أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، المسلمين بالدعاء لأهل فلسطين، والأخذ بأسباب النصر المبين ليتحقق الظفر والتمكين، داعياً الأشقاء في فلسطين بقوله: «صبرا صبرا، وثباتا ثباتا، وكلنا أمل وتفاؤل واستبشار، ألا إن نصر الله قريب». جاء ذلك في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام بمكة المكرمة، حيث استهل الخطبة الأولى قائلا: أمة الإسلام: في خضم المآسي والكروب، ومعامع الخطوب، وحوالك الدروب، تشرئب النفوس، إلى الخلاص من أسباب الوهن والانكسار، والأخذ بأسباب العزة والانتصار، وتتطلع الأرواح إلى أرج الرحمات المفرجات، وعبق النفحات المصبرات، ويزداد الأمر إلحاحا وتأكيدا، وتحتما وتعضيدا، في هذه الآونة العصيبة، والحقبة التاريخية اللهيبة، التي أحدقت بأمتنا اللهيفة من أطرافها، وتناوشتها المحن من سواها وأكنافها ﴿والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾. أيها المؤمنون: إن من سنن الله -جل وعلا- أن جعل لكل شيء أسبابا ونتائج، وغايات ومباهج، وأمر عباده باتخاذ الأسباب، للوصول إلى أسمى الغايات: معاقد العزة والانتصارات، وإن من الواجب على أهل التوحيد والإيمان الآملين في تأييد القوي المنان، أن يتدرعوا بأسباب النصر والعزة والتمكين؛ ويأخذوا بها في كل مكان وحين، وإن من فضل الله سبحانه على عباده المؤمنين، أنه دلهم وأرشدهم إلى هذه الأسباب وبينها في كتابه الكريم والسنة النبوية المطهرة. ثم بين 10 من أسباب النصر التي ذكرت في الكتاب والسنة، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب: التوحيد والإخلاص، فإن أعظم ما أمر الله به التوحيد والإخلاص، فالتوحيد والإخلاص في العمل من أعظم أسباب النصر، وثاني الأسباب: الإيمان والعمل الصالح، والسبب الثالث: نصرة دين الله، ورابع الأسباب: اجتـماع الكلـمة على الحق، وإصلاح ذات البين، وعدم التــنازع والتـفرق، والسبب الخامس: إعداد ما يستطاع من قوة، فالقوة للمؤمنين المدافعين عن دينهم وأمتهم مطلب شرعي، فالإسلام دين القوة والعزة، وقوامه بكتاب يهدي، وسلاح ينصر. وأضاف: سادس هذه الأسباب: التوكل على الله، فالتوكل على القوي المتين من أعظم الأسباب الشرعية الجالبة للنصر والتمكين، والسبب السابع: الصبـر والثبات، وثامن أسباب النصر: إقامة الصلاة والإكـثـار مـن ذكر الله سبحانه واستغفاره ودعـاؤه والاستغاثة به واللجوء إليه، أما تاسع الأسباب: التجافي عن طريق أهل الضلال ومسالك أهل البطر والرياء، والسبب العاشر الدعاء الدعاء، فإن من حق إخوانكم في الأرض المقدسة عليكم نصرتهم بالتضرع إلى الله والدعاء والإلحاح عليه، والتذلل بين يديه سبحانه، وسؤاله عاجل النصر والثبات والتمكين، فالله الله إخوة الإيمان.. الله الله في إخوانكم.. الدعاء الدعاء. وبين خطيب المسجد الحرام أن هذه الأسباب العشرة من أهم أسباب النصر المبين والعزة والتمكين، استنهاضا للهمم، ورنوا لبلوغ القمم؛ للدفاع عن رمز مقدسات الأمة وحرماتها، المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين ومسرى سيد الثقلين، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، في هذه الآونة الراهنة، والأوقات الدامية التي تمر بها أمتنا الإسلامية، في ظل العدوان الصهيوني الغاشم، والهجمة المدمرة المستعرة، في عنجهية واستكبار، وتجبر ومكر كبار، وسطوة شعواء، على المستضعفين من المدنيين الأبرياء، والأطفال والشيوخ والمرضى والضعفاء، الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا..