب الصايغ الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، وأمير الشعراء كريم معتوق، إلى جانب 10 شعراء عرب مثلوا تجارب متنوعة، على صعيد بناء القصيدة وشكلها، وما فيها من صور ودلالات، وما هو مهم كذلك، محاكاة كثير من القصائد التي ألقيت في المهرجان لمدينة القدس، والقضية الفلسطينية بشكل عام، فقدمت طعماً مضافاً إلى مستوى قراءة الواقع الأليم للمدينة، غير أن قوة الشعر وطاقته العالية، كانت كافية لضخ أمل جديد، أثبت قدرة الشعر على الحياة، الذي يضيف أهمية ودوراً لقدرة المبدع العربي لكي يكون له دور ثقافي وتوعوي، وهو ما بدا واضحاً في فعاليات الشعر، فضلاً عن الندوات المتخصصة للمؤتمر التي درست نشأة القدس وتطورها، والصراعات السياسية والدينية حولها، كما قرأت تمثلاتها في الثقافة العربية المعاصرة، والقرارات والاتفاقيات الدولية بشأنها. بدأ الحفل بشريط فيديو «تحية إلى زايد» من تأليف وألحان الموسيقية والكاتبة الإماراتية إيمان الهاشمي، ويعرض بعضاً من مقولات مؤسس الدولة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كما قدم الكثير من عبارات الثناء والشكر والامتنان للشيخ زايد، رحمه الله، بما قام به من إنجازات ومآثر ليس على مستوى الخليج والمنطقة فحسب، بل في العالم أيضاً، والشريط مترجم إلى الإنجليزية، وتطمح إيمان الهاشمي بوصفها مشرفة على ما جاء فيه من ألحان وكلمات إلى ترجمته ل120 لغة، ودخول موسوعة جينيس. ألقى حبيب الصايغ قصيدته - الديوان «أسمي الردى ولدي» هذه القصيدة الصادمة والمفاجئة التي سبق وقرأها الشاعر يوسف عبد العزيز بوصف صاحبها «يتوغل في تلك المناطق المحرّمة من أرض الشّعر، تلك المناطق المفخّخة بأسئلة الوجود الإنساني، والتي تنزّ من أطرافها عصارة الألم»، مضيفاً أنها قصيدة مفاجئة تقذف قارئها في اللجة، لأنها كما يشير عنوانها، وبما فيها من تفاصيل تزاوج بين طرفين نقيضين: الحياة والموت، إذ الرّدى/ الموت هنا هو ابن للشاعر أو الكائن، أمّا الحجارة الصّلبة الخالية من الحياة فهي فلذة كبده، في إشارة إلى مطلعها:«أسمّي الرّدى ولدي/ وأسمّي الحجارةَ فلذةَ كبدي».يقول الصايغ:الطّريق الطّويل، النّبيلُ، الأصيلُ، الجميلُإلى آخر المدحِليس طريقيومستقبلي يا صديقيفي حريقة صدريوالسّراج الصّغير المعلّق في سقف قبري. أحاولُ أنْ أتناولَ حبلَ وريديبأيدٍ مواربةٍ ومحايدةٍلونهُ أخضر أو بدا ليوَوِجهتُهُ وِجهتيوهو أستاذ قفزِ حواجزَ في ما بدالذلك أدنيتُ منّي الرّدىوسمّيتُهُ ولَداوأسمّيكِ يا لغتي لغتيوأسمّيكِ منفايمحض تيهوهو فيهنبيٌّ جديدٌ ولا أحدٌ يصطفيهكريم معتوق الذي يتصف شعره بالرهافة والمصداقية والدفء، كما يوصف بأنه شاعر صاحب ذائقة جمالية تنشغل ببناء قصائد ذات مرموزات تراثية وحياتية معاصرة، فضلاً عما تحمله قصيدته من مزاوجة بين الخيال والواقع، وما تفيض به من دلالات وصور مستحدثة.. قرأ نصاً يفيض بالوجع والسخرية حيث قال:هل يحب الله أمريكا..؟