يستبسل الفلسطينيون هذه الأيام مقدمين المزيد من التضحيات في الذكرى السبعين لاغتصاب العصابات الصهيونية وطنهم ليهيموا مشردين في الملاجئ والشتات. ومحاولات الفلسطينيين عبور السياج الحدودي الذي يفصلهم عن إسرائيل (ارضهم المغتصبة) يرد عليه جنود الاحتلال الإسرائيليون بالذخيرة الحية. وكان يوم الإثنين هو أكثر الأيام دموية منذ بدء الاحتجاجات التي بلغت ذروتها وصولًا لذكرى يوم النكبة. والثلاثاء ارتفعت حصيلة شهداء التظاهرات عند السياح الحدودي لقطاع غزة إلى 61 شهيدًا. من جانبه قال مايكل لينك مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة في بيان الثلاثاء: إن استخدام إسرائيل المفرط للقوة ضد المحتجين عند السياج الحدودي مع غزة يشبه القصاص «للرمش بالعين» وقد يصل إلى حد جريمة حرب. وقال لينك وهو خبير مستقل يرفع تقارير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة: «هذا الاستخدام الصارخ والمفرط للقوة من إسرائيل، أو الرمش بالعين، ينبغي أن يتوقف وينبغي أن تكون هناك محاسبة حقيقية لمن في الجيش والقيادة السياسية الذين أمروا أو سمحوا باستخدام مثل هذه القوة مرة أخرى عند السياج الحدودي في غزة». وشكلت الاحتجاجات خلفية سوريالية لحفل الافتتاح الذي تزامن مع ذكرى النكبة. وفي كلمته على الهواء للمشاركين في الحفل اعتبر الرئيس ترامب القدس المحتلة عاصمة أبدية للشعب اليهودي، لينتقل بذلك الصراع في الشرق الأوسط إلى مرحلة جديدة. و«النكبة» هي كلمة العربية وتعني «الكارثة»، حيث اجبار 700000 فلسطيني على مغادرة وطنهم في مايو عام 1948 لتستمر عمليات المطاردة والطرد والقتل والزج في السجون حتى اليوم. وتعتبر نكبة للشعب الفلسطيني بقدر ماهي نكسة للقيم والمبادئ الفاضلة في عالم الكلمة فيه للأقوى. وفي هذا السياق، تقول صحيفة ذا اتلانتك الأمريكية: «قبل النكبة كان يقيم على هذه الأرض مجتمع فلسطيني كبيرعميق الجذور، انقلب خلال عدة شهور إلى دولة إسرائيل اليهودية، حيث اختفى مجتمع بأكمله، باستثناء مجموعات صغيرة تعيش في جيوب محاصرة». وفي ذكرى النكبة ينتظم الشعب الفلسطيني كل عام في مسيرات ومصادمات مع قوات الاحتلال، ملوحين بمفاتيح بيوتهم المغتصبة وبكل ما يرمز لقراهم ومدنهم محاولين ايقاظ ضمير المجتمع الدولي ولفت انتباهه لقضيتهم وابقاءها حية تنتقل من جيل الى جيل. وتضيف ذا اتلانتك «إنهم (الجنود الاسرائيليون) يعزلون هؤلاء الرجال من الوصول إلى القرى المجاورة على الجانب الإسرائيلي والتي نزح منها العديد من عائلاتهم في الأربعينيات» وأوضحت المجلة في مقالها: «قد تصبح هذه المظاهرات نقطة اشتعال تاريخية أخرى، وإذا لم يكن الأسوأ يحدث هذه الأيام فسيحدث ذلك عاجلًا أو آجلًا، وإلى أن نتصدى للإرث السياسي والثقافي للنكبة فسيكون الهدوء والاستقرار والحياة الطبيعية صعبة على إسرائيل وبقية الشرق الأوسط» وكان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قد أعلن قبل عشرين عامًا، يوم 15 مايو من كل عام يومًا للاحتفال الرسمي ردًا على احتفال إسرائيل عام 1998 بمرور نصف قرن على تأسيسها، وكان الاحتفال يتم بشكل غير رسمي منذ العام 1949. والحال كذلك يوجد ما يزيد عن خمسة ملايين فلسطيني يعيشون في الشتات والمخيمات وعلى قناعة تامة بحقهم في العودة إلى أرضهم، فيما ترفض إسرائيل الاستجابة لهذا المطلب، متعللة بانه يخل بالطبيعة اليهودية للدولة في تحد للقرار رقم 194 الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1948، والذي أيد وأكد على الحق الفلسطيني. وبعد افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، تحتفل الدول التي تتجاهل حق الشعب الفلسطيني وتقدم الدعم المالي والسياسي لبناء المستوطنات ولصناعة الحرب الإسرائيلية علنًا مع كيان مغتصب تأسس من خلال التطهير العرقي بما يسميه الذكرى السبعين للاستقلال.
مشاركة :