ما ينشد فيهم الظهر!

  • 5/11/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أرسل لي أحد الأصدقاء شريط فيديو بوسائل التواصل الاجتماعي عن حياة الشاهبانو فرح ديبا، زوجة الإمبراطور شاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي. لم أتمالك نفسي من التأثر وترقرق العين بدمعة لم تنزل، حيث أعادني عقودا إلى الوراء.. كانت عقودا جميلة بمقياس عقودنا الأخيرة المريرة.. لم نكن نقدرها حق قدرها وقتها، ربما لصغر السن وقلة الخبرة، وعيشنا في رغد وسعادة وبحبوحة حسب أوضاع تلك الأيام.. المغفور له شاه إيران حكم الجارة الكبيرة إيران لمدة 38 سنة، وكان لإيران شنة ورنة أثناء حكمه، وقد سمي وبحق «شرطي الخليج».. ولم نحتج أيام حكمه لقواعد أجنبية غربية، خصوصاً في دول الخليج، باستثناء البحرين.. التي طالب بها الشاه بعد إعلان استقلالها، لتتدخل الكويت بدبلوماسية شيخ شيوخ الدبلوماسية حينئذ وإلى الآن الشيخ صباح الأحمد وزير الخارجية آنذاك، ويطلب من الشاه أن يتم استفتاء أهل البحرين بعد الاستقلال، ليقرر أهلها الاستقلال أم الانضمام إلى إيران، وقد كان وقرر أهل البحرين الاستقلال تحت حكم آل خليفة الكرام. الشاه محمد رضا بهلوي كان يُسْتقْبَلْ كما أتذكر استقبال الملوك والامبراطورات.. أتذكر فرش شارع القاهرة المواجه للنادي العربي الآن بالسجاد الإيراني، ليمر عليه موكب الشاه مع شخص جمعته معه صداقة وعلاقة فريدة هو المغفور له الشيخ صباح السالم رحمه الله، لدرجة أن إيران أصدرت طابعاً بريدياً بصورة بوسالم شيخنا المبجل تلك الأيام.. الشاه كان يستقبل من قبل أمراء وأمراء المنطقة بالحفاوة وحفلات الرقص الشعبي. كانت إيران وطهران عاصمتها أيام الشاه تنافس باريس في الموضة.. وكان الشاه يتكلم الانكليزية والفرنسية بطلاقة، أتذكر كلمة عميد السلك الدبلوماسي آنذاك، سمو الشيخ ناصر المحمد، سفيرنا السابق في طهران، الذي كان يلقي كلمة السلك الدبلوماسي أمام الشاه باللغة الفرنسية وبلكنة راقية.. مفتتحاً كلمته بمناسبة عيد جلوس الشاه Votre Majesté lmperial ـ أي جلالتكم الامبراطورية. *** الشاه تزوج فرح ديبا عام 1959 عندما التقى بها بحفله بالسفارة الإيرانية في باريس، حيث كانت تدرس الهندسة المعمارية، وأنجبت منه 4 أبناء، وكانت وإياه يمثلان الزوجان الراقيان ملبساً وتصرفاً وكلاماً. الثورة الإيرانية، التي أطاحت الشاه عام 1979، قرر قائدها السيد روح الله الخميني نفي الشاه، حيث غادر بالطائرة وعينيه تملأهما الدموع لنفيه من بلد آبائه وأجداده، الذي أحبه وعشقه لأقصى حد. لتبدأ مأساة الشاه والشهبانو، فتوجها للمغرب ثم جزر البهاما والمكسيك، ثم إلى أميركا للعلاج من مرض السرطان، الذي غزا جسمه. الشيمة الأميركية المعتادة طلبت منه مغادرة أراضيها، كل الدول الأوروبية حذت حذوها ورفضت استقبال الشاه المريض المنكوب! من رضي باستقباله هو المغفور له الرئيس المصري محمد أنور السادات، لأنه حفظ جميل الشاه، الذي أمده بالبترول في حرب 1973، وأقام الشاه في قصر القبة معززاً مكرماً وتوفي فيه ليدفن في مقبرة وضريح لائق في مسجد عمر مكرم، بعد أن أقام له السادات جنازة عسكرية ضخمة له. هذا ما فعله السادات الذي اغتاله تكفيريو الإسلام، وذلك ما فعلته أميركا والغرب مع أخلص أصدقائها! وهذا درس تاريخي لمن لا يزال يؤمن بين ظهرانينا أن أميركا والغرب «ينشد فيهم الظهر».. أي يعتمد عليهم وقت الضيق، نقول لهم بالصوت العالي «هذول كلش.. كلش.. ما ينشد بيهم الظهر»! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. علي أحمد البغلي Ali-albaghli@hotmail.com

مشاركة :