تونس/ عادل الثابتي/ الأناضول يتوجه الناخبون التونسيون، اليوم الأحد، إلى صناديق الاقتراع، لانتخاب ممثلين لهم في مجالس البلديات، للمرة الأولى منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987: 2011). وهذه الانتخابات هي رابع استحقاق انتخابي منذ الثورة، وستفرز أول مجالس بلدية تطبق ما جاء في "مجلة الجماعات المحلية" (قانون البلديات)، الذي صادق عليه البرلمان، الأسبوع الماضي، وفق ما ينص عليه الباب السابع من الدستور بشأن تركيز الحكم المحلي. وتنص المادة 132 من هذا الباب الدستوي على أنه: "تتمتع الجماعات المحلية بالشخصية القانونية، وبالاستقلالية الإدارية والمالية، وتدير المصالح المحلية وفقاً لمبدأ التدبر الحر". وقبل الثورة، كانت تُجرى انتخابات بلدية قبل الثورة، لكن في إطار "المحاصصة الحزبية"، ولم يكن منصوصا في الدستور علي اللامركزية. وأُجريت آخر انتخابات محلية في 2010، وكان مقررا إجراؤها عام 2016، لكن تأخرت المصادقة على قانون الانتخابات المحلية؛ بسبب خلاف على مشاركة عناصر الأمن والجيش، للمرة الأولى، وهو ما حدث بالفعل. ** الانتقال الديمقراطي بعد سقوط نظام "بن علي، في 14 يناير/ كانون ثانٍ 2011، كانت أول انتخابات يُدعى إليها الناخبون التونسيون هي انتخابات "المجلس الوطني التأسيسي" (برلمان مؤقت مهمته كتابة دستور جديد)، في 23 أكتوبر/ تشرين أول من العام نفسه. وفاز حزب "حركة النهضة" (إسلامي ديمقراطي) بهذه الانتخابات، التي شارك فيها حوالي 84% من الناخبين، حيث حصد 89 مقعدا من إجمالي 217، وتلاه "حزب المؤتمر من أجل الجمهورية" (يسار قومي) بحصوله على 29 مقعدا. وفي 26 أكتوبر/ تشرين أول 2014 دُعي التونسيون إلى انتخابات مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وبلغت نسبة المشاركة 69%. وتصدر حزب "نداء تونس" (وسطي ليبرالي)، بزعامة الرئيس الحالي، الباجي قايد السبسي، نتائج هذه الانتخابات، بـ85 مقعدا (من اصل 217)، وجاء حزب "النهضة" ثانياً بـ69 مقعدا. وحل في المرتبة الثالثة حزب "الاتحاد الوطني الحر"، بزعامة رجل الأعمال، سليم الرياحي، بـ16 مقعدا، ثم "الجبهة الشعبية" اليسارية بـ15 مقعدا. في الشهر التالي، وتحديدا 23 نوفمبر/ تشرين ثانٍ 2014، أُجري دور أول من انتخابات رئاسية، بمشاركة 62% من الناخبين. وأفرزت هذا الدور تقدم السبسي بـ39.46% من الأصوات، ثم الرئيس المنتهية ولايته، محمد المنصف المرزوقي (2011: 2014)، بـ33.43%، على 25 مرشحا آخرين. وفي الدور الثاني من هذه الانتخابات، فاز السبسي بـ55.68%، بينما حصل المرزوقي على 44.32% من الأصوات، بمشاركة 60.11% من الناخبين. ** الانتخابات في أرقام سجل 5 ملايين و369 ألف ناخب للاقتراع في 11 ألفا و185 مكتب اقتراع، وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. في 350 دائرة بلدية تتنافس 2074 قائمة، هي 1055 قائمة حزبية و159 قائمة ائتلافية، و860 قائمة مستقلة. وتجاوز العدد الإجمالي للمرشحين 50 ألفا، 52 % منهم دون سن 35 عاما. وينافس حزب "النهضة" في كافة الدوائر (350)، ثم حزب "نداء تونس"، حليفها بحكومة الوحدة الوطنية، في 345 دائرة، وبعدهما