قطر والصومال ثوابت راسخة ومصالح وطموحات مشتركة

  • 5/13/2018
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

في ثاني زيارة رسمية له للبلاد في غضون عام وفي إطار مسيرة العلاقات المتنامية بين البلدين، يبدأ فخامة الرئيس محمد عبدالله فرماجو رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية غدا الأحد زيارة رسمية للبلاد ، يلتقي خلالها أخاه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، لبحث العلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين الشقيقين، والقضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك. هذا اللقاء بين حضرة صاحب السمو الأمير المفدى وفخامة الرئيس الصومالي هو اللقاء الثالث بينهما خلال أقل من عام ، فقد سبق وأن التقى القائدان على هامش قمة منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول في ديسمبر الماضي ، كما التقيا خلال زيارة رسمية للدوحة قام بها الرئيس فرماجو في مايو من العام الماضي. وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة في توقيتها والموضوعات التي ستتناولها المباحثات بين الجانبين القطري والصومالي، فهذه الزيارة تأتي في وقت مضى فيه عام تقريبا على الحصار الجائر المفروض على دولة قطر ، وقد أثبتت التطورات والأحداث وهذه الزيارة وغيرها من زيارات العديد من القادة والرؤساء للبلاد فشل الحصارفي عزل قطر عن محيطها الإقليمي وعمقها الاستراتيجي ، وفشل أطرافه في إقناع الآخرين بتأييده أو الانضمام إليه أو المشاركة فيه ، وهو ما يؤكد مصداقية الموقف القطري ، ونجاح السياسة الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى ، والدبلوماسية القطرية في دحض الأكاذيب والافتراءات التي ترددها دول الحصار، بهدف تشويه الموقف الحضاري المشرف لدولة قطر في مختلف المحافل والساحات. كما تكتسب الزيارة أهميتها من طبيعة الموضوعات التي ستتناولها المباحثات القطرية الصومالية ،حيث ينتظر أن تتطرق إلى أبرز القضايا العربية والدولية الراهنة في ضوء الأزمات الدولية والإقليمية المتصاعدة، وكذلك التحديات الاقتصادية والأمنية التي لاتزال قائمة في جمهورية الصومال، فضلا عن المخاطر التي يتعرض لها الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي. وتأتي الزيارة أيضا بعد مرور نحو عام تقريبا على انتخاب فخامة الرئيس فرماجو رئيسا جديدا للصومال في فبراير من العام الماضي، وقد نجح الرئيس فرماجو في قيادة بلاده نحو الاستقرار والتنمية، وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة، وحقق بالتعاون مع أعضاء حكومته تغييرات جذرية والعديد من الإنجازات الكبيرة، وغير المسبوقة لاستعادة سلطة الدولة وتحقيق تطلعات واحتياجات الشعب الصومالي في مختلف المجالات، ومما لاشك فيه أن الزيارة ستكون مناسبة لاستعراض ما أنجزته الحكومة الصومالية في مسيرة البناء والإعمار وإعادة التأهيل واحتياجاتها لمواصلة واستكمال هذه المسيرة في المراحل المقبلة. وتربط قطر بالصومال علاقات تاريخية متينة على مدى سنين وعقود طويلة، حيث كانت هذه العلاقات وما زالت وستظل بعون الله متميزة وطموحة وناجحة بكل المقاييس، وتحظى بدعم كامل من قيادتي البلدين من منطلق حرصهما على تطوير التعاون الثنائي في كافة المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية والثقافية وغيرها، ترسيخا لعرى التماسك الأخوي وتمتين العلاقات المتجذرة بين الشعبين الشقيقين، حيث من المنتظر أن تتناول المباحثات بين الجانبين القطري والصومالي استكشاف كافة السبل والمجالات التي من شأنها تعزيز هذه العلاقات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين وتطلعاتهما المشتركة نحو مستقبل مشرق ومزدهر. وتلعب دولة قطر دورا مهما في دعم وتنفيذ العديد من المشاريع الحيوية في الصومال .. وفي هذا الإطار قرنت الدوحة دائما أقوالها بالأفعال والأعمال ،وبشهادة كبار المسؤولين في جمهورية الصومال الفيدرالية .. فقد وقفت دولة قطر إلى جانب الأشقاء الصوماليين