أشكر الشيخة لبنى بنت عبدالله بن خالد آل خليفة رئيسة الجمعية البحرينية لتنمية المرأة والسيدة حنان بهزاد رئيسة اللجنة الاجتماعية وعضوات الجمعية الكريمات على دعوتي لإلقاء محاضرة بعنوان «دور المرأة البحرينية خلال القرن الماضي» في مقر الجمعية في الرفاع الشرقي مؤخرا كما أود أن أعبر عن اعتزازي باهتمامهن وتواجدهن لسماع المحاضرة ومداخلاتهن القيمة ودورهن المشهود في أعمال وأنشطة وبرامج الجمعية التي تأسست في عام 2002 آخذة على عاتقها أمانة إعداد المرأة البحرينية لتأخذ دورها في دفع عجلة التنمية والنهوض بوطنها في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، حيث إن اهتمام جلالته بقضية المرأة كان سببًا رئيسًا في التعرف على قدرات المرأة البحرينية والاعتراف بقيمة وأهمية دورها في الشأن العام، وتمثل هذا الاهتمام وتلك الرعاية الكريمة فيما تضمنه الميثاق الوطني والدستور من مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وحظر التمييز بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة وكفالة الحريات الشخصية واعتبار تكافؤ الفرص دعامة أساسية للمجتمع. اهتمت قيادتنا الحكيمة بدور المرأة وقامت بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، ومنذ ذلك التاريخ مرورًا بالفترات اللاحقة برز دور المرأة اجتماعيًا إلى أن تبوأت مكانتها الطبيعية في مجتمعها فشغلت العديد من المناصب المؤثرة في المجتمع حيث إن لها أدوارا مهمة، فلا يستقيم المجتمع من دونها، وقد اخترت عنوان المحاضرة لأسباب عديدة منها: احتفال مملكة البحرين في الأول من ديسمبر من كل عام بيوم المرأة البحرينية وذلك تقديرا لعطائها الكبير والمتواصل من أجل نهوض المجتمع والارتقاء به، ويعود الفضل في اعتماد هذا اليوم منذ عام 2008 إلى صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة حيث يتفضل جلالته سنويا برعايته الكريمة لهذا الاحتفال لاهتمامه بدور المرأة وقال جلالته في يوم المرأة «ان ذكرى العيد الوطني المجيد.. ويوم المرأة البحرينية توأمان في نسيج واحد.. وهما يومان مشرقان من أيام البحرين الخالدة». وقالت سموها: «ان تخصيص يوم للاحتفاء بعطاء المرأة البحرينية وإنجازاتها على المستوى الوطني، جاء لنستذكر من خلاله حجم مشاركتها وأثر تلك المشاركة على مساهمتها في المجتمع المدني والحراك السياسي والاقتصاد الوطني»، ولسموها دور مهم في إبراز وتكريم المرأة البحرينية التي كان لها ومازال دور مؤثر في تقدم المجتمع البحريني والريادة في كثير من الأمور الحضارية منذ بداية القرن العشرين عندما كان دور المرأة محصورا في جلوسها في البيت لتدبير شؤون البيت وتربية الأولاد بحسب التقاليد والثقافة الموروثة في ذلك الوقت، ومع ذلك فقد كانت هناك أدوار بارزة لبعض سيدات المجتمع البحريني، ما أسهم في نيل المرأة كثيرا من الأدوار خلال العقود السبعة من القرن الماضي رغم محدودية أدوارها السابقة وخاصة خلال فترة الغوص والتي كانت تمتد إلى أربعة أشهر وخلالها تخلو البلاد من أغلب رجالاتها، ما أعطى المرأة قدرا كبيرا من تحمل المسؤولية لتدبر أمورها وكذلك الحال في القرى بمشاركة المرأة زوجها في أعمال الفلاحة وتربية الدواجن وهناك أدوار لبعض النساء كالمطوعة والقابلة أو الداية والتطبيب البدائي. هناك فترات مهمة في مختلف البلدان تسهم في النقلة الحضارية ومن ذلك ما حدث في مملكة البحرين عندما قامت زوجة المبشر الأمريكي صموئيل زويمر بافتتاح مدرسة صغيرة للبنات في عام 1899 وسمتها مدرسة جوز البلوط والتي قال عنها زوجها: «إن هذه المدرسة مثل حبة خردل، إنها نقطة صغيرة في حلم كبير نراه البحرين المستقبل حيث تتوافر فيها مدرسة أو كلية يتوافد إليها الطلاب من كل مكان قريب أو بعيد من