حزب "التيار الديمقراطي" (3 نواب)، في 69 دائرة. ويشارك حزب "مشروع تونس"(21 نائبا)، بقيادة محسن مرزوق المنشق عن "نداء تونس"، في 69 دائرة، وحزب "حراك تونس الإرادة" (4 نواب- أسسه المرزوقي)، في 46 دائرة، وحزب "أفاق تونس" (6 نواب) في 43 دائرة. فيما يشارك حزب "حركة الشعب" (قومي ناصري- 3 نواب) في 40 دائرة، و"الحزب الدستوري" في 31، وحزب "البناء الوطني"، بقيادة رياض الشعيبي المنشق عن "النهضة"، في 15 دائرة، ويشارك 13 حزبا آخرين في عدد محدود بين دائرة واحدة و12 دائرة. كما تخوض الانتخابات ثلاثة ائتلافات، وهي "الجبهة الشعبية"، وتضم 11 حزباً من أقصى اليسار الماركسي والتيارات القومية، ولها 15 نائبا، وتشارك في 120 دائرة انتخابية. ويشارك ائتلاف "الاتحاد المدني" في 36 دائرة، منها العاصمة تونس، وهو يضم 11 حزبا، بينها "مشروع تونس" (21 نائبا)، و"آفاق تونس" (6 نواب)، و"الحزب الجمهوري" (نائب واحد)، و"الحركة الجمهورية"، بقيادة المعارض أحمد نجيب الشابي. أما الائتلاف الثالث فهو "ائتلاف القوى الديمقراطية" بين حزبي "حراك تونس الإرادة" و"التيار الديمقراطي"، ويشارك في ثلاث دوائر. ** المشاركة الشعبية يأمل التونسيون أن تساهم المجالس البلدية المنتخبة في تعزيز المسار الديمقراطي وتحسن الخدمات والبنى التحتية المتردية. وتُجمع تقارير إعلامية وتصريحات سياسيين على توقعات بمشاركة ضعيفة في انتخابات الغد، دعمتها مشاركة ضعيفة جدا لعناصر الأمن والجيش، الذين فتحت لهم مكاتب الاقتراع، الأحد الماضي، فمن بين 36 ألفا و495 مسجلا في سجلات الناخبين، لم يشارك سوى 4 آلاف و492، بنسبة 12%. وقال كمال إيدير، مرشح "نداء تونس" بالعاصمة، في مقابلة مع "الأناضول" نشرت قبل أيام، إن "الأجواء السياسية مشحونة، ولا يوجد إعداد نفسي للمواطن قبل العملية الانتخابية، خصوصا في ظل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها، ما قد يؤثر على نسبة المشاركة". لكن الخبير في الانتخابات، حسن الزرقوني، قلّل من مخاطر المقاطعة الحادة للبلديات، معتبرا أن "الثقافة السياسية في تونس ناقصة والتطلعات كبيرة، لذلك توجد دعوة خفيفة للمقاطعة". وأضاف الزرقوني، في حديث للأناضول: "توقعاتنا أن يشارك بين 2.5 مليون و3 ملايين ناخب". ورأى أنه "إذا شارك 2.5 مليون ناخب يعتبر نجاحا ومشاركة 3 ملايين تعتبر نجاحا كبيرا.. ولا يوجد أي بلد عربي مثل تونس من حيث الديمقراطية". وتوقع الزرقوني أن "نسبة المشاركة بالنسبة للمسجلين (5 ملايين و369 ألفا) ستكون بين 47% و50%". ومن المقرر إعلان النتائج الأولية للانتخابات في السابع من مايو/ ايار الجاري، فيما تُعلن النتائج النهائية بعدها بيومين، كحد أقصى. ويعول كثيرون على نتائج هذه الانتخابات في تثبيت ملامح المشهد السياسي الراهن في تونس أو إعادة ترتيبه، قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة في 2019. ويُنظر إلى تونس على أنها التجربة الوحيدة الناجحة في ثورات الربيع العربي، التي انطلقت من تونس أواخر 2010، وأطاحت أيضا بالأنظمة الحاكمة في كل من مصر وليبيا واليمن. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :