تونس- صادقت لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي، الخميس، على تعريف جريمة الإثراء غير المشروع وطرق إثباتها وعقوبة بالسجن لخمس سنوات عند ثبوتها. وجاء ذلك خلال جلسات اللجنة البرلمانية للمصادقة على مشروع قانون التصريح بالمكاسب ومكافحة الكسب غير المشروع، بعد أن كانت قوانين البلاد فضفاضة في تطرقها إلى هذه الممارسات التي تصنف ضمن الفساد المالي والإداري. وكشفت صابرين القوبنطيني، المقررة المساعدة بلجنة التشريع العام، لـ”العرب” أن اللجنة صادقت الخميس على تعريف جريمة الإثراء غير المشروع وكيف يتم ارتكابها وطريقة إثباتها. كما ناقشت لجنة التشريع العام البعض من فصول الباب الثالث من مشروع القانون الذي يتعلق بالعقوبات. وقالت القوبنطيني إنه بموجب القانون الجديد أصبح “كل شخص يتم إثبات تضاعف ذمته المالية أو حجم نفقاته ويعجز عن تقديم الإثباتات أو المبررات التي تؤكد شرعيتها يعاقب بالسجن لمدة خمس سنوات مع خطية مالية تساوي قيمة المكاسب غير المشروعة”. حققت لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب في تونس تقدما لافتا في سياق نقاشها ومصادقتها على فصول مشروع قانون التصريح بالمكاسب والمصالح ومكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام. وأقرت اللجنة اعتماد جريمة الإثراء غير المشروع ضمن المبادرة التشريعية الجديدة، حيث أن هذه الجريمة ليست مدرجة ضمن القوانين التونسية الحالية وكان إياد الدهماني الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب قد قال، في أكتوبر الماضي، إن جريمة الإثراء غير المشروع التي يتضمنها مشروع قانون التصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام لم ترد سابقا بالقانون التونسي. ويعرف القانون جريمة الإثراء غير المشروع بكونها “كل زيادة هامة في الذمة المالية للشخص الخاضع لهذا القانون يحصل عليها لفائدة نفسه أو لفائدة من تربطه به صلة تكون غير متناسبة مع موارده ويكون غير قادر على إثبات مصادرها ومشروعية الحصول عليها”، ويعاقب القانون على هذه الجريمة بالسجن 5 سنوات يمكن أن تضاعف في البعض من الحالات. وتستعد لجنة التشريع العام للمصادقة على مشروع قانون التصريح بالمكاسب وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح بالقطاع العام، إذ تجري جلسات يومية خلال هذه الفترة تتم خلالها مناقشة فصول مشروع القانون والمصادقة عليها فصلا فصلا. وصادقت اللجنة، الأربعاء، على صيغة معدلة للبعض من فصول القسم الأول من الباب الثاني من مشروع القانون والذي يتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح، وهي الفصول من 8 إلى 16، بعد أن كانت قد صادقت في وقت سابق على الفصول السابقة. كما اعتمدت اللجنة صيغة معدلة من الفصول من 17 إلى 24 والتي تتبع القسم الثاني من القانون، وهو ما يتعلق بالتوقي من تضارب المصالح، فيما تمت المصادقة على الفصول 26 و27 و28 و29 في صيغتها الأصلية. وبموجب الفصل 23 لا يمكن لموظفي الدولة الذين تولوا مهام رقابية على مؤسسات عمومية أن يعملوا في تلك المؤسسات طيلة الخمس سنوات اللاحقة لتاريخ انتهاء مهمة الرقابة التي كانوا مكلفين بها. ويمنع الفصل 24 من مشروع قانون الكسب غير المشروع وتضارب المصالح أعضاء مجلس نواب الشعب من المشاركة في المداولة أو التصويت سواء في جلسة عامة بالبرلمان أو في اللجان بخصوص أي موضوع لهم فيه مصلحة شخصية مالية مباشرة. القانون يشمل عشرات الآلاف من الموظفين العموميين وكبار المسؤولين بما في