في كافة مراحل محنتهم، وساندت بكل الوسائل المادية والمعنوية خطوات الصومال والصوماليين على طريق المصالحة الوطنية وبناء الوطن وإعادة إعماره وتأهيل وإعادة بناء مؤسسات الدولة. وتعمل دولة قطر بشكل متواصل ومكثف لتوطيد العلاقات مع الصومال من خلال تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين على جميع المستويات وتوقيع اتفاقيات اقتصادية بينهما، وفتح الأسواق القطرية للمنتجات الصومالية،ومن خلال زيارة وفود في مختلف القطاعات الاستثمارية لدراسة فرص الاستثمار في الصومال، والتعاون في مجال التعليم والصحة وإقامة الفعاليات الثقافية بين البلدين، والمشاركة في أعمال ومشاريع الإغاثة والتنمية وإعادة إعمار المرافق العامة في الصومال. وفي نوفمبر الماضي، وقع صندوق قطر للتنمية اتفاقية شراكة مع الحكومة الصومالية تهدف إلى تعزيز جهودها في مجال الاستقرار والتنمية الاقتصادية وتعهد الصندوق بدعم الاقتصاد الصومالي من خلال حزمة من المشاريع المتنوعة بقيمة 200 مليون دولار، في مجالات البنية التحتية والتعليم والتمكين الاقتصادي وإعادة إنشاء مقرات ومؤسسات الدولة. وشملت الاتفاقية تنفيذ مشاريع تنموية عديدة تتضمن إنشاء طريق مقديشو- جوهر بطول 90 كم، وطريق مقديشو أفغوي بطول 30 كم، ومشروع لتأهيل مبنى رئاسة الحكومة الصومالية، ومشروع تأهيل مبنى وزارة التخطيط والاستثمار والتنمية الاقتصادية الصومالية، وتنفيذ مشروع تأهيل مبنى بلدية مقديشو، وكذلك مشروع لتأهيل وتشييد مبنى المعهد الدبلوماسي ، بالإضافة إلى دعم مؤسسة صلتك لتمكين الشباب الصومالي العاطل عن العمل عبر مشاريع تدريب مهنية وفنية في الولايات الصومالية المختلفة. كما تشمل المشاريع المبرمة توقيع مذكرة تفاهم لدعم برامج التعليم في الصومال بين صندوق قطر للتنمية ومؤسسة التعليم فوق الجميع، ويندرج هذا التعهد ضمن التزام دولة قطر تجاه الأشقاء في الصومال حكومة وشعبا ، والذي يأتي امتدادا لعدد من المشاريع التنموية القائمة بين البلدين والتي تغطي عدة مجالات تنموية وإنسانية وخيرية وثقافية في جميع مناطق الصومال. وتتوفر في الصومال فرص استثمارية واسعة في قطاعات الثروة الحيوانية والزراعية والتعدين ، والسكر والملح، فضلا عن الثروة السمكية التي تعد من القطاعات الاقتصادية الهامة نظرا لما يمتلكه الصومال من سواحل طويلة على المحيط الهندي.  ومن أهم الثروات والصادرات الصومالية المنتجات الزراعية، والحيوانية، والسمكية ، والفحم، واليورانيوم وبعض المعادن الخام والملح والغاز الطبيعي وهناك بعض الاحتياطات النفطية.  ومن الصناعات القائمة في الصومال، الصناعات البلاستيكية ، وتعليب الأسماك واللحوم والسكر .. ومن أهم الواردات المنتجات الصناعية والبترولية، والمواد الغذائية، والأدوية ومواد البناء، والسيارات والمعدات الخفيفة والثقيلة، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية والأدوات المنزلية والملابس. وعلى الرغم من أن الحكومة الفيدرالية تبذل قصارى جهدها لتحسين الاقتصاد، مازال الوضع الاقتصادي في الصومال هشاً، غير أن صندوق النقد الدولي يرى أن الصومال حقق تقدماً كبيراً في السنوات الأخيرة ، وأكد أن الدعم الدولي سيكون حيوياً في إعادة بناء المؤسسات واستعادة الحياة الطبيعية .. ومن الملاحظ أن هناك تصاعدا في نمو الاقتصاد الصومالي خلال السنتين الماضيتين بعد دخول الشركات التركية واستثماراتها فيه خاصة في إدارة وتشغيل مطار أدم عدي الدولي بمقديشو وإدارة وتشغيل ميناء مقديشو. ومن خلال الثوابت والالتزامات القطرية الراسخة بالوقوف إلى جانب الأشقاء والأصدقاء يمكن القول إن زيارة الرئيس فرماجو للبلاد ستكون مناسبة لاستكشاف آفاق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات ، كما ستكون مناسبة لتجديد التزام دولة قطر بالوقوف إلى جانب الشعب الصومالي وحكومته، واستمرار تقديمها العون والدعم المادي والإنساني والتنموي من أجل بناء دولة مستقرة، وتحقيق تنمية مستدامة، تمكن الصوماليين من العيش في أمن وسلام وازدهار.;

مشاركة :