، والتي يعاني من بطشها وضراوتها وقسوتها إخواننا في فلسطين الأبية؛ لقد دمروا البلاد، وأفنوا الذرية والعباد بأقمإ الوجوه وأقسى الأكباد، وأفتك الصواريخ والقنابل والعتاد، في كارثة إنسانية بشعة، فاللهم رحماك رباه رحماك، وحسبنا الله ونعم الوكيل. فيا إخواننا في فلسطين: صبرا صبرا، وثباتا ثباتا، وكلنا أمل وتفاؤل واستبشار، ألا إن نصر الله قريب. ثم اختتم الشيخ السديس خطبته قائلا: تقتضينا أخوتنا القعساء، وعقيدتنا الشماء، مؤازرة أهالينا في فلسطين الإباء؛ ليحققوا الأمن والانتصار، وحقن الدماء والاستقرار، وفك الحصار، ووقف العنف والتهجير القسري، ووصول المساعدات والإغاثة الإنسانية، والنصر قادم بإذن الله، ﴿فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين﴾، ﴿حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين﴾. ألا فاتقوا الله عباد الله، وخذوا بأسباب النصر المبين، يتحقق لكم الظفر والتمكين. وفي الخطبة الثانية، بين الشيخ السديس أن مما يثلج صدور المؤمنين في هذا الأوان، تلك الوقفة المشرفة لبلاد الحرمين الشريفين قيادة وشعبا، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، تجاه الأحداث الرعيبة، والتداعيات الرهيبة في فلسطين، وتوجيههما الكريم بتنظيم حملة شعبية كبيرة لإغاثة إخواننا في غزة وسائر فلسطين، والمساهمة في رفع المعاناة عن المدنيين، وبذل كل ما من شأنه تخفيف المحن المأساوية التي يعانيها سكان القطاع وسواهم، وعقد مؤتمر القمة العربية والإسلامية الاستثنائية الموفقة، وبيانها الختامي الحازم. وإن هذه الوقفة المجيدة الأبية تجاه هذه القضية الشريفة لتأتي ضمن موقف المملكة التاريخي المعهود، بالمؤازرة الريادية للشعب الفلسطيني الشقيق في مختلف الشدائد والمحن التي مرت به. ثم اختتم الشيخ عبدالرحمن السديس خطبته الثانية بالدعاء لأهلنا في فلسطين حيث قال: إلهنا عظم الخطب واشتد الكرب وتفاقم الأمر على إخواننا في فلسطين، اللهم انصرهم وعجل بنصرهم ياقوي يا عزيز، اللهم كن لإخواننا المستضعفين في غزة، اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ونعيذهم بعظمتك اللهم أن يغتالوا من تحتهم، اللهم ارحم الشيوخ الركع والأطفال الرضع، وأنزل السكينة عليهم، وانصرهم على من بغى عليهم ياقوي ياعزيز، ياخير الناصرين، يامجيب دعوة المضطرين، اللهم إنهم مظلومون فانصرهم، إلهنا إلى من تكلهم، إليك نشكوا ضعف قوتهم وقلة حيلتهم، فكن لهم معينا ونصيرا ومؤيدا وظهيرا. اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزم الصهاينة الطغاة المعتدين، وانصرنا عليهم، اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، خادم الحرمين الشريفين، واجعل عمله في رضاك، وارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الحق وتعينه عليه، واحفظ اللهم ولي عهده ووفقه إلى ما تحبه وترضاه وإلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، اللهم من أراد بلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميرا عليه ياسميع الدعاء، اللهم احفظ بلادنا وبلاد المسلمين من شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار. اللهم انصر جنودنا المرابطين على ثغورنا وحدودنا، ووفق رجال أمننا، اللهم تقبل شهداءهم، واشف مرضاهم، وعاف جرحاهم، وسدد رميهم ورأيهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.
مشاركة :