الداخل أو الساحل لأن شجرة البلوط العملاقة تنمو من بذور صغيرة وكان برنامج المدرسة يتكون من: القراءة، النشيد، الغناء، الأبجدية العربية والانجليزية، الأرقام والحساب والخياطة والتطريز، التدبير المنزلي والاهتمام بصحة ورعاية الأم والطفل وتبعها بعد ثلاث سنوات إنشاء مدرسة للأولاد في عام 1902 ومدرسة أهلية عرفت باسم مدرسة الإصلاح المباركة في عام 1913/1914 والمعروفة باسم مدرسة العجم. كانت البحرين ميناء تجاريا مهمًّا وملتقى حضاريا وتجاريا منذ القدم لمختلف الأعراق والجنسيات ومجتمعها منفتح على الثقافات المختلفة وأكثر استقرارا بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي هيأ لها أسباب التقدم والتحضر قبل جيرانها، وبعد الحرب العالمية الأولى أصبحت البحرين أكثر انفتاحا على التأثيرات الغربية، ما دعا بعض الوجهاء والمواطنين من مدينتي المحرق والمنامة -وكان من بينهم بعض من أعضاء الأسرة الحاكمة والتجار وكان من بينهم جدي الحاج أحمد بن حسن إبراهيم- إلى مناقشة إنشاء مدرسة نظامية للتعليم الحديث في سنة 1919 وقد عارض هذا المشروع بعض من مشايخ الدين ولكن الشيخ قاسم بن المهزع قاضي البحرين المشهور أقنعهم بقبول المشروع وترأس اللجنة المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالله بن عيسى بن على آل خليفة والذي عرف بعد ذلك بوزير المعارف وكان له دور مشهود ومعروف في التعليم وقام الأهالي بالاكتتاب لتمويل المدرسة وساهم الحاكم في ذلك الوقت المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ عيسى بن علي آل خليفة بتبرعه بأرض في المنطقة الشمالية من مدينة المحرق لبناء مدرسة للأولاد وسميت مدرسة الهداية الخليفية في عام 1919 وعين سموه جدي وآخرين من أعيان البلاد ووجهائها أعضاء بإدارة التعليم الخيرية لمدرسة الهدايا الخليفية في سنة 1920 وهم: الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة، عبدالوهاب بن حجي الزياني، سلمان بن حسين بن مطر، محمد بن راشد بن هندي، محمد صالح بن يوسف خنجي، يوسف بن عبدالرحمن فخرو، عبدالعزيز بن حسن القصيبي، محمد بن صباح آل بن علي، عبدالرحمن بن محمد الزياني، عبدالرحمن بن عبدالوهاب الزياني، عبدالرحمن بن أحمد الزياني، أحمد بن حسن إبراهيم وعلي بن عبدالله العبيدلي وبعدها تم افتتاح مدرسة الهداية الخليفية للأولاد في مدينة المنامة في سنة 1921 في مبنى كان يستخدم من قبل البعثة التبشيرية الأمريكية وهو بيت «جمعة بوشهري» وتحول إلى مدرسة الهداية الخليفية للبنات في عام 1929 وتغير اسمها إلى مدرسة عائشة أم المؤمنين للبنات، كما تم افتتاح مدرسة في الحد والرفاع الشرقي وحملت نفس الاسم وبعدها بسنوات تم تغيير الاسماء واحتفظت بالاسم مدرسة الهداية الحالية في المحرق وافتتحت مدارس أخرى في سترة في سنة 1935 وفي البديع والخميس في سنة 1938 وكانت النقل الحضارية للمرأة افتتاح أول مدرسة للبنات في مدينة المحرق في سنة 1928 باسم مدرسة الهداية الخليفية للبنات وتغير اسمها إلى مدرسة خديجة الكبرى للبنات وأصبح للطالبات دور في البعثات التعليمية بإرسال ثلاث طالبات إلى الكلية الانجيلية السورية لإعدادهن للتدريس في سنة 1937 وثلاث فتيات إلى العراق لدراسة التمريض في سنة 1941 منهن فاطمة بنت إبراهيم الزياني وكانت أول بحرينية تنضم إلى مستشفى النعيم وبعدها زادت البعثات عن طريق الحكومة والعائلات إلى مختلف الدول وافتتحت مدرسة القلب المقدس في سنة 1940 وأقامت مدارس البنات معرضها السنوي للخياطة والتطريز في القصر الملكي وهو قصر الشيخ حمد بالقضيبية وهو أول معرض من نوعه في عام 1943 وشاركت الطالبات في أول مهرجان رياضي في سنة 1948 وتم إنشاء أول مدرسة ثانوية للبنات بالمنامة في سنة 1951.
مشاركة :