استجوابات وزراء النفط بدأت مع عبدالرحمن العتيقي عام 1974 عن حجم احتياطي النفط، وعن العمالة الكويتية. ولعل أقوى استجواب كان مع الشيخ علي الجراح الصباح عام 2007، في حين فضّل ابن القطاع هاني حسين الاستقالة، تجنّباً لمواجهة استجواب مستحقّ عام 2013، وقبيل الاستقالة بأيام جرت تغييرات عديدة في المناصب القيادية، ومضت 5 سنوات على تلك التغييرات، ولم تضِف جديداً، بل زادت المشاكل عقب خسارة الكويت قضية تحكيم مع شركة داو كيميكال، دفعت بموجبها 2.5 مليار دولار اكبر غرامة مالية، عرفها تاريخ التحكيم الدولي، لاحقا تدهورت العلاقة بين الوزير علي العمير وبعض القيادات لرفض تنفيذ بعض قراراته؛ في سابقة لم تشهد مثلها الدولة، ثم تدهورت العلاقة بين موظفي القطاع وبعض القيادات النفطية، وأدى ذلك الى إضراب عام 2016. وانتهت العلاقة بالتقاضي. فأي نوع من العلاقة الوظيفية خلقته هذه القيادات مع موظفي النفط؟ وأي نهج رسّخته لاستمرارية الارتباط الوظيفي؟ فهل هذه ثمار لجنة اختيار القيادات ومخرجات وحدة تطوير القياديين وبرامج K-Lead؟ جاء استجواب بخيت الرشيدي ــــ سادس وزير للنفط منذ عام 2012 ــــ نتيجةً طبيعية بعد استجوابين سابقين لملا حسين والمرزوق. فتح النائبان البابطين والطبطبائي الصندوق الأسود لمؤسسة البترول في قاعة عبدالله السالم، لتعريف الشارع الكويتي حجم المعلومات التي حُجبت عنه، وتزامن الاستجواب مع حملة اعلامية نفطية تناقضت معلوماتها، وزادت التصريحات عن المصافي، في حين لاذت بالصمت عن مصفاة الصين التي رصد لها 9 مليارات دولار، وأضحت نسيا منسيا تماما، كوصف المشاريع المتأخّرة بالانجاز، في حين الانجاز الحقيقي هو وفاء المؤسسة وشركاتها بوعودها التي ألزمت نفسها بتواريخ محددة. فأي تأخير يسمى اخفاقا يترتب عليه ضياع فرص تحقيق ايرادات مالية مبكرة للدولة. وهناك اجابات وضعت للوزير تحوي نقاطا، تتوجب التوقف عندها: 1 – الانبوب المغمور بالبحر الواصل بين SPM وخزانات النفط (سعة الخزانات 6 ملايين برميل) لمصفاة فيتنام بطول 33 كيلو متراً وبقطر 48 بوصة، لا يمكن فحصه بالنفط الخام! بل يفحص بالغاز الخامل لتفادي اي تلوث للبيئة البحرية. 2 – الاستفادة من فرق الاسعار وتوفير 52 مليون دولار من شحن النفط الى فيتنام (4 ملايين برميل) في اغسطس 2017، حيث متوسط سعر النفط الكويتي (انظر الجدول) والتشغيل في فبراير 2018 الاقرب الى رقم الوفر. والحقيقة هي انه لا معادلة سعرية، مدتها 7 اشهر! واذا كان ذلك استثناءً فلماذا لم ترسل المؤسسة مزيدا من النفط للاستفادة من فرق الاسعار، وهناك سعة كافية في الخزانات؟ فهل مبيع النفط الكويتي الىNSRP او الى KPI وفق معدلات التسعير العالمية؟ ام تحصل KPI على دعم؟ 3 – قيل في نهاية 2016 ان نسبة انجاز مصفاة فيتنام %94.6 وان تشغيلها في مايو 2017، اي قبل اغلاق مصفاة الشعيبة بنحو شهر وهي فرصة لتعويض تكرير 200 الف برميل يوميا في فيتنام، إلا ان تشغيلها التجاري تأخّر سنة كاملة! فأين ذهب نفط الشعيبة؟ علما بأن 4 ملايين برميل تغطي تشغيل مصفاة فيتنام 20 يوما، في حين ظل انتاج الكويت ثابتا وفق اتفاق «أوبك»! من جانب آخر، لم تنتج المصفاة سوى 5 ملايين ليتر «بنزين 92» و7 ملايين ليتر «بنزين 95» في اول مايو 2018. ووفق الاتفاق تشتري حكومة فيتنام منتجات المصفاة من البنزين والكيروسين والديزل وغيرها بسعر الاستيراد كسعر اساس مضافاً اليه %7 وللبتروكيماويات %3. وما ذكرناه في مقالنا السابق عن خسائر متوقعة من ضياع فرصة التشغيل التجاري مبني على حقائق هي ارقام انتاج المنتجات واسعار السوق. 4 – عرض جدول للتدليل على ان شراء البنزين من الخارج ارخص من تصنيعه خلال 2014 ــــ 2017، الجدول لم يعرض شيئا غير رقم الوفر! لم يبيّّن اي انواع البنزين او مكوناته المستخدمة في المزج ولا عدد الشحنات ولا قيمة شرائها ولا تكاليف النقل الى الكويت! لم يعرض الجدول تكاليف تشغيل مصفاة الشعيبة او مصفاة الاحمدي للمقارنة حتى يستدل على حقيقة رقم الوفر المعادل 115 مليون دولار!! وطالما حقّقت المؤسسة وفرا باستيراد البنزين منذ 2014، فلماذا زادت الدولة اسعار البنزين عام 2016؟ وكيف يفسر آخر بيان لوزارة المالية لزيادة المصروفات بسبب استيراد المشتقات البترولية؟ علما بأن سعر البنزين اليوم واصل الكويت 83.35 دولاراً للبرميل يعادل 160 فلسا لليتر بعد اغلاق مصفاة الشعيبة! ربحية المصافي تعتمد اساسا على نوعيتها بسيطة او معقّدة، ونوعية النفط الخام وتوفّر ادارة تدير الانتاج والتكاليف التشغيلية بجدارة. اما القول ان مصفاة الشعيبة تحقّق خسائر فهذا يعود الى كفاءة الادارة، فكثرة الحوادث والتوقيفات المتكررة غير المخطط لها هي دليل على ضعف القدرات الفنية وارتفاع التكاليف الرأسمالية للمشاريع الكبرى، وزيادة الاوامر التغييرية خلال التنفيذ هي دليل آخر حتى أصبحت هذه المشاريع تحمل علامة استفهام كبيرة حول جدواها الاقتصادية، كما حدث مع مصفاة الزور بدمج مشروع الاولفيننات الثالث لرفع العائد المادي المتدني لها، علما بأن جزءاً من ارباح الشركات النفطية اصلا يعود الفضل فيه الى دعم المؤسسة، أملنا كبير في الوزير الرشيدي لعمل الاصلاحات، وأملنا أكبر في النائبَين البابطين والطبطبائي وأمثالهما. عبدالحميد العوضي خبير متخصّص في تكرير وتسويق النفط
مشاركة :