ذلك رئيس الدولة ورئيس الحكومة ونواب البرلمان وموظفو السلطة القضائية وينص هذا الفصل على أنه “يجب على عضو مجلس نواب الشعب، إذا اعتقد أنه في وضعية تضارب المصالح، إعلام رئيس مجلس نواب الشعب بذلك وعدم مواصلة المشاركة في أخذ القرار إلا بموافقته”. كما يحدد مشروع القانون الذي تناقشه لجنة التشريع العام العقوبات بشأن التصريح المغلوط بالمكاسب وتبييض الأموال بخصوص الثراء غير المشروع، حيث يصل البعض منها إلى السجن خمس سنوات. وفي مارس الماضي، صادقت لجنة التشريع العام بالبرلمان على الفصول الثلاثة الأولى من مشروع القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح. وتم تعديل البعض من فصول القانون، آنذاك، إذ تم توسيع نطاق تطبيق القانون الجديد ليشمل القطاع الخاص عندما يتعلق الأمر بالتعامل بالمال العام بعد أن كان يقتصر على القطاع العام فقط. ويعد مشروع الكسب غير المشروع واحدا من مشاريع قوانين أخرى تدرسها اللجان البرلمانية وتحارب الفساد داخل أجهزة الدولة، ومن بينها هذه المبادرات: مشروع قانون يتعلق بتضارب المصالح، إلى جانب مقترح قانون لتنقيح قانون صادر عام 1987 ويتعلق بالتصريح على الشرف بمكاسب أعضاء الحكومة والبعض من أصناف الموظفين العموميين وكذلك مقترح قانون آخر يتعلق بالتصريح بالمكاسب. صابرين الڤوبنطيني: الإثراء غير المشروع عقوبته السجن لخمس سنوات وخطية بقيمة المكاسب صابرين الڤوبنطيني: الإثراء غير المشروع عقوبته السجن لخمس سنوات وخطية بقيمة المكاسب وتأتي هذه المقترحات ضمن جهود الحكومة التونسية لتعزيز الترسانة التشريعية في البلاد بهدف التصدي لظاهرة الفساد، إلى جانب كونها دعما للحرب التي بدأتها الحكومة على الفساد منذ حوالي السنة. وفي مارس العام الماضي، أعلن رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد عن مشروع القانون الذي يهدف إلى مكافحة الإثراء غير المشروع. وقال الشاهد حينها إن “القانون يعتبر ثورة حقيقية وسيسمح بمساءلة كل موظف عمومي حول مصادر ثروته”. ويشمل القانون عشرات الآلاف من الموظفين العموميين وكبار المسؤولين بما في ذلك رئيس الدولة ورئيس الحكومة ونواب البرلمان وموظفو السلطة القضائية. ويخضع لهذا القانون كل شخص طبيعي سواء كان معينا أو منتخبا، بصفة دائمة أو مؤقتة تعهد له صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى الدولة أو جماعة (سلطة) محلية أو هيئة أو منشأة عمومية، بمقابل أو دون مقابل. وتضم القائمة التي وردت في مشروع القانون أيضا البعض من موظفي القطاع العام والمستشارين المقررين لنزاعات الدولة والمديرين العامين المساعدين والمديرين المركزيين بالمؤسسات العمومية وأعضاء لجان تقييم وإسناد ومراقبة عقود الصفقات العمومية وعقود التأجير وعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. كما تشمل القائمة البعض من المسؤولين في المجال الرياضي. وأحرزت تونس تقدما في مؤشر مدركات الفساد العام الماضي بفضل الجهود التي بذلتها في التصدي لهذه الظاهرة، بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية. والأسبوع الماضي، كشف سفيان السليطي المتحدث الرسمي باسم القطب القضائي في تونس أنه تم إيقاف 38 شخصا متهمين في قضايا فساد مالي وإداري، كما تم إيقاف أكثر من 6 آلاف شخص يشتبه في تورطهم في قضايا إرهابية. وأكد أن القطب القضائي الاقتصادي والمالي يحقق في 1060 قضية متعلقة بفساد مالي وإداري، موضحا أنه منذ 16 سبتمبر الماضي تم البت في 343 قضية من ضمن 549 قضية.
مشاركة :