وجعي ينزف في الملهىولا تسكت موسيقى الصباحأنا لا زلت وأمريكا كما كانتتبيع الموت والحب بأكفان السلاحهل يحب الله أمريكاسلام..ظلم أمريكا لنا ظلم سلامقتل أمريكا لنا قتل سلامحينما تدخل أمريكا من البابفمن كل زوايا البيت ينفض الحماموقرأت ناديا الملاح من البحرين:لا تنتظر جرحاً يجيء لتنكسرواسكب على النار الحريق تعيذهمن شر روح تستعردرويش غاب ولم تزل أنفاسهتحيي الرماد لينتصردرويش روح والمعاني فكرة تحويالشموس لتستمر.الشاعر الفلسطيني سليمان دغش قرأ من قصيدة «على بعد أصبعين وأدنى من القدس»:كفراشة تعبت من الضوء البعيد وأتعبتنيكان قلبي يرصد النجمات في الرؤياعلى بوابة التأويل بين غمامتينعلى جناح الريحلا برق يبشرنا بما تخفي مرايا الليل في الأبراجكان الليل أسود والحياة تئن من عطش الحياة إلى الحياةفواز الشروقي «البحرين» قرأ من قصيدة «عكا»:أحببت فيك قضيتي وبلاديوكتبت قصة حبنا بزناديشاهدت تاريخي بعينك ماثلاًومواكب الآباء والأجدادورأيت فيها بحر عكا واهباًشمس الغروب خريطة الميلادوقرأ كريم رضي من الكويت «رسالة إلى لقيط لم يولد بعد»:أنا إن ضللتفخذ مكاني يا صغيري في الطريقفإنه درب يضيء مسالكه شعاع الأبرياء الأنقياءوأنا سليل الآثميندمي تؤكسده الخطايا والأماني المنايامثل كل البالغين بجيلي المنكوبفأنا من الأرض الثقيلة بالذنوب وبالندوبالفلسطيني سامح كعوش قرأ من قصيدة «مشاهد يومية من غزة منذ ألف عام»: وقفت تهز الموت يجثو أبكماصمتت فضجً أنينها وتكلمانظرت بعيني أمها، همست لها«أسكت يا أمي وضيعت الفما»سألت «وهل ذنبي ارتكاب طفولتيأم أنني ألقمت ثديك علقما»سالم الرميضي من الكويت قرأ:ليل الهموم على أفق الفؤاد سجىوالضيق أشعل قلباً بالأسى وهجاوللهموم محيط موجه حممكبحر ضيقي والبحران قد مرجاوعند ممتزج البحرين أبصرنيأصارع الموج والأحتاف واللججاأكاد أغرق في الأعماق مختنقاًوالموج كل فنون الموت قد نهجا.أما عبد الله زهير من «البحرين» فقرأ:كنا نظن أن المسافة بين الخروج وبين المدينة رمية نردوكنا نعد الزوادةكنا نعد عتاد الحقيقةونصقل معدن هذي المفاتيح من وحشة الذكرياتومن صدأ الانتظارونحصي تقاسيم هذا الوجع الأبدي نحصي تضاريس هاوية تتسيج شكل الهديلوقرأ يوسف شقرة من الجزائر:قال البحريا شاعراًتاه مثليعلى رمل وادي جديحين بكى نخل سي خالدعلى ماء تاه منه بين الشعابوشجر الطرفة والدفلىيبحث عن ذكرى وبطاقة الانتماءأنا والسماء توأمان فيما الأحزان والغيابأليس زرقتهما وجهي الضاحك عليّبدوره قرأ نزار أبو ناصر من فلسطين:لما نطقت وكنت مخذولافرك الكلام كنطفة أولىولبست ساعة مولدي في معصميورشقت أبنائي بلون ناصعما سرها الأبناء لو صارت خيولاورجوت سربت من صغار الطير: هلا تحملو وجعيتركوا الرمال تراهق الماء السراب معيوبلعتني وحدتي.ثريا مجدولين من المغرب قرأت:البلاد التي تزهر فينا كل يوموتميتنا كل يومالبلاد التي تنبت من ظلالنامثل حلم جميلثم تعوي كقيثارة ثكلىتغرد آلامنا الحارقةالبلاد التي خبأت ليلها في دمناسكنت حديثنا اليوميهي الآن تتلو تاريخنا المنكسوالقصائد القاسيات.
مشاركة :