رحيل آخر الضباط الأحرار ..خالد محيى الدين «الصاغ الأحمر»

  • 5/6/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

توفي، صباح اليوم الأحد، آخر الضباط الأحرار، خالد محيي الدين، عضو مجلس قيادة ثورة 1952، ومؤسس حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، عن عمر يناهز 96 عاما بعد صراع طويل ..مع المرض.       ولد خالد محمد أمين محيى الدين عامر (خالد محيى الدين)،  فى كفر شكر بمحافظة القليوبية، تلقى دراسته فى مدرسة أولية بالقرية، ثم بمدرسة العباسية الابتدائية، ومدرسة فؤاد الأول الثانوية، والتحق بالكلية الحربية، وتخرج فيها فى 6 فبراير/ شباط 1938، برتبة ملازم ثانٍ، وعمل فى سلاح الإشارة فى منقباد بصعيد مصر، والتحق بكتيبة بنادق المشاة بالإسكندرية، ثم انتقل إلى منقباد سنة 1939، حيث التقى جمال عبد الناصر، ثم سافر إلى السودان سنة 1940، حيث عمل مع جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر، وشارك مع عبد الناصر في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار، لإنقاذ مصر من حالة التبعية تحت سيطرة الاستعمار البريطاني، وتحت سطوة مثلث (الفقر والجهل والمرض).. وكان وقتها برتبة صاغ، ثم أصبح عضوا في مجلس قيادة الثورة، حصل على بكالوريوس التجارة عام  1951مثل كثير من الضباط الذين سعوا للحصول على شهادات علمية في علوم مدنية بعد الثورة وتقلدوا مناصب إدارية مدنية في الدولة.       كان محيى الدين منحازا إلى طبقة الفقراء والعمال والفلاحين وكان الوحيد من عائلة محيى الدين الشهيرة، الذى يحضر أفراح الفقراء، فكان خالد الطفل أقرب فى ميوله إلى العدالة الاجتماعية، والأفكار الاشتراكية.. وأطلق عليه محبوه «فارس الديمقراطية» نظرا لكل الفوارق التى كان يعمل على تذويبها بين الطبقات وانحيازه دائما لفئة الغلابة والمهمشين.         وصفه جمال عبد الناصر بالصاغ الأحمر في إشارة إلى توجهات محيى الدين اليسارية.. وحينما دعا الصاغُ خالد محيي الدين رفاقَه من الضباط الأحرار، في مارس/ آذار 1954 إلى العودة لثكناتهم العسكرية لإفساح مجال لإرساء قواعد حكم ديمقراطي، وإذا رغب مجلس قيادة الثورة العمل فى السياسة، لا بد أن يستقيل المجلس بالكامل من الحياة العسكرية ويكوّن حزبا سياسيا،  ونشب خلاف بينه وبين معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة، استقال على إثره من المجلس، وآثر الابتعاد إلى  سويسرا لبعض الوقت.     ولأن عبد الناصر كان يعرف جيدا قيمة خالد محيى الدين، وأنه صاحب شعبية كبيرة من الجناح اليسارى، استعان به فى أثناء إلقائه خطبة تأميم قناة السويس فى الإسكندرية، 1956 عندما أرسل له طائرة خاصة لتأتى به من سويسرا ليجلس بجواره أثناء إلقائه خطبة التأميم، ثم عاد «خالد محيى الدين» إلى منفاه الاختياري مرة أخرىن حتى عام 1957،  وبعد عودته إلى مصر ترشح في انتخابات مجلس الأمة عن دائرة كفر شكر عام  1957،  وفاز في تلك الانتخابات، ثم أسس أول جريدة مسائية في مصر،       وشغل منصب أول رئيس للجنة الخاصة التي شكلها مجلس الأمة في مطلع الستينيات لحل مشاكل أهالي  النوبلة أثناء  التهجير،  بسبب بناء السد العالي..ثم تولى رئاسة مجلس إدارة ورئاسة تحرير  دار أخبار اليوم،خلال عامي  1964 و1965، وهو أحد مؤسسي مجلس السلام العالمي ورئيس  منطقة الشرق الأوسط،  ورئيس اللجنة المصرية للسلام ونزع السلاح..وحصل على جائزة لينين للسلام عام 1970  وأسس حزب التجمع العربي الوحدوي في 10 أبريل/ نبسان 1976، وكان عضوا في مجلس الشعب المصري منذ عام 1990 وحتى 2005 حينما خسر أمام مرشح الإخوان المسلمين.     اتهمه الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بالعمالة لموسكو، وهي تهمة كانت توجه لعديد من اليساريين العرب في حقبتي السبعينيات والثمانينيات، وفي السنوات التي سبقت اعتزاله السياسى، أبى المشاركة في أول انتخابات تعددية رئاسية في مصر ليقينه بأن الانتخابات لن تكون نزيهة، وأن مشاركته ستستخدم لتبرير شرعية الرئيس مبارك.     واجه مضايقات أمنية، لإسقاط خالد محيى الدينن في الانتخابات التشريعية،  لأنه كان من أشد المعارضين لسياسة أنورالسادات، وبخاصة فى اتفاقية كامب ديفيد، هو وكمال الدين حسين، وفتحى رضوان وممتاز نصار، كما نجا من محاولتين اغتيال؛ أولها كان على كوبرى قصر النيل عندما حاولت سيارة ترحيلات الركوب فوق سيارته إلا أنه لاذ بالفرار، والمرة الثانية عندما ذهب إلى أسيوط وكانوا مجموعة من البلطجية فى انتظاره لتنفيذ مخطط تصفيته إلا أنه نجا.     ويرى كثيرون داخل الدوائر الحزبية، أن تخليه طوعا عن قيادة حزب التجمع، يعد مثالا للحكومة والمعارضة في أهمية التغيير وتداول السلطة.. ونشر مذكراته في كتاب بعنوان «الآن أتكلم».. وقدم أقصى ما يستطع من أجل تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.     استمد خالد محيى الدين قوته من احترامه لنفسه وشموخه ونيل مقاصده التى عمل من أجلها منذ أن شارك فى قيادة تنظيم «الضباط الأحرار» فى لحظة كانت عوامل التغيير تتفاعل فى قلب المجتمع المصرى فى أواخر أربعينيات القرن الماضى.. وكان أحد أبرز من قادوا هذا التغيير فى يوليو/ تموز  1952، ومن أوائل الذين ابتعدوا عندما وجد أنه يمضى فى اتجاه غير ما كان يحلم به، أو يأمل فيه، فضل مغادرة مصر فيما يشبه المنفى الاختيارى لسنوات، وهو الذى كان فى وسعه أن يحظى بنفوذ واسع.

مشاركة :