أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، أن القول بأن الدولة في الإسلام "دولة دينية صرفة قول لا يؤيده شرع أو عقل".جاء ذلك في الحلقة النقاشية المصغرة التي نظمها مشروع "إعادة إحياء كتب التراث" التابع لمكتبة الإسكندرية.وأضاف: أن نظام الحكم "منتج بشري" يستند إلى مبادئ وقيم دينية عامة لا يختلف عليها أحد من الناس، وهو نظام يحقق العدالة، والمساواة للناس أجمعين، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وقد يصيب الحاكم أو يخطئ في إرساء هذه القيم والمبادئ لكنه على كل حال عمل بشري لا وحي ديني. وشدد المفتي على أن الدولة المصرية الحديثة مبدعة حقا، فهي كما تحترم الدين وترفع من شأنه، تعظم كذلك كل ما أنتجته التجربة البشرية من إنجازات في مجالات العلم التجريبي والتقديم التكنولوجي والتطور الصناعي والفكر الاقتصادي.وأكد الدكتور مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، في الافتتاح أهمية دراسة الموضوع، موضحا أن هناك امتزاجًا بين الدين والمجتمعات على تنوعها واختلافها، ولكن علاقة الدين بالدولة شأن أخر. واستطرد قائلاً إن توسع جماعات التطرف والإرهاب على النحو الذي رأيناه في السنوات الأخيرة يمثل مؤامرة على الإسلام ذاته، الذي أصبح ينظر إلى المسلمين في العديد من بقاع العالم بأسره نظرة سلبية، رغم أن الدين الإسلامي براء من كل الممارسات المنحطة التي تمارسها الجماعات الإرهابية. ودعا إلى تنوير العقول، وعدم اعتبار أن المسألة تتعلق فقط بتطوير الخطاب الديني أو اعتبارها قضية أمنية بحتة، بل هي في الأساس تتصل بالتعليم والثقافة والسياسات الاجتماعية والإعلام، وجميعها تعنى بتكوين العقل.ومن جانبه أشار الأنبا إبيفانيوس رئيس دير القديس أنبا مقار بوادي النطرون إلى أن كرازة السيد المسيح كانت الحث على التوبة لكي ينال الإنسان ملكوت السموات، والقاعدة الأساسية في المسيحية هي عدم خلط السياسة بالدين وكلما طبقت الكنيسة هذا المبدأ عاشت في سلام، وابتعدت عن تقلبات السياسة والسياسيين. وأشار إلي أن ليس للكنيسة دور سياسي، ولكن عليها أربعة أدوار ينبغي التأكيد عليها هي غرس المبادئ الانجيلية التي تقوم على المحبة في نفوس أبنائها، وبناء المواطن روحيًا وخلقيًا واجتماعيًا حتى يكون مواطنًا صالحًا لخدمة بلده، وتربية أبنائها على احترام الدولة والدستور والقانون، وأخيرًا العمل المنظم البناء لخدمة المجتمع، ومن ملامح هذا الدور تشجيع بناء المدارس، والمستشفيات، والملاجئ، وغيرها، مما يصب في الارتقاء بحال الإنسان في المجتمع. واستعرض منير فخري عبد النور، السياسي والوزير السابق، العلاقة بين الدين والسياسة في الخبرتين الأوروبية والشرقية، مشيرًا إلى أن كلا الخبرتين تعكسان حالة من عدم الالتزام بصحيح الرؤية الدينية في تنظيم العلاقة بين الدين والدولة، وشهدت حالات من الانحراف بلغ ذروته في الحروب الدينية والمذهبية في أوروبا، واستفحال النزاعات السياسية والتنظيمات الإرهابية في الشرق، وهو ما يؤكد صدق النظرة الداعية إلى الفصل بين الدين بوصفه حقيقة مطلقة وبين السياسة التي هي منتج بشري متغير يفتقر إلى الثبات، وتهدف إلى تحقيق غايات ومصالح خاصة.هذا وقد شهدت الحلقة النقاشية عرضًا عن المشروع قدمته الدكتورة الشيماء الدمرداش مديرة المشروع، ومداخلات من عدد من المثقفين الذين شاركوا في أعمالها في مقدمتهم الدكتور محمد كمال الدين إمام، والدكتور أحمد صقر عاشور، والدكتور عبد الدايم نصير، والدكتورة مني أبو زيد، والدكتور عصمت نصار، واللواء خالد مطاوع.
مشاركة :