«أنا لا حيلتي ولا معايا... إلا الغوايش اللي معايا... ما جولتلك يلا نـبـيـعهم واسهر وياك ودلعني»، « رسيني يا ساقية عذاب…فين اللي راح فين اللي غاب…قوليلي راحوا فين…واشكي الفراق لمين»، 60 عاما قضتهم «جملات شيحة» في التنقل بين محافظات مصر، وخارجها تحمل لواء الفن الشعبي، منذ اليوم الأول الذي وضعت قدمها فيه وهي بنت الـ17 عاما، قبل أن تغادرنا اليوم.كعشرينية ظلت جملات شيحة على المسرح رغم تقدمها بالسن تنثر جمال أنغامها، تمنحها بعض من اسمها «جملات»، من اليوم الذي قدمها فيه مكتشف نجوم الفن الشعبي زكريا الحجاوي، عمرها لم يكن يتجاوز الـ17 وهي تطوف الأفراح والقرى المجاورة قبلي، وبحري، وحتى الموالد السيد البدوي وإبراهيم الدسوقي، تحصل على أجر يومي أقل من جنيه واحد، ذاع الصيت فانتقلت للقاهرة.في القاهرة كانت الرحلة مختلفة تمامًا مع زكريا الحجاوي، رائد الفن الشعبي أو الأب الروحي كما كانت تعرفه جملات في حواراتها المختلفة تصفه بالفنان الجاد، «الذي استمع إلي صدفة فأخذني للقاهرة وجعل مني نجمة للفن الشعبي»، لكن رجلًا أخر كان أكثر تأثيرًا في حياتها هو والدها الذي آمن بموهبتها وبقدرتها على الغناء وشجعها على ذلك في وقت رأي البعض أن ذلك عيبًا.«يا بو وجه زي القمر والنسج كلمني ... فلقتني من سكاتك يا حلو رد كلمني... دة النوم علشان جمالك بقى له شهرين مآلمني»، تشدو جملات فتجذب إليها المستمعين المستمتعين بما تقدمه من فنون حتى صارت هي حافظة الفن الشعبي في مصر، يتزايد جمهورها دون أن يقف عند طبقة بعينها، تحذب الموسيقيين الذين أحبوا العمل معها، مثل الموسيقار فتحي سلامة الذي قدمت معه أخيرًا مجموعة من الأغنيات أخرها «رسيني».في أحد الشوارع الضيقة بحي امبابة الشعبي -جنوب الجيزة -، يقبع منزل الست جمالات، بين الزحام والناس التي التحمت بهم طوال عمرها، منزل بسيط كغالبية بيوت المصريين، بمجرد أن تقولوا اسمها يهرع عامل المقهى أو المكوجي لمساعدتكم للوصول إلى شقتها.جملات شيحة المولودة في (كوم حلين) محافظة الشرقية عام 1933، ودعتنا اليوم 3 مايو 2018 بعد رحلة غناء استمرت 60 عامن وعمر ناهز الـ85 عاما.
مشاركة :