عصابات السوشال ميديا

  • 5/16/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عالم السوشال ميديا عالم يشابه عالمنا الحقيقي، فهو كوكب افتراضي له دول ودويلات، حدود وشعوب، بيئات وسكان بأطباع وسلوكيات متباينة، الفرق بين العالميْن هو الحزم في ضبط شعوبهما. ففي العالم الحقيقي هناك قوانين صارمة وضوابط تجعل من الأخطاء والتجاوزات جرائم يلاحق مرتكبوها ليعاقبوا، وبذلك تكون حرية الفرد وفق معايير مشروطة تضمن الحفاظ على أمان الحرمات الثلاث المال والنفس والعرض، ولكن في مواطن السوشال ميديا المختلفة هذه الحرمات مهدر دمها الى حد كبير، فعلى رغم الانتباه أخيراً الى أهمية تفعيل ضوابط قوانين عالم التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية من خلال الجرائم المعلوماتية، إلا أن قوانينها مازالت عاجزة عن ردع كل «همّاز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم». انفلات الأمن في مواقع السوشال ميديا جعل منها مدن مشبوهة تسكنها عصابات النصب والاستغلال والحقد والسب والتعدي من دون رادع قوي يمنع الأذى الذي لا يقتصر على الشخص نفسه، بل يتعداه الى المجتمع، وبالتالي الوطن. جنح وجرائم السوشال ميديا تعددت والأذى واحد، فبعضهم ما ان تطرح موضوعا للنقاش يخالف معتقده وما يؤمن به هو حتى يأتيك بكل ما أوتي من قوة ينتقص منك، يتهمك، يسقط عليك عقد توجساته من رأيك، عقول لا ترى إلا ما تريد، ومن يخالفها تسلط عليه «سوط» لسانها وحرفها بطرق يقف القانون عاجزا عن ردعها إن كان صاحبها يكتب متسترا بستار الأسماء الوهمية والحسابات التي تفتح بطرق مشبوهة لا يعرفها إلا من تعمد الأذى وهو آمن من سلطة القانون. هناك نوع آخر من عصابات السوشال ميديا، يمكن أن نطلق عليه صفة المغرور الذي يرى أنه فوق الكل والفاهم لكل شيء، على رغم أنه نكرة في عالم المعرفة، نوع مصاب بجنون العظمة مع العجز في وضع بصمة تليق، لذا يرى نفسه الأفضل في الوقت الذي يفتش فيه عن الناجحون في نفس مجاله ليسقط فشله على تميزهم. يكتب بكل جرأة باسمه الصريح، يبث سم حقدة لمن ينافسه أو يختلف معه، يتكلم بالعرض والشرف، يدخل في الحياة الشخصية والعملية ويدس أنفه علنا بكل ما يتعلق بك ويطرحه على صفحات مواقع التواصل. ولكن، تلميحاً من دون الإشارة للشخص المعتدى عليه بشكل صريح. وهنا المصيبة فهو آمن بعيد عن قبضة يد القانون لأنه فقط لم يطرح في مواقع السوشال ميديا اسم خصمه الصريح على رغم كل التلميحات التي تدل عليه، وهنا سؤال للجهات المسؤولة، هل يصح ذلك، وإلى أي جهة يجب أن يلجأ المعتدى عليه لينال حقه ويردع ذلك الفاشل الحقود؟ هناك أيضا العدو الذي يلبس لباس الطيبة والنصح، إما بلسان الدين، أو بلسان تسليط الضوء على الحقوق والمطالبة بها، هو عدو إما خارجي أو داخلي يعرف من أين تؤكل عقول السذج، فيبث سمومه بقطرات سم موزونة تقتل عقول البسطاء خصوصا الشباب في فورة العمر ببطء ليتحولوا لأفاع أول ما تلدغ؛ تلدغ مجتمعها ودولها وأهلها. مافيا السوشال ميديا طالت الأطفال أيضا وللأسف بأيد أهاليهم الذين حولوا الطفولة الى شيء كريه بغيض متبجح لا قيم له ولا أخلاقيات ولا عيب أو محضور، ولن ننسى أيضا مشاهير السوشال ميديا الذين ركض كثير منهم خلف شهوة الشهرة والمال ونسي الصدقية والأمانة فأغرق مواقع التواصل بإعلانات كاذبة لمنتجات رديئة مضرة تضر بمستخدميها وتدخلهم نفقاً لا خروج منه. المشكلة أخطر مما نتوقع فما الحلول يا ترى؟ قد يكون الحل ألا يتم فتح أي حساب إلا ببيانات رسمية كالهوية أو الجواز أو الإقامة، وحبذا لو يكون هناك اتفاق تعاون بين الدول ليسهل ضبط وردع الحسابات الوهمية، من الحلول أيضا أن يمنع أي مشهور داخليا أو من الخارج بالإعلان عن أي شيء إلا بتصريحات صارمة من الجهات المسؤولة، أما بالنسبة للأطفال فبدأت قوانين الضبط بالفعل، ولكننا نريد أن نرى تطبيقا على أرض الواقع، فسخفاء المواقع من الأطفال مازالوا يملأون مواقع التواصل بعفن طرحهم. أما فيما تعلق بحسابات اصطياد العقول الساذجة لضرب الوطن والمجتمع فلا أنفع بعد الاحتياطات الأمنية من زيادة وعي المجتمع بكل الطرق الممكنة لنأمن شرهم. في النهاية الوطن يستحق ونحن نستحق أن نعيش في بيئة آمنة من عصابات السوشال ميديا.

مشاركة :