(مكة) – مكة المكرمة ألقى الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، درسه الأسبوعي في تفسير آيات الصيام وشرح أحاديثه في المسجد الحرام والذي تنظمه الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد. وبدأ السديس درسه بتعريف الصيام واستذكار فضائله في رمضان واستنتاج الفوائد والأحكام، وأطنب قائلاً: أن الله سبحانه وتعالى لما فرض الصوم أخبر أنه أيام معدودات، أي: قليلة في غاية السهولة يستطيع أن يؤديها المكلف العادي. وأبان معاليه بأن فرض الصِّيام على أمَّة الإسلام على ثلاث مَرَاحِل؛ حيث كان فرضُ الصيام تدريجيًّا، على النَّحو التَّالي: – إيجاب صيام يوم عاشوراء: ففي صحيح مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يَأمُرُنَا بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَيَحُثُّنَا عَلَيْهِ وَيَتَعَاهَدُنَا عِنْدَهُ , فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ , لَمْ يَأمُرْنَا وَلَمْ يَنْهَنَا , وَلَمْ يَتَعَاهَدْنَا عِنْدَهُ. – فرض صيام رمضان على التَّخيير بين الصِّيام والإطعام: حيث أوجب الله تعالى الصِّيام على التخيير بينه وبين الإطعام عن كُلِّ يوم مسكيناً مع تفضيل الصيام، قال تعالى: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:184[. – فرضُ صيام رمضان على التَّعيين، قال الله تعالى ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾، وذلك في حق غير المريض والمسافر، وقضاءً في حقهما إذا زال العذر. ثم أوضح حكم وفوائد الصوم قائلاً: وللصوم فوائد عظيمة، وحكم كثيرة، منها: – أنَّ الصِّيام من أكبر العون على تقوى الله تعالى؛ لأن له تأثيراً عجيباً في حفظ الجوارح الظاهرة، والقوى الباطنة. – التعبُّد لله تعالى بترك شهوات النَّفس ومألوفاتها، وفي هذا يتجلى صدق محبة العبد لربه وتعظيمه له، والتماس رضوانه حيث قدَّم ما يحبه الله ويرضاه على ما تشتهيه نَفْسُهُ وهواه. – الصَّومُ تربيةٌ للإرادة، وجهادٌ للنفس، وتعويدٌ على الصبر والتحمُّل فيما يعود عليها بالنفع. – في الصَّوم فوائد صحيَّة عظيمة، فهو يطهر البدن من الأخلاط الرديئة، ويكسبه صحة وقوة، وذلك بترتيب أوقات الوجبات، وإراحة جهاز الهضم مدة معينة، كما شهد بذلك الأطباء المختصون، فعالجوا مرضاهم بالصيام. – أنَّ فيه تضييقًا لمجاري الشيطان على الإنسان. – معرفة قدر نعمة الله على العبد بتناول ما يشتهيه من طعام وشراب. هذا وقد ثبت في صيام رمضان فضائل عظيمة، دلَّت عليها النُّصُوص الصَّحيحة، وفيه من جزيل الأجر وعظيم الثواب ما لو تصورته نفس صائمة لطارت فرحاً، وتمنَّت أن تكون السَّنةُ كلُّها رمضان. مضيفاً بأنه لا تحصل هذه الفوائد إلا لمن صام صياماً كاملاً عن كُلِّ ما حرَّم الله، فصام عن الطَّعام والشَّراب والنكاح، وصام عن السَّماع المحرم، والنظر المحرم، والكلام المحرم، والكسب المحرم، وحفظ وقته واستفاد من أيام الشهر في طاعة ربِّه، فهذا هو الذي يستفيد من الصيام. وأشار في مسألت تعليق الصوم والفطر بالرؤية أنه عَنِ ابنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وبما يخص الترغيب في السحور ذكر أنه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ – صلى الله عليه وسلم – : «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ويتلخص في الحديث عدة فوائد منها: – أن الصائم مأمور بالسُّحور؛ لأن فيه خيراً كثيراً وبركة عظيمة دينية ودنيوية، وذِكْره – صلى الله عليه وسلم – للبركة من باب الحض على السحور والترغيب فيه. – أنه أمر استحباب لا أمر إيجاب، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك؛ بدليل أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – واصل وواصل أصحابه معه، والوصال: أن يصوم يومين فأكثر ولا يفطر، بل يصوم النهار مع الليل. – استحباب تأخيره إلى قبيل طلوع الفجر. – أن في السحور بركة دينية ودنيوية.
مشاركة :